يجمع المحللون والمتتبعون للشأن الفلسطيني على أن المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني في حق أهل غزة من الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل، ما هو إلا رد فعل همجي وحشي على ما أصابه في مقتل يوم 7 أكتوبر: الضربة القاصمة التي نفذتها كتائب القسام وسرايا القدس، التي قصمت ظهر البعير، وأثخنت جراح الخنزير الوحشي، ويجمع الجميع على أن جرح الخنزير عوض قتله، يحوّله إلى حيوان أشرس، وقادر على أن يعيث فسادا في طريقه نحو الهروب أو الانتقام.
أمام هذه الوحشية منقطعة النظير في القرن الـ21، وأمام العالم “المتحضِّر” في حضارة الزيف والكيل بعدة مكاييل والنفاق وسقوط الأقنعة عن “الأخلاق” لمن لا خلاق له، تبقى المقاومة صامدة وتتمدد، وتضغط وتملي على العدو أوراقا وحسابات لم يأخذها العدو في الحسبان.
سبعة عشر يوما من تقتيل المدنيين بغية تهجيرهم لتنفيذ مخطط خبيث بالمنطقة ككل وليس في غزة فقط، وتصفية القضية الفلسطينية برمَّتها وليس حماس لوحدها، تتأخر كل مرة العملية البرية التي يهدد بها الكيان المحتل تحت ذرائع كثيرة الكل صار يعرفها.
غير أن أهم نقطة نودُّ الإشارة إليها في هذا المقام، هي الطريقة التي أجريت بها عملية إطلاق الأسيرتين الأمريكيتين، وكيف ولماذا رفض الكيان تسلُّم اثنين من الأسرى الآخرين؟
العملية، رغم ما تم إحاطتها بكمٍّ من السرية، إلا أن الأوساط الإعلامية المقرَّبة من المقاومة في غزة، كشفت سببَ رفض الكيان عرضا لحماس بإطلاق أسيرين اثنين: رجل وامرأة، رفض الكيان الصهيوني تسلّمهما، مما أثار حفيظة أهالي الأسرى الصهاينة، وشكّل ضغطا قويا على حكومة الاحتلال، بل أن محللي الكيان ذهبوا إلى الاعتراف بأن حماس قامت بوقيعة بين الحكومة وأهالي الأسرى وزرعت فتنة داخل الوسط الصهيوني وهي نارٌ مستعرة إلى حد الآن بينهم.
ما حدث، هو أنه وبوساطة قطرية أساسا، على اعتبار أن بوابة أي مفاوضات تنطلق من الدوحة كونها تستقبل المكتب السياسي لحماس. ما حدث هو أن يوم الجمعة الماضي، وفيما كان المتتبعون يلاحظون غياب أي تحليق لطائرات العدو مدة 5 ساعات من الساعة 3 زوالا إلى الساعة 8 مساء، من دون معرفة سبب ذلك، كان ذلك بضغط من حماس: ألاّ تحلق طائرة مقاتلة ولا طائرة استطلاع صهيونية خلال الفترة المحددة لتسليم الأسيرتين الأمريكيتين للهلال الأحمر الفلسطيني الذي بدوره سيسلمهما للجهات المفوَّضة بذلك. لأول مرة حماس تفرض هدنة لمدة 5 ساعات، لم تحلّق فيها حتى طائرات الاستطلاع التي لا تبارح سماء غزة ليل نهار. لقد تمكّنت حماس من فرض شروط تسليم لم يقبل بها الصهاينة إلا على مضض، كون ذلك قد أعطى فرصة ومهلة شبيهة بهدنة غير معلنة، مكّنت المقاومة من تغيير الأدوار والمهام والتزوّد اللوجيستي، وما إلى ذلك من شروط الاستمرارية في المقاومة. لهذا، لم يقبل الكيان بتسلم الأسيرين الاثنين اللذين أعلن عنهما الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة وبالأسماء وأرقام بطاقة التعريف.
حماس والجهاد اللذان يملكان اليوم فائضا في عدد الأسرى، يديران بهم أوراق التبادل بشكل مهني وعالي الدقة قطرة قطرة، بعد أن وضعا تصنيفا وشروطا لإطلاق باقي المدنيين المصنفين الآن إلى 5 أقسام، يطلق سراحهم حسب الأولويات: أولهم المدنيون الأجانب، ثم المدنيون مزدوجو الجنسية. ثالثا، المدنيون من المستوطنين من كبار السن والمرضى، ورابعا المدنيون من المستوطنين، وخامسا وأخيرا الجنود والضباط الصهاينة، وهؤلاء هم آخرُ من يتفاوض بشأنهم في صفقة كبرى لاحقا.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.