فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3361.86
إعلانات


فرنسا أمّ الخبائث والشرور

فرنسا أمّ الخبائث والشرور

عبد الحميد عثماني

2023/07/30

الهجمات الإعلامية العدائية من الإعلام الفرنسي الرسمي والمستقل على السواء، ومثله خطابات الكراهية المتوالية من السياسيين الفرنسيين، تثبت الحقيقة المعلومة لدينا تاريخيا، وهي أن فرنسا الخبيثة تبقى العدو التقليدي والأبدي للجزائر، دولة وشعبًا، ولن تتخلّص من مرضها النفسي تجاه بلادنا، لأنّ العداء مدفوع في عمقه بروح الانتقام من الهزيمة النكراء للاستعمار على يد الجزائريين الأشاوس، ما أدّى ليس فقط إلى فقدانها الفردوس المغتصَب، بل التعجيل برحيل جيوشها الوحشية من القارة الإفريقية مع مطلع ستينيات القرن العشرين.
كثيرٌ من النخب العربية المستلبَة رأت في فرنسا بلاد الأنوار، باعتبارها موطنا لفلاسفة التنوير والعقلانية، ومهد الثورة الأوروبية الحداثية في 1789 ضد تحالف الكنيسة مع الأرستقراطية، لكنها أعمت أبصارها عن الحقيقة الساطعة، وهي أنّها مارست أبشع استعمار للآخرين خلال القرنين 19 و20، وفي وقت كانت تتغنى بشعارات الإنسانية الزائفة: حرية، أخوَّة، مساواة؛ فقد صادرت حريات الشعوب وانتهكت سيادة الدول، معتبرة نفسها باستعلاء جنسًا بشريّا من الدرجة الأولى، وظيفته الحضارية تمدين المستعمرات البدائية، وما هي إلا خدعة مفضوحة للتغطية على أطماع النهب والاستغلال، وقد أثبتت سلوكيات المستعمرين الفرنسيين منذ بداية الاحتلال في الجزائر أنهم أسوأ لصوص متعطشين للثروات والكنوز والأموال، ومتجردين من أدنى الأخلاق الآدميّة، إذ لم يسلم من بطشهم الحيواني لا الدين ولا اللغة ولا الثقافة ولا المعابد ولا حتى القبور الآمنة.
ومع كل الأفعال الاستعماريّة الشنيعة التي لن يمحو عارَها التقادمُ ولا استرجاع سيادة الدول، فإنّ باريس ظلت تكابر في إنكار الحقيقة البازغة، بل إنها تجتهد في تثبيت زيفها مجددا، بتخليد دورها الحضاري المزعوم، عبر تزييف وعي ناشئتها في المدارس من خلال قانون 23 فبراير 2005، لذلك ستظل فرنسا آخر دولة يمكنها تلقين العالم دروسًا في احترام حقوق الإنسان أو انتقاد الآخرين في علاقتهم بصيانة الحريات وكرامة المواطنين وتكريس الديمقراطية.
لقد خبِر الجزائريون عبر تجربتهم المريرة مع الاستعمار الفرنسي البغيض، أنه كلما كشَّرت باريس عن أنيابها، وأطلقت العنان لأبواق الحقد الإعلامي والسياسي ضد بلادهم، فإنهم على الطريق الصحيح في مواجهتها والتحرر من آثارها المسمومة، وإذا رضيت عنهم بتزكية قراراتهم أو السكوت عن مواقفهم، فهو الدليل على سقوطهم في حبال الخديعة، لا قدّر الله.
لذلك زاد بشكل لافت هيجانُ فرنسا وتكالبها على الجزائر منذ حراك 2019، لأنها أدركت يقينًا صدق الإرادة القوية للوطنيين في التخلص النهائي من نفوذها الثقافي والاقتصادي والسياسي، فراحت تنفث سمومها عبر أذرعها الإعلامية المختلفة، حينما فشلت في السطو على انتفاضة المواطنين ضد العصابة البائدة، ولن تكون السقطة الجديدة للقناة المطرودة آخر فصول العدوانية.
على الفرنسيين المسكونين بأوهام الكولونيالية القديمة أن يستوعبوا نضج الشعوب الحرة، وتشبثها بالدفاع عن مصالحها القومية العليا في كل مكان، وأنه لا موطئ في القرن 21 للاستعمار الجديد، عبر شراء ذمم الأنظمة السياسية العميلة، إذ انقلبت المعادلة من بيع ثروات المجموعة الوطنية للأجانب بثمن بخس، مقابل توفير الحماية لفاقدي الشرعية الانتخابية، إلى تعاملات نديّة وتعاون متكافئ على قاعدة رابح- رابح وشراكات متنوعة ومنفتحة على كل قوى العالم، بعيدا عن الهيمنة الأيديولوجية، لأنّ القيادة الجديدة منسجمة مع التطلعات الشعبية ولا تعاني من عقدة الشرعيّة.
إن استمرار أحفاد بيجو وبيجار ودوغول في استعداء الجزائر، برواسب الماضي الشنيع، لن يجعلها تخسر شيئا في الوقت الحالي، لأنها اليوم دولة كبيرة ومحورية في الإقليم الإفريقي والمتوسطي، بمقومات واعدة على المدى القريب، ومنخرطة في تكتلات دولية لها وزن مؤثر في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها العالم نحو تعدد الأقطاب، بل حتى داخل الفضاء الأوروبي لها شركاء فاعلون، على غرار إيطاليا وألمانيا والبرتغال.
وفي كل الأحوال، فإنّ هروب فرنسا من الاعتراف بماضيها الإجرامي في بلادنا، ثم إمعانها في الحرب العدوانية ضدنا، يجعل الجزائريين أكثر قناعة باستحالة بناء مستقبل مختلف على قاعدة المصالح المشتركة، وستبقى الأولوية هي فقط الحفاظ على القدر الأدنى من العلاقات الإلزامية لأسباب تاريخية واقعية، خاصة ما تعلّق بوضع الجالية الجزائرية فوق الأراضي الفرنسية.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة