فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3366.35
إعلانات


جناية حرق المصحف: الجرم المُنسِف، ورد الفعل المُقرف

على بصيرة

جناية حرق المصحف: الجرم المُنسِف، ورد الفعل المُقرف

2023-02-06

أ.د. عبد الرزاق قسوم
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/

ما فتئ الفكر الإسلاموفوبي المتطرف يطالعنا بجرائمه الإنسانية، فيعدد مواقعه العدوانية ضد المسلمين، في كل أنحاء العالم. فتارة يتلون بلون صيني، وتارة أخرى بلون هندي، وفي معظم الأحيان يتدثر بعباءة اليميني المتطرف، فيخرج من فرنسا، أو هولاندا، أو الدانمارك، وهذه المرة من السويد.

نعم السويد التي أقدم أحد المتطرفين اليمينيين فيها وهو «راسموس» بإحراق المصحف الشريف، بمباركة من السلطات السويدية وأمام السفارة التركية.
ويحاول الدارس لهذه الظاهرة العدوانية أن يجد لها سندا، فلا يعثر إلا على الحقد، والتعصب والكراهية، ورفض الآخر.
وتزداد حيرتنا من صدور هذه الظاهرة من السويد بالذات، هذا البلد الذي –في حدود علمنا- ليست له حسابات تاريخية قديمة ولا سياسية حديثة مع أي جزء من أجزاء الأمة الإسلامية.
لئن كنا، قد نقبل –على مضض- أن يصدر مثل هذا التصرف، من أي فرد معتوه، مصاب بمرض التعصب، والعنصرية، فنعده عملا فرديا معزولا، فإن صدور هذا العمل الشنيع، بمباركة الحكومة السويدية، أمام سفارة إسلامية، هي سفارة تركيا، لهو التصرف الأحمق الذي لا نجد له مبررا.
هو –إذن- داء العنصرية المقيت، الذي أعيى الأطباء دواؤه، فأن يقدم هذا السويدي ذو الأصول الدانماركية على إحراق مصحف المسلمين المقدس، فذلك يمثل عدوانا مدروسا، على أكثر من ملياري مسلم.
إن هذا الذي أقدم عليه، هذا الأحمق، يمثل امتدادا، لسلسلة الاعتداءات المتكررة على المسلمين، تحت مظاهر مختلفة.
فتارة في شكل رسوم مسيئة للرسول كما فعلت الصحيفة الفرنسية، سيئة الذكر «شارل ايبدوا» وتارة في الاعتداء على مساجد المسلمين كما يحدث في أنحاء كثيرة من فرنسا، وتارة في إحراق أوراق من المصحف الشريف، -كما حدث هذه الأيام- في هولاندا، وتارة في قتل وسحل المسلمين أمام مرأى البوذيين المتعصبين، كما وقع في الهند، وأحيانا أخرى في التنكيل بالمسلمين بغلق مساجدهم، كما يقع في الصين، والقائمة طويلة ومفتوحة، وحدث عن المسجد الأقصى، وغزة، ونابلس، وكل فلسطين، ولا حرج.
يحدث كل هذا والمسلمون، عديدهم أكثر من عديد النمل، وهم بين مهرول نحو التطبيع مع الأعداء، أو متفرج أمام ما يحدث فاغرًا فاه، شأن البلهاء، أو مندد تنديد المستسلمين الضعفاء.
عجبا لأمة، تملك من قوة الشباب ما لا تملكه أمة من الأمم، وتنام على خزائن الأرض، مما يمكنها في التحكم –لو وعت- في مصير العالم، فما لأمتي معطلة الطاقات، مسلوبة الإرادات؟
وإن تزدد عجبا، فاعجب لحكام الأمة الإسلامية، الذين نامت ضمائرهم، وتكلست بصائرهم، فهم لا يزيدون عن رفع برقيات التنديد، أمام ما يعانونه من الوعد والوعيد، وفي أيديهم سلاح النفط، وهو سلاح أمضى من الحديد، وفي بنوك المعتدين عليهم، ما لا يعد ولا يحصى من الرصيد!
وما لشعوب الأمة الإسلامية، قد تبلد ضميرها فهي تسلك سلوك الخراف الوديعة، أمام من يعتدي على معتقدها وعلى هويتها، عدوان من يعتبر ملياري المسلمين أناسي وضيعة؟
أما آن لأمتنا، ذات الأمجاد التاريخية والكنوز الاقتصادية، والمآثر الأخلاقية، أما آن لها أن تستعيد إشعاعها، فتفرض وجودها، وتحمي حدودها، وتُعْلي بنودها؟
لئن كنا مقتنعين بأن التطرف اليميني المتعجرف، لا يولّد إلا تطرفا مضادا، ولئن كنا نؤمن بأن لكل فعل رد فعل، فإننا نبقى مؤمنين بأننا –وقد أدبنا الإسلام، فأحسن تأديبنا، لا نلجأ إلى التطرف المضاد، فالإسلام الذي نؤمن به، قد علمنا قرآنه ﴿لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [سورة المائدة، الآية:28].
ولكننا بالرغم من ذلك نتلو قول الله تعالى ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾[سورة البقرة، الآية: 194]
نحن لا نحرق كتاب التلمود، ولا أي كتاب حتى ولو كان كتاب هذا المعتوه المعتدي علينا، لأننا أمة تحترم الكتاب، كل كتاب، غير أننا من حقنا أن نرفع سلاح المقاطعة ضد كل بلد يعتدي على مقدساتنا، نقاطع بضاعته، ووسائل نقله، ونجمد كل اتفاقياتنا معه، حتى يعتذر عما بدا منه، خصوصا ونحن لم نبادر بالعدوان عليه، بل هو البادئ والبادئ أظلم.
ورب ضارة نافعة، فقد تكون هذه الاستفزازات وهذه المظاهر العدوانية ضدنا نحن المسلمين، حافزا لنا، وموقظا لنا من سباتنا، وغفوتنا.
إن من دروس هذه العدوانية إثبات أننا على حق، وأن الإسلام الذي ندين به هو الإسلام الذي لا يضيق بأية قناعة أو إيديولوجية ما لم تناصبنا العدوان.
وأن من الدروس أيضا أن نزداد تشبثا بإسلامنا، ومعتقدنا، فيكسبنا ذلك مزيدا من القوة، المستمدة من وحدتنا، وتضامننا، وتجديد حزمنا وعزمنا.
لقد جمع الأحزاب  حولي وبقتلي تحدثوا
لا أبالي بجمعهم  كل جمع مؤنث
فاللهم رشدك! وعونك! وتأييدك! ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾[سورة الشعراء، الآية: 227].


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة