قبل أن يُقدِم اللاجئُ العراقي الإيزيدي سلوان موميكا على حرق نسخةٍ من القرآن الكريم بالسويد، كان مستوطنٌ صهيوني متعصّب قد اقتحم مسجدا وبعثر عددا من المصاحف ومزّق إحداها في قريةٍ بالضفة الغربية قبل أيام، لكنّ جريمة المستوطن قوبلت بصمت عربيّ وإسلامي مطبق، خلافا لما حدث إثر جريمة السويد من احتجاجات رسمية وردود أفعال واسعة مندّدة، فما الفرقُ بين الجريمتين حتى تصمت الدولُ الإسلامية هنا وتتحرّك هناك؟!
الملاحظة الثانية أنّ حرق نُسخ من القرآن الكريم، تكرر مرارا في الأشهر الأخيرة بالسويد، وفي كلّ مرة كانت الدولُ الإسلامية تردّ بموجة تنديداتٍ، لكنّ ذلك لم يكن كافيا لحمل هذه الدولة الأوربية الصغيرة على مراجعة موقفها والكفِّ عن منح التراخيص لكلّ متطرّفٍ حاقد يريد حرق القرآن الكريم، وكذا إرسال الشرطة لحمايته خلال جريمته الحقيرة من أيّ ردود أفعال غاضبة من مسلمي البلد الذين يتجاوز عددهم 600 ألف. وهذا يعني باختصار أنّ السويد لا تكترث إطلاقا بردود الأفعال الإسلامية المستنكِرة، بل إنّ اكتفاءها بها في كلّ مرة، شجّع ستوكهولم على التمادي في منح التراخيص لمتطرفيها لتكرار جريمتهم بكلّ أريحية بذريعة “حرية التعبير”.
هذه الحقيقة المرّة ينبغي أن تعيها الدولُ الإسلامية جيدا حتى تتجاوز مرحلة التنديدات اللفظية إلى اتخاذ إجراءات عملية بحقّ السويد لعلها ترعوي وتتراجع عن تغذية موجة كراهية الإسلام واستفزاز قرابة ملياري مسلم بالترخيص لهذه الجرائم العنصرية البغيضة.. المطلوب الآن، ردع هذا البلد الذي يتجرأ على إهانة مقدّساتنا، من خلال الشروع في فرض عقوبات سياسية واقتصادية متدرّجة عليه، ولتكن البداية بسحب سفرائها من أستوكهولم جماعيا لـ”التشاور” وطرد سفرائه من البلدان الإسلامية، فهذه الخطوة قد تحمله على مراجعة موقفه ومفهومه الخاطئ لـ”حرية التعبير” والكفّ عن منح التراخيص مستقبلا لأيِّ متطرّفٍ لإهانة الإسلام تحت حماية الشرطة. وإذا تجاهلت السويد هذه الخطوة الديبلوماسية، فينبغي للدول الإسلامية أن تمرّ إلى مرحلة العقوبات الاقتصادية الجماعية المتدرّجة، كتقليص وارداتها المتنوِّعة من هذا البلد وامتناع الدول النفطية والغازية عن تصديرهما إليها، فحينما تمسّ المصالح الاقتصادية والمالية لبلدهم، فسيعود قادة السويد إلى رشدهم وسيكفرون بـ”حرية التعبير” المزعومة ويتبرّأون منها، وسيكون ذلك درسا لأيّ دولة غربية أخرى تجاهر بعداوتها للإسلام كفرنسا.
لا جدوى من التنديدات والاحتجاجات اللفظية التي أثبتت الأحداثُ عقمها، ينبغي للدول الإسلامية الـ56 أن تنسّق مواقفها في إطار منظمة التعاون الإسلامي للردّ بطرقٍ عملية تُجبر السويد على مراجعة مواقفِها المغذية للكراهية والعداوة بين أتباع الأديان، فضلا عن ضرورة التحرّك جماعيا باتجاه الأمم المتحدة ودول الغرب لسنّ قوانين تجرّم ازدراء الأديان وإهانة المقدّسات أسوة بقوانين “معاداة السامية” وإنكار الهولوكوست، وإلّا فإنّ هذه الجرائم بحقّ ديننا ستتكرّر كثيرا في الأيام القادمة في السويد وشتى بلدان الغرب.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.