“كَذَبَ الجغرافيونَ ولو صَدَقُوا”ل-محمد الهادي الحسني
لرأي
“كَذَبَ الجغرافيونَ ولو صَدَقُوا”
محمد الهادي الحسني
2023/09/27
أكثرُ أهل الأرض إجراماً كيفاً وكَماًّ هم الفرنسيون، أفراداً ودولة، وأخشى ما أخشاه –وجيلي يَسْتَدْبِرُ دنياه ويستقبل أخْرَاه، الشاهد على هذه الجرائم- أن تأتي أجيال المستقبل فلا تصدِّق أن بشرا خطرت على بالهم مثل هذه الجرائم، وتفننوا في تطبيقها، لأننا لم نسجلها بالتفصيل وبشواهدها، حتى إن أنبل ما يميز الإنسان، وهو التعليم والتربية تحوَّل عندهم إلى “تكوين عبيد”. (روجي جارودي: في سبيل حوار الحضارات، ص 86).
عنوان هذه الكلمة هو للإمام محمّد البشير الإبراهيمي الذي اكتوى بنار الفرنسيين المجرمين، أعداء الإنسانية، وقد جاءت هذه الكلمة في أحد مقالاته عن جرائم فرنسا في ميدان التعليم، وملخص القصة أن أهل قرية تِيغْلِيتْ في منطقة زواوة أجمعوا أمرهم على أن يدفعوا قليل مَوْجُودهم في سبيل وجودهم، فأسسوا مدرسة ابتدائية لإخراج أبنائهم من ظلمات الجهل، ومن المدرسة الفرنسية التي تُعدّهم “ليكونوا عبيداً”.
اكتملت المدرسة، وطلب سكان القرية من جمعية العلماء إمدادهم بمعلم، فبعثت إليهم الجمعية معلما، لم تأت به من مصر، ولا من العراق، بل من عمالة قسنطينة، وشرع في تعليم الأولاد تعليما بسيطا ليس فيه كيفية تحطيم الذرة، ولا كيفية تحضير القنبلة الذَّرِّيّة، و”إنما هو تعليم لأشكال الحروف العربية وتركيب الكلمات منها”. (أثار الإمام الإبراهيمي، ج3، ص225).
وجَنَّ جنُونُ فرنسا المجرمة، عدوة العلم، فأصدرت حكمها المجرم بإخراج المعلم من القرية مشيا على الأقدام، “لأنه أجنبي” فهو “من قرية تسمى تامْلُوكة، تابعة لِنَانْكِينْ من بلاد الصين لا لقسنطينة”. (المرجع نفسه).
من أقذر ما عملته فرنسا المجرمة أنها عملت المستحيلات لتفرِّق بين الجزائريين الذين “جمعتهم يد الله” كما قال إمامنا عبد الحميد ابن باديس، ومما فعلته في هذا الميدان الإكثار في منطقة زواوة من مراكز التنصير، والمدارس اللائيكية، ومراكز التكوين المهني، ومراكز التطبيب المُلَقَّحَة بالمادة الصليبية الاستعمارية لفصل سكان هذه المنطقة عن إخوانهم الجزائريين.. كما منعت معلمي جمعية العلماء من مختلف مناطق الجزائر من العمل في منطقة زواوة، وهو ما فعلته مع الأستاذ حمزة بوكوشة من مدينة الواد، الذي عينته جمعية العلماء في مدرستها بمدينة دَلَّسْ، ولكن فرنسا المجرمة حكمت بإخراجه هو أيضا من مدينة دلس “لأنه أجنبي”، فلما التحق بمدينة تيزي وزو لفتح مدرسة فيها كانت فرنسا المجرمة “أسرع منه” فأخرجته منها. إلى أن فتح بعض أبناء تيزي وزو مدرسة تابعة لجمعية العلماء، ومنهم الأستاذان رابح بونار، وحسن حموتن.
والذين أسسوا منظمة الـ”ماك” الإرهابية، إنما يستوحون أفكارهم الهدامة من هذه السياسة الفرنسية المجرمة، والدليل على ذلك وجود قائد هذه المنظمة الإرهابية في أكثر من الأوقات في فرنسا التي يكذب ساستها ومفكروها فيوهمون “السُّذَّج” منا بأنهم يريدون إقامة علاقة “صداقة وتعاون” معنا..
إن فرنسا كالشيطان، وبما أن الشيطان لا مطمع في توبته، فكذلك فرنسا لا أمل في إقلاعها عن سياستها الإجرامية الشيطانية. وإلا فكيف يَعْمَى الفرنسيون المجرمون عن وجودهم في زواوة، وهم أجانب عنها دينا، ولسانا، وعرقا، وانتماء، ويخرجون أحد أبناء الجزائر من زواوة وهي في قلب الجزائر؟ ألا يخجل الفرنسيون المعاصرون من أسلافهم ومما يفعلون حاليا؟ ما أعتقد ذلك، والعيب فينا إن صدقنا كَذِبَهُم.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.