فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3366.35
إعلانات


لماذا العرب لا يقرؤون؟ المشكلة والحل// البصائر

البصائر

مقالات

لماذا العرب لا يقرؤون؟ المشكلة والحل

: 2023-09-19

لفتَ نظرَ الباحثة الأمريكية جيل جينكنز (Jill Jenkins)، مدرِّسة اللغة الإنكليزية للناطقين بغيرها في ولاية يوتا(utah) في الولايات المتحدة، ورئيسة اتحاد مدرِّسي اللغة الإنكليزية للناطقين بلغات أُخرى (tesol)- أن طلَّابها العربَ ليس لديهم الرغبةُ في القراءة، ولا تكاد تراهم في مكتبة المركز الذي تدرِّسهم فيه، على حين يُقبل أقرانُهم من الأعراق الأخرى على القراءة؛ رغبةً في المعرفة والترويح عن النفس!
ولمَسَت الملاحظةَ نفسها عند زملائها من مدرِّسي الإنكليزية للناطقين بغيرها في سائر الولايات الأُخرى، ولمَّا أعياها معرفةُ سبب مُقنع لهذه الظاهرة الغريبة! توجَّهَت بالسؤال الآتي نشرته في أحد مواقع الشَّابِكة(الإنترنت):
(Please help me to answer this question : why arabs do not like to read ?)
أي: أرجوكم ساعدوني في الحصول على جواب عن سؤالي: لماذا العربُ لا يحبُّون القراءة؟
وتصدَّى أحدُ الأفاضل لإجابتها؛ شارحًا لها حالةَ الفِصام التي يعيشها الطفلُ العربي بين العامية والفصحى، ثم أحالها على تجرِبة (روضة الأزهار العربية) لأستاذنا الكبير الدكتور عبد الله الدنَّان عليه رحَمات الله.
واهتمَّت الباحثةُ بالموضوع، واتصلت بأستاذنا الدنَّان من هناك، وطلبت منه شرحًا وافيًا لتجرِبته في رَدْم الهُوَّة بين أطفال العرب ولغة الكتاب، ثم عزَمَت على دراسة تجرِبته دراسةً علمية موضوعية، فسجَّلت بحثًا للماجستير عن نظرية الدنَّان في تعليم الفصحى للأطفال بالفطرة والممارسة، في جامعة بريغام يونغ (Brigham Young )، كان بعنوان: (أثر التواصُل الدائم باللغة العربية الفصحى المطبَّق في روضة للأطفال العرب على علاماتهم في القراءة والتعبير في المدرسة الابتدائية).
وحضَرَت إلى دمشق وزارت روضةَ الأزهار العربية للدكتور الدنَّان، ومكثت شهورًا تقابل أطفالَ الروضة وتدرُس أوضاعَهم، وتتبَّعَت جميعَ الطلَّاب الذين أتمُّوا دراستهم فيها والتحقوا بمدارسَ ابتدائية، وفحصت أداءهم وتحصيلهم في مدارسهم، وأجرت مقابلات مع أساتذتهم وأولياء أمورهم، وعقدت موازنات بين نتائجهم في مدارسهم ونتائج أترابهم وزملائهم ممَّن لم يتلقَّوا الفصحى في طفولتهم، ثم خَلَصَت إلى نتيجة مهمَّة جدًّا مُفادها:
إن الأطفال الذين اكتسبوا الفصحى في روضة الأزهار العربية بدمشق ارتفع معدَّلُ علاماتهم باللغة العربية (القراءة والكتابة والتعبير) عن معدَّل أقرانهم من الأطفال الذين تخرَّجوا في روضات تقليدية لا يُتواصَل فيها مع الأطفال بالفصحى، بمقدار يراوح بين (ثماني) علامات و(تسع عشرة) علامة من مائة.
وقد نالت الباحثةُ درجة الماجستير عن رسالتها عام 2001م.
وأكتفي بإيراد فقرة واحدة من خاتمة بحثها، قالت فيها:
(تكمُن أهميةُ هذه الدراسة في إبرازها للتأثير الإيجابي لتعلُّم المحادثة باللغة العربية الفصحى لدى الأطفال في مرحلة تعلُّم القراءة والكتابة. وتوحي الدراسةُ بأن ممارسة المحادثة باللغة العربية الفصحى مدَّة ثلاث سنوات، في أعمار (3، 4، 5) سنين تزوِّد الأطفالَ العرب بمهارات الفصحى التي يحتاجون إليها للنجاح في تعلُّم القراءة والكتابة في المدرسة الابتدائية.
ويمكن القولُ: إن تأثيرات هذا النجاح ستبقى معهم إلى مرحلة التعليم الجامعي، وسيكوِّنون جيلًا من المعلِّمين والآباء والأمَّهات والعاملين الذين سيؤدُّون وظائفهم بارتياح وثقة، وحينئذٍ سيكونون مؤهَّلين لتنشئة جيل جديد).
بقي أن أقول:
إن المشرف على أطروحة الماجستير للباحثة جيل جينكنز، اتصل بالدكتور الدنَّان بعد مناقشة الرسالة ومنحها الشهادة، قائلًا: إنه لم يقتنع البتَّة بنتائج بحث تلميذته! وأنه منحها الشهادةَ بتقدير عالٍ للجهد الكبير الذي بذلته فيه، وإن لم يقتنع بنتائجها! وأنه يعتقد أن الدنَّان خدعها على نحو ما!
فأخبره أستاذنا بأنه لم يكن له أيُّ توجيه أو تصرُّف في عمل الباحثة، وأنه اكتفى بمساعدتها على الوصول إلى طَلبَتها ممَّا يتصل ببيانات الطلَّاب وغيرها.. وأنه أخلا ما بينها وبين طلَّابه لتصل إلى نتائجها بنفسها.
ولكنَّ المشرف لم يقتنع!
فاكتفى الدنَّان بدعوته لزيارته بدمشق؛ ليقفَ عن كثَب على واقع الروضة ونتائج بحث طالبته.
فقال: سأفعل.
ومع بداية العام الدراسي قدِمَ من أمريكا وزار الروضة، وبدأ في نقاش الدنَّان والتشكيك في نتائج تلميذته! فلم يزِد الدنَّان على قوله: هذه فصول الطلَّاب أمامك، فادخل واطَّلع على أحوالهم بنفسك.
[أخبرني الدنَّان: أن الرجل كان داهيةً وحاصلًا على دكتوراه من جامعة أمريكية في دراسة اللهَجات العربية الحديثة، فكان متقنًا للهجة العامية الشامية إتقانَ أهلها، وكذلك متقنًا للهجة المصرية وللهجة المغربية!]
ودخل المشرفُ على الطلاب في الروضة، وأخذ يُجري معهم حوارات بالعربية الفصحى، ويطلب منهم قراءة قصص اختارها لهم، ويسألهم عمَّا فهموا منها… إلخ.
وفي حواره معهم ندَّ منه لحنٌ في عبارة، وإذا بطفل في الخامسة من عمره يرفع صوته بالتصحيح له! فبُهت الذي استنكر وخرج مشدوهًا، وقد آلَ شكُّه إلى يقينٍ بما لم يكن يتوقَّعُه، وربما بما لم يكن يرجوه!
كتبه
أبو أحمد المَيداني
أيمن بن أحمد ذو الغنى
الحادي والعشرين من صفر


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة