الجزائر السلطة الحاكمة تعلن موافقتها والرئيس تبون يكلف عطاف بجولة مستعجلة وساطة الجزائر في النيجر.. قبول رسمي محلي واهتمام دولي
الجزائر
السلطة الحاكمة تعلن موافقتها والرئيس تبون يكلف عطاف بجولة مستعجلة
وساطة الجزائر في النيجر.. قبول رسمي محلي واهتمام دولي
طاهر فطاني
2023/10/02
تلقت الجزائر رسميّا ردّ السلطات في النيجر بقبول الوساطة الجزائرية التي تقدم بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لإيجاد حل سياسي للأزمة التي يمر بها البلد الجار بعد الانقلاب الذي وقع بتاريخ 26 جويلية الماضي.
وحسب ما جاء في بيان لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية فقد “تلقت الحكومة الجزائرية، عبر وزارة خارجية جمهورية النيجر، مراسلة رسمية تفيد بقبول الوساطة الجزائرية الرامية إلى بلورة حل سياسي للأزمة القائمة في هذا البلد الشقيق وذلك في إطار المبادرة التي تقدم بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون”.
ويأتي قبول المبادرة ليعزز الموقف الجزائري المبني على ضرورة انتهاج خيار الحل السلمي، كما ستقطع موافقة النيجر على الوساطة الجزائرية الطريق أمام اللجوء إلى القوة والخيار العسكري الذي هددت به بعض دول مجموعة غرب إفريقيا، كون السلطات في النيجر أبدت استعدادها، بهذا الموقف، للعودة إلى المسار السياسي والنظام الدستوري، من خلال إجراء انتخابات في أقرب الآجال، ما من شأنه الحفاظ على المصلحة العليا للنيجر وتجنب الدخول في نفق يعيد البلاد إلى زمن الحروب.
وتمنح موافقة السلطات النيجرية على مبادرة الرئيس تبون الجزائر غطاء رسميا للدخول في محادثات رسمية وفتح نقاش موسع مع جميع الأطراف النيجرية، خاصة أن بيان الخارجية أشار إلى زيارة رسمية مرتقبة للوزير أحمد عطاف إلى نيامي للبحث عن “سبل تفعيل المبادرة الجزائرية”، والتي أثبت الوقت، أنها لم تمت كما روّج البعض ، بل كانت السلطات الجزائرية تنتظر تجاوبا رسميا لمباشرة التواصل مع الأطراف المعنية بداية من المجلس الانتقالي الذي يترأسه الجنرال عبد الرحمان تشياني والرئيس محمد بازوم وكل الشخصيات السياسية الفاعلة في النيجر.
كما ستفتح موافقة السلطات النيجرية للمبادرة الجزائرية فرصة مدّ السلطات الجزائرية لقنوات التواصل مع دول مجموعة غرب إفريقيا “الإيكواس” كما كان عليه الحال عندما أدى الوزير عطاف زيارة إلى كل من البنين وغانا ونيجيريا.
ومن المنتظر، أن تلقى المبادرة الجزائرية ردود فعل دولية أيضا، خاصة وأن الشركاء الأجانب على غرار واشنطن وبكين وموسكو وحتى باريس بحاجة إلى وسيط ذي ثقة ومصداقية لفهم جيدا حقيقة الأزمة وكيفية الخروج منها، وهذا ما يتماشى تماما مع ما تحمله مبادرة الرئيس تبون التي كانت موجهة إلى الداخل النيجري ثم إلى دول المنطقة ثم المجتمع الدولي الذي يتقاسم مع الجزائر خيار الحل السلمي وإبعاد شبح الحرب على الشعب النيجري.
هذا، وكانت عدة دول دعمت رؤية الجزائر، حيث عبّرت إيطاليا على لسان وزير خارجيتها، عن تثمينها ودعمها الكلي لتصور الرئيس، عبد المجيد تبون، بضرورة اعتماد الحلول السياسية، السلمية كوسيلة وحيدة لإنهاء التجاذبات السياسية، وهي نفس الرؤية التي عبّرت عنها الولايات المتحدة الأمريكية، التي رأت أنه لا تزال هناك فرصة للعمل الدبلوماسي، حسب ما صرح به وزير الخارجية، أنتوني بليكن، في قوت سابق، حيث قال: “لا نزال نركّز بشدة على الدبلوماسية لتحقيق النتائج التي نريد، أي عودة النظام الدستوري، وأعتقد أنه لا تزال هناك مساحة للدبلوماسية لتحقيق هذه النتيجة”.
ومن خلال بعثتها الدبلوماسية في الخارج، شرحت ورافعت الدبلوماسية الجزائرية أمام عدة عواصم وتكتلات إقليمية وحتى داخل الأمم المتحدة، للتصور الذي قدّمه الرئيس، عبد المجيد تبون، المبني على احترام الإطار القانوني للاتحاد الإفريقي الذي يحظر التغييرات غير الدستورية للحكومات، وتجنّب التدخل العسكري الأجنبي.
وركزت الدبلوماسية الجزائرية طيلة الفترة الماضية على تفسير المحاور الستة التي تشكل المبادرة، وهي تعزيز مبدأ عدم شرعية التغييرات غير الدستورية، تحديد فترة زمنية مدتها 6 أشهر لبلورة وتحقيق حل سياسي يضمن العودة إلى النظام الدستوري والديمقراطي، بالإضافة إلى الترتيبات السياسية للخروج من الأزمة وذلك بمشاركة وموافقة جميع الأطراف في النيجر دون إقصاء.
كما يقترح المحور الرابع مقاربة تعتمد على تقديم الضمانات الكافية لكل الأطراف بما يكفل ديمومة الحل السياسي وقبوله من طرف كافة الفاعلين إلى جانب مباشرة الجزائر لاتصالات ومشاورات مع كل الأطراف المعنية، وفي الأخير تنظيم مؤتمر دولي حول التنمية في الساحل.
ويعكس القبول الرسمي للوساطة الجزائرية والموافقة المبدئية لعدة دول للمبادرة ارتياح تلك الأطراف الدولية لجدية المبادرة الجزائرية، وتعزيز دور ومكانة الجهود السياسية والسلمية لحل الأزمات بدون حسابات ضيقة.