فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3366.35
إعلانات


العلم قبل العمل

العلم قبل العمل

محمد الهادي الحسني

2023/09/20

ما أجمل قول الشاعر أحمد شوقي إذ يقول عن بداية الدعوة الإسلامية باسم الله، عز وجل، لمصطفاه، عليه الصلاة والسلام: “اقرأ”:

ونودي اقرأ تعالى الله قائلها

لم تتصِلُ قَبْلَ من قيلت له بفم

وما أحكم قول الإمام المرتضى عبد الحميد بن باديس متحدثا عن قيمة العلم ووجوب تحصيله، لأنه عماد كل شيء دينا ودنيا، قال الإمام: “العلم قبل العمل ومن دخل في العمل بغير علم لا يأمن على نفسه من الضلال ولا على عبادته من مداخل الفساد والاختلال، وربما اغترّ به الجهال، فسألوه فاغترّ هو بنفسه، فتكلم بما لا يعلم فضَلَّ وأضلَّ (ابن باديس: مجالس التذكير من كلام البشير النذير: ط وزارة الشؤون الدينية ص: 107 – 108).

لم يرفع دين ولا فلسفة قديما وحديثا من قيمة العلم كما فعل الدين الإسلامي، حتى ليصح أن يسمى “دين العلم”، وكما فعل رسول الإسلام، عليه الصلاة والسلام، رغم “أميّته” التي كانت إحدى معجزاته.

وأقبل المسلمون على العلم، فأسّسوا المساجد وأقاموا المدارس لنشر العلم، ووقَّـفـوا الأوقاف للإنفاق على العلم والعلماء وطلاّب العلم، فبلغت أمتنا ما بلغت من الرقي العلمي، ولم تكن أمة عالمة – ذكرانا وإناثا – لعدة قرون إلا الأمة الإسلامية.

ثم بدأت عرى العلم تنقَـضُّ عُروة عروة حتى عدنا “أمة أمـيّـة”، وانحدرنا دركَـة دركَـة حتى كدنا نصل إلى أسفل الجهل، بينما كان أعداؤنا يرتقون مدارج العلم درجة درجة حتى قضوا على الجهل..

واستفحل “داء الجهل فينا”، مما أدى إلى ظهور “القابلية للاستعمار”، وكان نصيبنا – نحن الجزائريين – من هذا الداء المضاعف -الجهل والقابلية للاستعمار- كبيرا، بسبب “سياسة التجهيل” التي “قـنَّـنـتـها” فرنسا، ولم تسمح بالتعليم البسيط إلا لقلة قليلة كانت في حاجة إليها لاستخدامها في مصالحها..

ومَـنَّ الله -ذو الفضل والمنّـة- علينا برجل سَـمَّـته إحدى الصحف الفرنسية في باريس “الرجل الخارق للعادة”، فواصل ليله بنهاره لإخراج شعبه من ظلمات فرنسا.. ووصل به الأمر أي يعلّم أحيانا “خمسة عشر درسا في اليوم” (البصائر في 28/1/1938 ص 2). وكذلك كان إخوانه من أعضاء الجمعية المباركة.

ومَـنَّ الله، عز وجل، علينا مرة أخرى فنصر شعبنا المجاهد على فرنسا الصليبية، ورحنا نطفئ “الظمأ العلمي”، فلم تبق قرية ولا حي في الجزائر كلها لا توجد بها مدرسة ومتوسطات وثانويات، ولا تخلو ولاياتها من جامعة وبعضها يوجد بها أربع جامعات، فكـذَّبنا السفيه الفرنسي بيار مورلان القائل عنا بأننا “عرق غير قابل للتربية”، وصرنا نعلّم أحفاد هذا الـ”مورلان” في فرنسا وفي جميع مراحل التعليم، وحتى لغتهم نفسها، ومديرة “معهد باستور” -مفخرة فرنسا- هي جزائرية، ولو تفرنست.

إننا لن ننتفع بهذا العلم إن لم نُحَصِّنه بالأخلاق، ولا أخلاق إلا أخلاق الإسلام، ومسؤولونا الذين في السجون والهاربون من العدالة لا ينقصهم العلم، ولكنهم في الأخلاق كانوا “صَلـقَـعًـا بَلـقَـعًـا”، فصَيَّروا الجزائر “عاصمة الفساد” والرشوة والغش من كبيرهم الذي هلك إلى صغيرهم.

ولنُـنـفـق -دولة وشعبا- على العلم والعلماء إنفاق من لا يخشى الفقر.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة