النازية الصهيونية لإشعال حرب دينية
النازية الصهيونية لإشعال حرب دينية
د / علي لكحل
2023/10/21
التهجير والقتل الجماعي والمجازر المنظمة ليست وليدة رد فعل صهيوني على هجمات “القسام”، إنما هي مشروع حكومة يمينية دينية متطرفة.
حكومة تضم حـزب “الصهيونية الدينية” وحزب “قوة يهودية” المنتميين إلى اليمين الدينـي الاستيطاني العقائدي، الذي يدعو إلى السيطرة على كل الأراضي الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين وتوسيع الاستيطان في أراضي الضفة الغربية والقدس، وقمع الفلسطينيين وعسكرة المجتمع الصهيوني.
لكل ذلك، كانت سنة 2022 هي السنة الأكثر دموية منذ 2005، استشهد خلالها 234 فلسطيني، وتم تهديم 1058 مبنى فلسطيني في الضفة الغربية.
ما يحدث اليوم، ونحن في سنة 2023، هو استمرار لبرنامج الصهيونية الدينية المتطرّفة وليس رد فعل على هجمات المقاومة، كما تروِّجه الدعاية الصهيونية. وطالما استمر هذا التحالف المتطرف الذي أنتجه المجتمع الصهيوني، فإننا نتّجه إلى نفس النموذج النازي الألماني، إذ وصل هتلر إلى السلطة عن طريق الديمقراطية ليجعل من اليهود علبا للصابون، وتحاول الصهيونية الدينية الآن تعليب الشعب الفلسطيني دفعة واحده مستحضرة التجربة النازية. لذلك، دخل مصطلح الوحشية النازية الصهيونية ضمن أدبيات المقاومة الفلسطينية لتوصيف ممارسات الحكومة الصهيونية المتطرفة.
إن الفهم الصهيوني الجديد لممارسة السياسة هو فهم ديني عنصري متطرف، لذلك، لا يمكن للعالم أن ينتظر مخرجات خطاب سياسي عادي، حان الوقت ليفهم العالم أن الكيان الصهيوني ينتقل وبقوة نحو تسريع عملية الإحكام والسيطرة على الأرض التي يعتبرها المتدينون الصهاينة أرضا مقدسة، ويقتضي ذلك القتل الجماعي للفلسطينيين، وحمل البقية في الضفة وغزة على التهجير القسري بهدف الإعلان عن الدولة اليهودية الخالصة خلال 25 سنة القادمة، يتم خلالها طرد من تبقى من سكان أراضي 1948، أي سكان الداخل الفلسطيني والإطاحة النهائية بقرار حقّ العودة في الذكرى المئوية لتأسيس الكيان الصهيوني.
الثلاثون سنة الماضية 1993- 2023 كانت سنوات إلهاء عبثية لبيع وهم “الدولة الفلسطينية” بعد اتفاق أوسلو، واحتواء المقاومة الفلسطينية، ويخطط الكيان لجعل الخمسة والعشرين سنة القادمة 2023- 2048، سنوات الانتهاء من القاعدة الأساسية لإعلان الدولة اليهودية والتصفية النهائية للقضية الفلسطينية.
إن فكرة التهجير نحو مصر والأردن وبدائل أخرى مرتبطة باعتقاد قادة الاحتلال أن الوقت مناسب لإعلان الدولة الثيوقراطية اليهودية، والتي أعلن نتنياهو حدودها بالأمم المتحدة وهي تضم الضفة وغزة والجولان، وبالتالي، فإن تهجير سكان غزة سيليه التفرغ لسكان الضفة لتهجيرهم نحو الأردن، ثم يليه طرد الفلسطينيين من فلسطين التاريخية أي أراضي 1948، لأنهم يشكّلون خطرا ديموغرافيا على مستقبل الاحتلال.
في النهاية، فإن المشهد يقودنا إلى مخطط صهيوني وغربي لتصفية القضية الفلسطينية نهائيا.
لكل ذلك، فإن ما قامت به المقاومة الفلسطينية وكسبها معركة الرأي العام العربي والإسلامي، ورفض الأردن ومصر مشروع التهجير القسري، كل ذلك وغيره سيضع العصي في دواليب المشروع الديني الصهيوني، ويعجّل بسقوط مشاريع الإبراهيمية والتطبيع، واستمرار جذوة الصراع مشتعلة حتى تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية.
ويحتاج كل ذلك أيضا إلى حلِّ أزمة المشروع الوطني الفلسطيني، من خلال مشروع وطني موحّد يخاطب العالم، فلا يمكن لفصيل واحد مهما كانت قوته أن يواجه لوحده هذا الصلف الصهيوني ومن ورائه الدعم الغربي.
الدعم الغربي غير المحدود للاحتلال يؤكد حقيقتين هامتين:
– أنّ الكيان الصهيوني مجرّد كيان وظيفي لصالح قوى دولية ترعاه، لأجل منع الأمة العربية من الوحدة والتقدّم واستمرار التجزئة.
– أنّ الدعم الغربي يسقط الدعاية الصهيونية التي صورت الكيان قوة عظمى إقليمية تسعى إلى قيادة الإقليم، وهي عاجزة عن حماية نفسها، ففي امتحان بسيط مع فصيل فلسطيني، اضطرّ للاستنجاد بقوى دولية لحمايته.
طوفان الأقصى وانعكاساته، يعد لحظة تاريخية فاصلة عرف فيها العالم حجم الكيان الذي تضخمه الدعاية. الدولة الإقليمية العظمى في مواجهة حزب سبق له إخراجها من غزة عام 2005، واليوم يقدم درسا آخر مؤكدا فيه ورقية هذا الكيان.
إن غزة المحاصرة تمثل مساحة 1.35% من المساحة الإجمالية لأرض فلسطين التاريخية في مواجهة جيش يحتل المرتبة العشرين عالميا لم ينتصر على المقاومة يوما. كل ذلك يثبت تقويض نظرية الأمن القومي للكيان الصهيوني الذي لم يعد قادرا على توفير أمنه، وهو الشيء الوحيد الذي وعد به صهاينة العالم الذين قدموا للاستيطان بأرض فلسطين ولذلك فإن كيانا يحتمي بغيره ليستمر لا يمكن أن يتسيد في الإقليم
إن التطرّف الصهيوني الديني قد يشعل حربا دينية تأتي على الأخضر واليابس ولن يكون ذلك في صالح الأمن والسلم الدولي، هدف المتطرِفين من إشعال الحرب الدينية يستهدف استحضار البعد الهوياتي لضمان استمرار الدعم الغربي، ثم تبرير قيام كيان يهودي خالص، لذلك، حان الوقت لتشكّل رأي عام رسمي وشعبي أكثر اقتناعا بأنّ الكيان الصهيوني قد أصبح المهدّد الرئيسي للأمن الدولي.