الرأي 56 مدرسة في قرية ل- محمد الهادي الحسني 2023/10/04
منذ أكرم الله -عز وجل- هذه الأرض وسكانها بالإسلام، أقبلوا على كتاب هذا الدين وهو القرآن الكريم، يحفظونه في صدورهم، وينشرونه في تجمعاتهم السكانية في الحواضر والبوادي، وينفقون عليه بسخاء، ويرفعون معلميه إلى أعلى المراتب، ويقدّرون كل من ينتسب إليهم، وقد كانوا في بعض المناطق التي توجد بها زوايا القرآن، يترجلون إذا مروا بها، ولا يعودون إلى ركوب بهائم حتى يتجاوزون تلك الزوايا، تقديسا للقرآن الكريم، وتبجيلا لأهله، كيف لا و”هم أهل الله وخاصته”، كما جاء في حديث من أنزل عليه هذا القرآن.
ومن المناطق التي اشتهر سكانها بكثرة حفّاظ القرآن الكريم منطقة “زواوة”، التي ضمّت عددا كبيرا من “المعمرات”، أي المدارس القرآنية، وصار يضرب بهم المثل في بعض المناطق في جودة حفظ القرآن الكريم، فقيل عمّن يحفظ القرآن حفظا جيّدا أن حفظه “حفظ زواوي”.
وابتلينا بأقذر استخراب، وأبشع “بشر”، وهم الفرنسيون الذين فاقوا “تسعة رهط في الفساد والأمر بالفساد، و”التفنن” في الفساد..
وانصب فسادهم على العلم وأهله وأوقافه.. فقد تعهدوا بـ”شرفهم !” أنهم لن يمسوا شيئا من مقدساتنا وحرماتنا. ولجهلنا بهم، “صدّقناهم” فإذا هم أكذب الكاذبين، حتى قال أحد المعجبين بهم “إن الفرنسيين إذا لم يجدوا من يكذبون عليه، كذبوا على أنفسهم”، فلما خبرناهم تأكّدنا أنهم أفسد الفاسدين، إلى درجة أن الإمام عبد الحميد بن باديس ترك لنا كلمة لن تنسّخ مادام هناك جزائريون أحرار وأصلاء وفرنسيون، وهي: “والله لو طلبت مني فرنسا أن أقول لا إله إلا الله ما قلتها”. وسندي في هذا القول هو الشيخ عبد الرحمن شيبان، عن الشيخ الشهيد مجهول القبر العربي التبسي، عن الإمام ابن باديس، فلعنة الله على فرنسا. وعلى مذهب الإمام محمد البشير الإبراهيمي القائل: “وإلى الآن لم يرزقنا الله حاسّة نفرق بها بين فرنسي وآخر”، فكلهم في الإجراء سواء، وأكثر جرما منهم من يصدقهم حاليا ومستقبلا، فهم كذبة فجرة.
يقول كبير الفرنسيين المجرمين، شارل لافيجري، الذي كان شعاره إبعاد الجزائريين عن القرآن الكريم ما معناه “إن مهمتي هي محاربة القرآن في الجزائر”، وأنفق في ذلك أموالا طائلة، وبذل هو ومجرموه الآباء البيض، والأخوات البيض، والإخوة البيض المسلحون، بذلوا جهودا جبّارة في صد الجزائريين عن القرآن، ومما قاله هذا السفيه: “إن سكان منطقة القبائل لم يكونوا يعرفون القرآن، وأن الإدارة الفرنسية هي التي نشرت الإسلام وعلّمت القرآن”. (محمد الميلي: المؤتمر الإسلامي. ص: 172.171).
وكذّب فرنسيون كبيرهم الذي علمهم الكذب، حيث جاء في تقرير لهم أن منطقة “الأربعاء ناث إيراثن” وحدها كان فيها “56 مدرسة قرآنية” عندما وصل المجرمون الفرنسيون إلى المنطقة. والتقرير يوجد في Aix en Provence، وقد ذكر رقمه محند الطاهر واعلي في كتابه “التعليم التبشيري في الجزائر” (ص: 60، هامش 21). لقد شهد الفرنسيون على أنفسهم أنهم أخس من عليها، وهم الآن يدفعون في إفريقيا ثمن خسّتهم، فاللهم زدهم من هذه الخسّة.