فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3366.35
إعلانات


جزائرية ومجرمان فرنسيان/ ل.أ د محمد الهادي الحسني

فأما المجرم الأول، فهو الجنرال لابيرين، حاكم المناطق الصحراوية من بلادنا، وقد انتهت حياته بسقوط طائرته في أحد أيام 1920، وقبّر في المنيعة، وتذكر بعض المراجع أنه قضى على نصف ثروة الجزائر من الإبل إلى درجة “أنه كان في وسع الأعمى أن يعرف طريقه في الصحراء مسترشدا برائحة الموت، وانتشرت هذه الرائحة التي زكمت الأنوف حتى وصلت إلى باريس”، (جورج غيرستر، الصحراء الكبرى. ص 15).
وأما المجرم الثاني، فهو صاحب اللباس الأبيض والقلب الأسود، الذي شارك في العمليات العسكرية ضد المجاهد الشيخ بوعمامة، ثم أوحى إليه شياطينه من كبار المجرمين الفرنسيين أن ينزع اللباس العسكري، ويتدثّر بلباس “الرهان”، ليلبّس على الجزائريين، ويصدّهم بأساليب خسيسة عن دينهم الحنيف، “ويبدلهم الغادي بالهادي”، كما يقول الإمام محمد البشير الإبراهيمي، وقد عرف الجزائريون هدفه الخسيس فأنهوا حياته في تمنراست في آخر عام 1916، ومن عجب أن الفاتيكان رقّى هذا المجرم منذ بضعة أشهر إلى مرتبة “قديس”، ولكن الأعجب من العجب هو أن أحد الجزائريين، وهو ذو مقام معلوم دينيا وسياسيا مثل الجزائر بمجاهديها وشهدائها وعلمائها في هذا التقديس، مثله في ذلك كمثل “الجزائري” الآخر الذي كتب كتابا عن هذا المجرم وافتتحه بقوله تعالى: “فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصّدّيقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا”. هذا المجرم هو الكومندان، الجاسوس، المترهبن شارل دوفوكو، الذي وصفه الدكتور سالم حمّيش بأنه “قدّيس الاستعمار”، (سالم حميش: الاستشراق في أفق انسداده، ص 30.
وأما الجزائرية، فهي امرأة من حرائر الجزائر، اللواتي ولدن الأحرار، ولا ضير في أن لم يسجل التاريخ اسمها، مادام فعلها قد سجل في الدنيا، وكتبه المكرمون في كتابها..
تعرضت هذه المرأة الحرة إلى ضائقة بسبب الجوع الذي فرضته فرنسا المجرمة على الشعب الجزائري، وكان لها خمسة أطفال، ولا عائل لها ولهم، فدفعتها غريزة الأمومة إلى أن تلجأ إلى هذا المجرم علها تجد لهم مأوى عنده وشيء من الطعام يقيم أود فلذات أكبادها، لأنها تعلم أن العساكر الفرنسيين يزوّدون هذا المجرم المترهبن بالمواد الغذائية..
قبل هذا المجرم المترهبن أولئك الأطفال الخمسة وذلك في مجاعة 1907-1908، وبعدما زالت الضائقة، ذهبت هذه المرأة إلى هذا المجرم لتسترد أبناءها، فوجدت عنده المجرم الآخر الجنرال لابيرين الذي سألها عن رأيها فيما فعله هذا “المترهبن”، فكان جوابها صادما للجنرال المجرم ولمن كان معه من المجرمين الفرنسيين: “من المحزن أن يذهب هذا الرجل الفاضل إلى جهنم عندما يموت، لأنه لم يعتنق الإسلام”، (جورج غيرستر: الصحراء الكبرى، ص 172).
فرحم الله هذه المرأة الحرة، وأنزل لعائنه على المجرمين الفرنسيين على ما ارتكبوه من جرائم يشيب لهولها الولدان والغربان..

محمد الهادي الحسني

2023/08/27


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة