تمرّ الأيام الأولى، مما صارت تسميه بعض الصحف الصهيونية “العدوان الفلسطيني” على إسرائيل، بكثير من الفخر، بعد أن تحوّل الصراع إلى نار مشتركة ما بين الطرفين، وصليل ضرب الحديد بالحديد بين فصائل معزولة، لا تكاد تنعم بالأكسجين ككل خلق الله، و”دولة” يقال إن أعتى دول العالم إلى جانبها، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي نسيت كل مشاكلها وصراعاتها الانتخابية، وحتى جائحة كورونا التي تقتل إلى غاية اللحظة، ما لا يقل عن عشرة أفراد يوميا، وبلغ تعداد وفياتها المليون ومائتي ألف نسمة من الأمريكيين.
الإسرائيليون أدركوا الآن أنهم لن يربحوا الحرب حتى ولو حسموها بتفوُّق في أعداد القتلى بين الطرفين، لأن الناس ستحفظ وإلى الأبد ذلك المشهد التاريخي الذي صنعه رجالُ المقاومة الفلسطينية، وبيّنوا للعالم ولأبناء الأمة، أن هذا الكيان مجرد وهم، غير قادر على مقارعة أبطال المقاومة، بدليل أنه أعلن حالة الحرب، وقد تكون أول حرب في تاريخ البشرية بين من تسمّي نفسها دولة عظمى لا تقهر، ومن تسميهم هي نفسها “كمشة من الإرهابيين”، وهي في الحقيقة حرب وجود بالنسبة للإسرائيليين لأنهم دخلوا في امتحان عسير جدا، بعد أن كانوا يخوضون الحروب في قلب مصر وسوريا والأردن ولبنان، وهم يخوضونها الآن في شوارع مستوطنات غلاف غزة.
صوت صافرات الإنذار، ومنظر الهاربين والمختبئين في الملاجئ، ورائحة الدخان والنار ومذاق الهزيمة في حلق الإسرائيليين، هو في حدّ ذاته أكبر خسارة تكبّدها الإسرائيليون منذ أن أعلنوا ذات ماي أسود من سنة 1948 قيام “دولتهم” على أرض فلسطين المحتلّة.
لعب الإسرائيليون في كل حروبهم الكلاسيكية مع العرب من 1948 إلى 1973 وحتى في عدوانهم برفقة الإنجليز والفرنسيين على مصر سنة 1956 واجتياحهم للبنان سنة 1982، دور المظلوم الذي يحصي دائما عدد الدول العربية التي تحاربه، و”يتمسكن” بكونه محصورا جغرافيا بين “الحاقدين”، وكان يخرج منتصرا بدعم من القوى الكبرى عسكريا وحتى ماليا عندما تتهاطل عليه الهِبات، ولكنه الآن، يجد نفسه مدعما من حلفائه وحتى من بعض العرب وهو يواجه فصائل معزولة لا قوة ولا حول لها، كما يقول هو قبل غيره.
جاء الحق فعلا وانقلبت المعادلة رأسا على عقب، وحتى فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية اللذان يمدان نتانياهو بجرعات متواصلة من المعنويات والوعود، ما صارا قادرين على مجابهة الفيروسات المجهرية والحشرات السريرية الصغيرة.
تهيأت للأمة فرصة العمر، لأجل قبر نهائيا حكاية الوهم الإسرائيلي الذي لا يُقهر، وعرفوا أن المظلوم لا بد وأن ينصره الله، طال الأمد أم قصُر، ومهما حاول بعض المطبعين والمتصهْينين، استصغار ما قام به الأبطال ووصفهم بـ”المغامرين والمُلقين بأنفسهم إلى التهلكة والمنتحرين”، فإنَّ ما يتهاطل من اعترافات من بلاد الغرب ومن الإسرائيليين أنفسهم، يُغنينا عن سماع هؤلاء الإنهزاميين والعملاء الذين يعملون محامين لدى الصهاينة من دون مقابل.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.