كثيرا ما صدّع الغرب غير المعياري، رؤوس الناس بمقولة النازية الهتلرية، وما أسفرت عنه من تقتيل وتدمير وتخريب، ومحرقة لليهود –ظلما- في أفران الغاز مما يسمونه محرقة الهولوكوست، لأن هتلر كان يبغض اليهود ويمقتهم، وكان يردد في مقولاته “يجب على ألمانيا أن تطهر أرضها من رجس اليهود وقذارتهم”، وهي مقولات عنصرية ومعارضة لقيم الأخلاق الإنسانية، حسبما اعتادوا التعبير عنه في أدبهم السياسي والدعائي.
والنازية نظرية عنصرية تقوم على النقاء العرقي، ولا خلاف بينها وبين نظرية تفوُّق الرجل الأبيض، أو نظرية شعب الله المختار، وهذه القواسم المشتركة بين النازية والرجل الأبيض وشعب الله المختار، هي ما جعل الغرب يعقد مصالحة تاريخية بينه وبين بقايا النازيين واليهود، متناسين العداء التاريخي بينهم، وهو العداء الذي كرّسه الادِّعاء النصراني بأن اليهود هم من تحالفوا مع الرومان لقتل المسيح عليه السلام، أما العداء بين الغرب والنازية فكرّسته الحربان العالميتان في تاريخنا المعاصر.
وهذا التحالف بين هؤلاء الفرقاء، فرضته طبيعة الصراع الحضاري بينهم وبين المسلمين والعرب بخاصة، لأن العرب فتحوا العالم بدين جديد، أساس عقيدته التوحيد وتخليص الناس من وثنية الأصنام والظالمين والمعتدين ومصاصي الدماء البشرية، وبهذه العقيدة دكّ العرب الفاتحون معاقل اليهود في بلاد العرب، ومعاقل الصليب في الشام وشمال إفريقيا والقسطنطينية وشرق أوروبا وأقصى البلدان الآسيوية، وهذه الأحداث العظام، هي ما جعل الغرب واليهود والهندوس يحقدون على العرب والإسلام، ويتحالفون من أجل إضعاف تمدّده وقوته ونفوذه.
وهتلر حينما أعلن حربه على الغرب والشرق واليهود، استعمل الأسلوب الحربي ذاته الذي تستعمله اليوم عصابة الكيان في غزة، واستعمل الدعاية العنصرية نفسها التي استعلى بها على بني قومه ونحلته من الشعوب الأوروبية ذات العرق الآري الواحد، وهي الدعاية التي تستعملها عصابة الكيان اليوم، في دعاياتها السياسية والعسكرية، إذ أطلق وزير دفاعهم اسم “الحيوانات البشرية” على سكان غزة المغدور بهم، ومتى كان الذي يدافع عن أرضه وحقوقه وشرفه يوصف بهذه الصفات القبيحة وغير المؤدبة؟ وإذا سلّمنا بأن ما فعلته المقاومة مع المغتصبين تصنّفهم في خانة هذا التوصيف، فمن باب أولى أن تتسمى عصابة الكيان النازية بالوحوش الضارية، على ما فعلوه بالأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى في غزة.
هتلر حرّق المدن الأوروبية على أهلها بالأسلحة المحرمة قانونا، ولم يترك فيها حجرا على حجر، وكانت قاذفاته وراجماته ومدافعه، توجِّه نيرانها إلى كل ما فيه حياة أو نشاط أو حركة أو مدنية أو حضارة، ولا تفرِّق بين إنسان وحيوان، ولا بين شجر وحجر، ولا بين جندي ومدني، ولا بين كبير وصغير، ولا بين صحيح ومريض ولا بين رجل وامرأة، حتى أهلك ما يتجاوز 50 مليونا من الضحايا، وهذا ما جعل بني قومه ودينه من قارته يبغضونه ويمقتونه، ويصفونه بالهمجية والوحشية والعنصرية، بل جعلوه أكثر من الحيوانات الضارية وحشية.
لأن الضواري تقتل بقدر حاجتها من الأكل ولا تزيد، وتترك بقية الحيوانات في مراعيها تستلذّ طيب المأكل والحياة، والغرب أبغضوا هتلر وكرهوه، لأنه أذلَّ كبرياءهم وفضح كذبهم ونفاقهم وغطرستهم، وقهرهم بقوة النار وسامهم سوء العذاب، وفضحهم أمام العالم وحطّ من أقدارهم وانتقص من عظيم قواتهم التي كانوا يتباهون بها أمام المستضعفين في مستعمراتهم، ولو فعل بغيرهم من الشعوب الأخرى ما فعله بهم لمجَّدوه وعظّموه وجعلوه بطلا قوميا ورمزا دينيا كبيرا، مثلما يفعلوه اليوم مع عصابة الكيان في فلسطين التي اغتصبوها من أهلها التاريخيين، ومنحوها لبقايا الهولوكوست، من شذاذ الآفاق من شتات المتعصبين والمارقين على الأخلاق والروح الإنسانية والقانون الدولي.
وقد عاثوا في الأرض فسادا وإفسادا، بانتهاك شرف الإنسان والإنسانية، بالسلب والاغتصاب والقتل والتقتيل وتعرية النساء الأسيرات، والأسْر والسجن، والتدمير والتخريب والتحطيم، والتعطيش والتجويع والحرمان، ومنع الأكل والشرب والدواء عن الجميع، من غير تفريق بين المقاتلين والمسالمين، والتهديد بالويل لكل من يُسعفهم من الدول والمنظمات الإنسانية، بطعام أو شراب أو دواء، كل ذلك بمباركة من شيخهم الكبير بايدن الذي كنا نحترمه ونعتبره رجلا حكيما ورزينا وديموقراطيا، ويأبى الظلم والقهر والمنكر.
وهذا الغرب المخادع الذي فضح نفسه، بأكذوبة الديمقراطية وحقوق الإنسان والأقليات القومية والدينية، كيف أصبح يؤيد عصابة الشر الصهيوني جهارا نهارا، على مصادرة الأراضي الفلسطينية، وإقامة المستوطنات للقطعان المذعورة بطريقة مخالفة للوائح مجلس الأمن والأمم المتحدة، وحين ينتفض المقاومون الفلسطينيون على الظلم والطغيان والجبروت الصهيوني، ويقومون بعمليات جراحية يتيحها لهم القدر، لتنظيف الأرض المباركة من دنس القطعان الهائجة، ينتفض الغرب كله وعلى رأسهم الرئيس بايدن، ويحرّضون عصابة الكيان المارقة، لنسف المساجد والأبراج والعمارات والمدارس والمصحّات والبنية التحتية، على أهلها من المدنيين النساء والشيوخ والأطفال في غزة المقاومة.
سيّرَ العجوز بايدن أسطوله وبوارجه وطائراته، في استعراض خائب ومخجل أمام شواطئ لبنان وفلسطين التاريخية، للاستقواء على مقاومين مستضعَفين يقاتلون بوسائل بدائية، دفاعا عن أرضهم وشرفهم وحقوقهم المغتصَبة، ولتشجيع عصابة الكيان على مزيد من التدمير والتقتيل والتهجير، وترهيب أيِّ دولة عربية مازال بها رمقٌ من حياة، تسوّل لها نفسها مساعدة المحاصَرين في غزة، بالقنابل الفوسفورية والانشطارية المحرمة دوليا بلوائح مجلسهم الكاذبة.
ولم يكتفوا بذلك فحسب، بل زاد عليها العجوز بايدن بأن سيّر أسطوله وبوارجه وطائراته، في استعراض خائب ومخجل أمام شواطئ لبنان وفلسطين التاريخية، للاستقواء على مقاومين مستضعَفين يقاتلون بوسائل بدائية، دفاعا عن أرضهم وشرفهم وحقوقهم المغتصَبة، ولتشجيع عصابة الكيان على مزيد من التدمير والتقتيل والتهجير، وترهيب أيِّ دولة عربية مازال بها رمقٌ من حياة، تسوّل لها نفسها مساعدة المحاصَرين في غزة، بالقنابل الفوسفورية والانشطارية المحرمة دوليا بلوائح مجلسهم الكاذبة.
وقد بالغت إدارة بايدن في الوقاحة والازدراء، حين طلبت من رئيس السلطة الفلسطينية إدانة هجوم المقاومة، وكأن المقاومة هي من اغتصبت أرض الكيان وداست على مقدساته الدينية والتاريخية، والأثر يقول: إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
ومقتُهم ونقمتهم للنازية الهتلرية، أن النازية قهرتهم وأذلتهم وكشفت عوراتهم أمام العالم، أما مباركتهم وتبريكاتهم للنازية الصهيونية، وتحريضهم على خوضها حرب إبادة مفتوحة تبيد الإنسان الفلسطيني المقاوم، وإتِّباع سياسة الأرض المحروقة في غزة، تحرق الأرض والشجر والحجر والحياة، لأن النازية الصهيونية تبيد وتدمر وتحرق جنسا لا ينتمي إلى عرقهم ودينهم وحضارتهم، وهذا هو هدفهم الأسمى المشترك المستمد من عقائدهم التلمودية، المحرِّضة على إبادة كل إنسان غير يهودي، وهي العقيدة التي أصبحت مرجعا للعقيدة المسيحية الإنجيلية، وبسبب هذه العقيدة العنصرية كرههم هتلر، واعتبرهم شياطين في صور آدميين.
إن تدمير غزة بهذا الشكل الجنوني، ينمّ عن حقد دفين في نفوس عصابة الكيان، وكأنهم وحوشٌ خرجوا من أدغال غابات لم يروا فيها حياة عامرة، وقد امتدت أيديهم القاتلة إلى الصحفيين فلم يسلموا من غدرهم ووحشيتهم، إن فرنسا الاستعمارية رغم بشاعة ما فعلته في الجزائر، إلا أنها لم تمنع الطعام والماء والدواء عن أبناء القرى المؤيدين للثورة، وهي تعلم بأنهم يأوون الثوار، فجرائم عصابة الكيان اليوم في غزة، لم يُعرف لها مثيلٌ في التاريخ البشري، إلا ما فعله الأمريكيون بالهنود الحمر من تقتيل وتحريق وإبادة جماعية، وما فعلته النازية من تقتيل وتحريق وتخريب ودمار.
ولو صدقت إدارة بايدن في التباهي باستعراض قوتها وجبروتها، لسيّرت أساطيلها وبوارجها إلى البحر الأسود، لتواجه روسيا سِنْوَها في القوة والعظمة، وهي التي دمّرت حليفتها أوكرانيا، ولم تترك لها حركة تنبض بالحياة، أما عرب التطبيع الذين خانوا قضيتهم القومية، فهم الذين جرّأوا عصابة الكيان وأمريكا ودولَ الغرب والعالم على مناصرة الكيان وتجريم المقاومة، ولذلك سيتحمّلون المسئولية الدينية والتاريخية على ما فعلوه بإخوانهم، وقد سمعتُ تسجيلا لأحد أتباعهم يدين المقاومين ويصفهم بـ”الإرهاب”، ويتباكى على المستوطنين المدنيين المسالمين، المعتدى عليهم –ظلما- وهم يحتفلون ويرقصون ويشربون في أمان.
وهذا السلوك المقبوح الذي خالف الطبيعة الإنسانية وحتى الحيوانية، جعل العالم يضحك بهم، ويتندّر عليهم في ليالي سمرهم، لقد رأينا الحيوانات تدافع عن أبناء جنسها حين تهاجمها الضواري، وتقاتل عنها بشراسة منقطعة النظير، وهذا الكائن الغريب الذي فقد شرفه ومروءته، يدافع عن كيان غاشم ومعتدٍ، ويدين أبناء قومه ودينه، قال تعالى: “وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ “، (القرة: 120). وقال أيضا: “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ” (المائدة: 51).
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.