يشكّل اليوم الوطني للجيش الوطني الشعبي الذي تحتفل به الجزائر، غدا الجمعة، والمصادف للرابع أوت من كل سنة، عرفاناً بالأدوار المحورية لسليل جيش التحرير الوطني في مسيرة بناء الوطن والحفاظ على الوحدة والدفاع عن السيادة.
جرى ترسيم اليوم الوطني للجيش بقرار من رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، في اجتماع عقده مطلع سنة 2022، تخليداً لتاريخ تحويل جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي في الرابع أوت 1962، وإكبارً لجهود الجيش الجزائري المسالم في الدفاع عن الجزائر بشراسة.
ويعتبر إقرار اليوم الوطني للجيش رمزية كبرى تحيل على دلالات عميقة موصولة بالمهام النبيلة التي تنهض بها المؤسسة العسكرية في بناء الوطن والمحافظة على الوحدة الوطنية والاستقلال والدفاع عن السيادة الوطنية والحفاظ على وحدة التراب الوطني.
ويعدّ إحياء الذكرى الثانية لليوم الوطني للجيش الوطني الشعبي وفاءً لروح الذاكرة الوطنية وتقديراً لامحدود للجهود والتضحيات التي تبذل من قبل أبناء الوطن المخلصين في سبيل إعلاء شأن الجزائر، في صورة تضحيات أبطالنا الصناديد الذين اختاروا التضحية بأعزّ ما يملكون لنعيش نحن أحرارً أسيادً على أرضنا.
إنّ اليوم الوطني للجيش مناسبة يستحضر فيها الجزائريون الجهود المضنية والتضحيات الجليلة التي بذلها أبناء الجيش الوطني الشعبي خلال مختلف المعارك التي خاضتها بلادنا منذ الاستقلال، بدءاً بمعركة البناء والتشييد وإزالة مخلفات الاستعمار البغيض، مروراً بصدّ ومواجهة كل محاولات المساس بحدودنا ووحدة ترابنا الوطني، ووصولاً إلى مجابهة الإرهاب الهمجي ودحره واستئصاله من جذوره بكل شجاعة وبسالة منقطعة النظير.
وسمحت الاحتفالات بالذكرى الأولى لليوم الوطني للجيش، بتكريم مجموعة من رجال الجزائر البررة ممن قدّموا تضحيات جليلة في سبيل الوطن وخدموه بكل شرف وإخلاص، ويتعلق الأمر بمتقاعدي الجيش الوطني الشعبي المنحدرين من صفوف جيش التحرير الوطني وعائلات شهداء الواجب الوطني ومعطوبي وكبار جرحى الجيش الوطني الشعبي في مكافحة الإرهاب.
تعزيز اللحمة واستكمال مسار بناء الجزائر الجديدة
يحمل اليوم الوطني للجيش، الكثير من الدلالات، أهمها تعزيز اللحمة الوطنية واستكمال مسار بناء الجزائر الجديدة القوية بشعبها الأبي وجيشها العتيد الذي يلتزم، وفقا لمهامه الدستورية، بالدفاع عن وحدتها الترابية في كل الظروف، على وقع راهن يحاول فيه أعداء الجزائر حرمان شعبنا من جهود قواته المسلحة ومساهمتها، إلى جانب المؤسسات الأخرى، في بناء الدولة الجزائرية المستقلة والسيّدة وتطويرها في مختلف المجالات، حتى تبقى الجزائر دائما وأبداً موحدة، آمنة ومزدهرة.
إنّ الاحتفال باليوم الوطني للجيش فرصة متجددة لتخليد تضحيات أبطال الجزائر العظماء، وللتأكيد أنّ أبناء الجزائر الشرفاء والمخلصين من أفراد وإطارات الجيش الوطني الشعبي مستعدون لبذل أكبر التضحيات في سبيل أمن واستقرار الوطن وهم على استعداد دائم للإسهام في تطوره وازدهاره، فشعلة الولاء للوطن وفدائه بالنفس والتضحية من أجله تبقى إلى الأبد مشتعلة تتحدى الزمن لتنير دروب الأجيال المتلاحقة.
وسيبقى الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، على الدوام، الخادم الوفيّ للجزائر وشعبها، الحامي لسيادتها الوطنية، الحافظ لوحدتها وتماسكها، وفاءً منه لرسالة الشهداء الأبرار والتزاماً بمهامه الدستورية.
عنوان الوحدة الوطنية
ظلّ الجيش الوطني الشعبي دائماً عنواناً للوحدة الوطنية ولعب دوراً مشهوداً في التنمية الوطنية وسيواصل مهامه الدستورية، وتعزّزت هذه المهام الدستورية في دستور نوفمبر 2020، الذي إلى جانب تكريسه للأدوار المنوطة بالجيش الوطني الشعبي، فإنّه مكّن من خلال المادتين الـ 31 والـ 91 من مشاركة الجيش في بعثات حفظ السلام بإشراف الأمم المتحدة للتصدي مسبقا إلى أي تهديد خاصة في المنطقة وترقية وحماية المصالح الاستراتيجية للبلاد.
وأكد هذا التعديل الدستوري أنّ الخيارات الاستراتيجية للجزائر لا رجعة فيها وأن المبادئ العقائدية لسياستها الخارجية وتلك الخاصة بالدفاع الوطني ثابتة ولا تتغير، كما أبرز ضرورة تكيف الجيش الوطني الشعبي والبلاد مع المعطيات الجيوسياسية الجديدة التي تملي كخيار لا مناص منه، المشاركة في الأمن الجماعي للدفاع على المصالح الجيو-استراتيجية للجزائر.
وتنص المادة الـ 31 من الدستور أنه "يمكن للجزائر، في إطار احترام مبادئ وأهداف الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية، أن تشارك في حفظ السلام"، وبحسب المادة الـ 91، فإنّ رئيس الجمهورية "يقرر إرسال وحدات من الجيش الوطني الشعبي إلى خارج الوطن بعد مصادقة البرلمان بأغلبية ثلثي أعضاء كل غرفة من غرفتي البرلمان".
وينفرد الجيش الوطني الشعبي عن بقية جيوش العالم بكونه لم يتأسس بمرسوم، وهذا من بين العوامل التي تفسر الدلالات العميقة للبعد الوطني والامتداد الشعبي لسليل جيش التحرير الوطني الذي ولد من رحم معاناة شعب تكبد الويلات وقرر تفجير واحدة من بين أعظم الثورات في القرن العشرين.
طفرة مشهودة
يعرف الجيش الوطني الشعبي في السنوات الأخيرة طفرة مشهودة في عصرنة وتحديث قدرات قوام المعركة والاحترافية وتنمية وتأهيل العنصر البشري.
وتمكن الجيش من تحقيق نتائج باهرة في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة من باب الدفاع عن مبادئ الثورة المجيدة وصون سيادة وأمن الوطن وحماية الحدود وحرمة الأراضي ووحدة الشعب، إلى جانب مساهمته في تطوير الاقتصاد الوطني من خلال استراتيجية مدروسة تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتلبية حاجيات السوق الوطنية وتطوير القاعدة الصناعية للبلاد.
وكانت هذه الجهود محل تقدير وعرفان من قبل رئيس الجمهورية الذي أشاد مرارً بالأدوار الريادية والمحورية للجيش الوطني الشعبي الذي يواصل مهامه في حماية الوطن، وفاء لرسالة الشهداء.
وصرّح رئيس الجمهورية مؤخراً: "قوة الجيش الجزائري تكمن في كونه "جيش-أمة" بحيث تمكن من تأسيس رابطة قوية مع الشعب، إلى جانب مساهمته في تطوير الاقتصاد الوطني من خلال استراتيجية مدروسة تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتلبية حاجيات السوق الوطنية وتطوير القاعدة الصناعية للبلاد.
الجزائري الفخور بمؤسسته العسكرية".
وتجلى هذا الاعتزاز والافتخار خلال الاستعراض العسكري الذي نظمه الجيش الوطني الشعبي بمناسبة إحياء ستينية استرجاع السيادة الوطنية، وأبان الاستعراض المذكور عن احترافية في الأداء وتطور لافت لمنظومة الدفاع الوطنية، أكد ما وصل إليه الجيش من احترافية وتحكم عال في العلوم والتكنولوجيا العسكرية، إلى جانب تمسكه بمعاني الوفاء للشهداء ولرسالة نوفمبر الخالدة.
وفي رسالة وجهها إلى رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أبرز رئيس الجمهورية أنّ "المؤسسة العسكرية وضعت أقدامها باقتدارٍ وكفاءة على طريق امتلاك ناصية العلوم الحديثة والتكنولوجيا العسكرية العالية، وهو ما من شأنه أن يجعل منها مؤسسة مواكبة ومستوعبة لأحدث ما يستجدّ في المجال العسكري ويزيدها حظوةً وتقديراً في ضمير الأمة".
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.