تمادِي الكيان الصهيوني في القتل والهدم والتخريب والتجريف والاستيطان والتهويد، في ظل الاحتلال، تحت إمرة حكومة يمينية متطرفة غاشمة، لا تخفي عنصريتها تجاه الشعب الفلسطيني حتى داخل المناطق المحتلة سنة 1948، توضِّح بجلاء إفلاس الاحتلال بيمينه ويساره ومتديِّنيه وعلمانيِّيه، وأن نهاية الاحتلال قد بدأت تُرسم على كل الأصعدة.
عملية جنين التي أريد بها رأبُ الصدع في حكومة اليمين، وتطمين المستوطنين من أجل التمادي في التوسع وجرف أراضي السلطة في الضفة والقدس، ما هي إلا بداية لانتشار وتوسع المقاومة ووصول شظاياها إلى كل بقعة في الأراضي المحتلة كلها، وصولا إلى تل أبيب، والدليل رد الفعل الفوري على المحتل والمستوطنين بعملية قنص لا تقلّ وقعا عن عملية تفجير الجيب الصهيوني في مداهمات جنين الفاشية.
جنين البسالة والصمود، أبانت كيف أن الآلة الصهيونية التي تعرف أنها لن تتمكن من القضاء على جيوب المقاومة المتنامية في كل أرجاء الضفة وحتى داخل الخط الأخضر كما تسمّيه، ومضت كدأبها وعاداتها إلى تدمير وجرف وقصف بالطيران وتخريب للممتلكات والبنى التحتية المدنية طمعا في خلق حالة إرباك وفصل المقاومة عن النسيج الاجتماعي الحاضن لها.
فشل مسعى الاحتلال وستفشل دوما، كون الشعب الفلسطيني سواء في مخيمات الضفة أو غزة وفي الداخل المحتل سنة 1948، لا يمكن فصل جلده عن عظمه، ولا يمكن لعمليات القصف والهدم والتجريف أن تثني من عزيمة شعب يناضل من أجل نيل حريته مهما كان ثمن ذلك: شعب يقول لسان حاله أنه “لا يضرُّ الشاةَ سلخُها بعد ذبحها”. هذا ما لا تفهمه القيادات العنصرية في النخب المستوطِنة، والتي تتصور أنه بفعل التنكيل و”الكسر قد يصلون إلى العصر”، متناسين أن شعبا من طينة الشعب الفلسطيني الذي تشرَّب مقاومة الشعب الجزائري وثوراته بما فيها ثورة التحرير المظفرة، كان شاعرها القبائلي الشعبي “موح أومحند” نهاية القرن الـ19 يصدح ويصرخ: “نُكسر ولا نُعصر”.
تدمير البنية التحتية المدنية، الهدف منها إيقاع الضرر في العلاقة الحاضنة للمقاومة، غير أن رد الفعل عادة ما يكون معاكسا لما تشتهيه سفن المحتل: الشهداء سيُزفُّون تباعا، والبنية التحتية ستُرمَّم بسواعد الشعب نفسه، بمساعدة الخيِّرين في العالم: وها هي الجزائر، وعبر يدٍ سخية وطنية مؤازِرة متضامنة، تهب 30 مليون دولار من أجل إعادة إعمار ما دمّره المدمِّر في جنين، وستقف جنين من جديد شامخة كما فعلت وتفعل غزة كل حين، ولن يتمكن العدو إلا من اجترار خيبة الأمل وبؤس المجتمع الدولي. المحتل يعرف أن لكل احتلال نهاية، سواء هنا أو في الصحراء الغربية وبقية المناطق المحتلة.
الاحتلال إلى زوال، اليوم أو غدا، ولن يصمد بنيان الاحتلال طويلا أمام التصدُّعات الداخلية وتشقق المبنى الذي حاولت أن تشيده لنفسها على جماجم الشعب الفلسطيني، وبتواطؤ وتعاون عضوي مع القوى العظمى منذ نهاية الحرب العالمية الأولى.
لكل أجل كتاب، ولكل بداية نهاية، وأن بداية النهاية قد بدأت، وسوف تكون حكومة اليمين المتطرفة الدينية هي المعول الذي يفكِّك آخر لبنةٍ في أسوار هذا الكيان المختبئ خلف قلاع وجُدُر وآلة حربية جهنّمية، قد تُشعل المنطقة برمتها إذا ما تمادت في السعي لتحقيق الحلم الصهيوني بهدم بيت المقدس وبناء الهيكل المزعوم.. لأن ذلك سيكون نهايتها حتما وهي تعرف ذلك من خلال كتبها الدينية ونبوءات عرافيها عن معركة هيرمجدون وتهديم الأسوار على مغتصبي الديار.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.