فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1773.42
إعلانات


التاريخ يُحيي الأمم وقد يقتلها

الرأي

التاريخ يُحيي الأمم وقد يقتلها

محمد الهادي الحسني

2023/07/26

الشاب الجزائري الأمازيغي الحرّ، المسلم الصادق، الوطني الصميم، العروبي الانتماء، رمضان حمود، استهَلَّ في غرداية في 1906، والْتَحَقَتْ وَرْقَاؤُهُ بعالَمِها الأسمى في 1929، فلم يقض في هذه الحياة إلا ثلاثًا وعشرين حِجَّة، ولكنَّه أُوتِيَ حِكْمَة مَنْ بلغ من الكِبَرِ عتيا، ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾ [البقرة: 269].

لم يترك هذا الشابُّ الحكيم تُراثا كثيرا؛ إذ ما ترك إلا قصائدَ ومقطوعاتٍ شعريةً معدودة، وبعضَ التأملات، وقصةً قصيرة سمّاها «الفتى»، ولكن هذا التراث القليل لا يقال له: قليل، لأنه تميَّز وامتاز بالصدق، والعمق. وأغتنم هذه الفرصة لأشكر جزيل الشكر الأخ الكريم الدكتور محمد ناصر الذي عرَّفَنا على هذا الشاب بجمعه لتراثه ونشره في الناس، ولكننا لم نستثمره بشكل واسع ليعلم الناس أن «تربة الجزائر طيبة إذا وَاتَتْهَا الظروف» كما قال الإمام ابن باديس، الذي كان كبير الإعجاب بهذا الشاب، بينما كان كثيرٌ ممن اشتعلت رؤوسهم شيبا قوما بُورًا.

من أقوال هذا الشاب التي أرددها في كل مناسبة وطنية مقولته عن أهمية التاريخ الذي يعدّه «أفضل الفنون وأنفعَها لتربية النفوس وتثقيف العقول». (محمد ناصر: رمضان حمود… ص213)؛ هذه المقُولَة هي: «التاريخ يُحْيِي الأمم، وقد يكون قاتِلَهَا إذا شَرِبَتْهُ من كأس غيرها». (المرجع نفسه. ص214). إي وربِّي، إنه لَحَقٌّ، والشواهد على ذلك كثيرة.

إن آخرَ هذه الشواهد ما تَفَوَّه به هذا المسمَّى “سعيد سعدي” الذي ينطبق عليه مثلُنا الشعبي القائل عن أمثاله «يدَّعي الطبَّ ويموت بالعلَّة»، فصاحبُنا طبيبٌ نَفْساني، ولكنه أحوجُ الناس إلى من يعالج عُقَدَه النفسية، التي يبدو أنَّها «غير قابلة لِلْحَلِّ»، لأنها كما جاء في أحد الرسوم الكاريكاتورية وُجِدَتْ قبل أن يوجد علمُ النفس.

هذا الطبيب كما جاء في إحدى الجرائد يقيم حاليا في فرنسا، وأنا أعتبر كل من يقيم في فرنسا من غير ضرورة غيرَ سَويٍّ، ولعلَّهُ قدَّر أنه لكي تطول أيامُه في فرنسا عليه أن يُشكِّك في جرائم فرنسا في الجزائر، ومنها جريمة قتلها مليون ونصف مليون شهيد في الثورة التحريرية المباركة، إذ قال في حوار له مع جريدة فرنسية إن عدد الشهداء، وإن لم يستعمل مصطلح «شهداء» «لا يتعدى 400 ألف ضحية». (جريدة الشروق اليومي. 24/7/2023 ص3).

والأعجبُ في هذا “الدكتور” أنه يعتمد على أكبر مجرم من أعدائنا، وهو المجرم دُوغُول، الذي قُتِلَ من الجزائريين في عهده الأول (1940-1946) أكثر من 45 ألف جزائري، في يوم وبعض يوم، أما في عهده الثاني (1958-1962) فعَدَدُ الشهداء الجزائريين لا يعلمه إلا الله، وإن كان بعض الجزائريين قدَّره بمليون ونصف مليون.

إن شُهَدَاء الجزائر ما يزالون في ازدياد إلى الآن، لأن من الجزائريين من ماتوا، وما زالوا يموتون جرّاء الألغام التي وضعها هذا المجرم، وجرَّاء الإشعاعات النَّووية نتيجة التجارب النووية التي أجراها في الجزائر هذا المجرمُ الأكبر، الذي يفتقد المروءة والرجولة.. لأنه لو كان رَجُلًا ذا مروءة لما قابل من صَعَدَ على شجاعتهم وبطولتهم إلى “مجده الحقير” بمثل هذه الأفعال. أقول لك أيها الطبيبُ النفسي ما قاله الله –عز وجلّ- لأمثالك. ﴿ هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ﴾ [سورة آل عمران، الآية: 119]، فأنت مازلتَ في أعين الفرنسيين مجرد “أنديجان”، ولهذا لا تستطيع العيشَ في أرض الأمازيغ الأصلاء.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع

| ابو زكرياء ابراهيم | بشار | 26/07/23 |

الجزائر

وكأنك تقرأ لأحد منظري اليمين المتطرف الفرنسي

سعيد سعدي يشكك في عدد شهداء الثورة ويدافع عن أطروحة ديغول

 

محمد مسلم

2023/07/23

 

 

 

سعيد سعدي***

 

ل-محمد مسلم

2023/07/23

 

محمد مسلم

2023/07/23

تضمن الحوار الذي أدلى به المؤسس التاريخي لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، سعيد سعدي، لمجلة “لوبوان” الفرنسية، مقاربات تاريخية تتعارض مع الذاكرة الوطنية وتتناغم مع أطروحات اليمين الفرنسي بشقيه التقليدي والمتطرف، في معالجتهما لحرب التحرير الجزائرية، التي تسببت كما هو معلوم في سقوط الجمهورية الفرنسية الرابعة في سنة 1958.
سعدي الذي قرر منذ بضع سنوات الاستقرار والإقامة في فرنسا، انساق عن وعي وإصرار وراء أطروحات لطالما رددتها الدوائر الحالمة بـ”الجزائر فرنسية”، وهي ما تعلق بعدد الشهداء الذين قضوا في الحرب من أجل الاستقلال. فالعدد الرسمي هو مليون ونصف مليون شهيد، وهو الرقم الذي بات جزءا لا يتجزأ من ذاكرة الأمة، يتعلمه التلاميذ في المدارس ويُردد في الخطابات الرسمية للدولة الجزائرية، وقد تعارف عليه الجميع في الداخل والخارج، إلا في فرنسا الاستعمارية، وبالضبط لدى أولئك الذين لم يستفيقوا بعد من صدمة الاستقلال.
هذا الرجل الذي يقدم نفسه على أنه دكتور طب وسياسي معارض، لكنه ترك حزبه في وضع صعب بعد أن قضى مآربه على حسابه، قال في الحوار إن عدد الشهداء الجزائريين، لا يتعدى 400 ألف “ضحية” دون استعمال لفظ شهيد، مستندا في كلامه هذا إلى تصريح للرئيس الفرنسي الأسبق، الجنرال دو غول.. هكذا، يُصدّق سعيد سعدي الرئيس الفرنسي، ولا يثق في كلام رئيس بلاده، الراحل، أحمد بن بلة، الذي يعتبر أول مسؤول جزائري يتحدث عن مليون ونصف مليون شهيد.
أسئلة الصحفي بمجلة “لوبوان” اليمينية كانت تحاملا بشكل مثير للاشمئزاز على الدولة الجزائرية، من قبيل وصف رقم مليون ونصف مليون شهيد بـ”الرقم المزيف”، ومع ذلك لم تأخذ صاحبنا الذي يعتبره بعض أنصاره منظرا للتيار الديمقراطي، الحمية الجزائرية، على الأقل، لأن من يطلق مثل تلك الأوصاف هو فرنسي، وهذا كاف للرد عليه، ولكنه فضل الانسياق وراء طروحات هذا الصحفي، الذي بدا وكأنه جاء يصفي حسابات لها علاقة بخيبة فرنسا الاستعمارية، مع جزائري ليس كغيره من الجزائريين، الذين ينتفضون عندما يشعرون بإهانة كبريائهم الثوري المدرج بدماء الملايين من الشهداء.
كان يتعين على سعيد سعدي أن يوقف تطاول الصحفي الفرنسي على السلطات الجزائرية حتى ولو كان معارضا لها كما يزعم، على الأقل من باب أن هذا التطاول مصدره أحد الفرنسيين المتشبعين والمدافعين عن الممارسات الاستعمارية، لأن بين الجزائر وفرنسا أنهار من الدماء وجبال من الجماجم، ولكن الرجل باع ضميره يوم طلق الجزائر وقرر الاستقرار في فرنسا مستفيدا من تقاعد مريح مما ربحه في الجزائر بفضل الدور السياسي الذي كان موكولا إليه.
يشعر من يقرأ حوار المؤسس التاريخي لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، أنه بصدد تصفية حسابات سياسية مع سلطة أفقدته العذرية ودجّنته عندما أشركته في الحكومة، ثم ركلته خارجها، وهو الذي كان يقدم نفسه على أنه سياسي معارض وديمقراطي لا يشق له غبار.
تشكيك سعيد سعدي في عدد شهداء الثورة التحريرية، ليس سوى سقطة جديدة تضاف إلى سقطات هذا السياسي، الذي تبين لاحقا أنه مجرد متملق لبعض عرابيه في السلطة ومنفذ لما يملى عليه، والكلام لرفيق دربه في الحزب، نور الدين آيت حمودة، الذي كشف أمام الملأ وبالصوت والصورة، الامتيازات التي كان يحصل عليها سعدي بمباركة من بعض الرجال الذين كانوا في السلطة، مقابل الدور السياسي الذي كان يؤديه.



...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة