حتى لا تضطرك المواقف إلى الحسرة والندم
/حتى لا تضطرك المواقف إلى الحسرة والندم
حتى لا تضطرك المواقف إلى الحسرة والندم
2023-06-07
مداني حديبي/
هناك مواقف صادمة لا يمكن للإنسان السوي أن ينساها بسهولة، خاصة العفوي الطيب المقبل على الحياة بالأمل والبسمات؛ منها على سبيل المثال: كنت في بداية شبابي شغوفا بالمطالعة، ولازلت ولله الحمد والمنة، فسمعت أن أحد الكتب التي كنت أتشوف وأتشوق إلى مطالعتها موجود بإحدى المكتبات، فسارعت إلى السفر لشرائه، لما وصلت إلى المكتبة سألت صاحبها: هل يوجد عندكم الكتاب الفلاني؟ فأجابني بأسف وحزن..الآن فقط اشترى أحدهم كل الكمية ويمكنك أن تلحق به الآن قبل أن يأخذ كل النسخ لعله يترك لك نسخة، فوجدته يضعها في أكياس خاصة ليسهل عليه حملها في السيارة، فقلت له بكل أدب وحب بعد تحية وسلام وابتسام: هل يمكنك يا أخي الحبيب أن تبيع لي نسخة من هذه النسخ الكثير، لأنني من مدة طويلة كنت أبحث عن هذا الكتاب القيم؟ أجابني بصلف وكبر وانفعال: الكتب لأصحابها وبعضها سأضعها في مكتبات المساجد، فلا تضيع لي وقتي؟!
قلت له: نسخة واحدة لا تؤثر أبدا إن كنت سأطالعها بنهم وأستفيد منها وأفيد بها غيري أفضل من أن تضعها تزين ركنا هامدا خامدا جامدا راكدا من مكتبة.
وخرجت من المكتبة حزينا منكسرا، ليس لأنني لم أحصل على ذاك الكتاب فقط بل لذاك التصرف الجاف الصادم.
وتمر الأيام سريعا فإذا بي أجد نفس الشخص مع صديقيه يسألان عن عنوان مسجد ليسلما له رخصة جمع التبرعات لمسجدهم، فابتهجت بهم وأخذتهم معي إلى المنزل وأكرمتهم وكان ذاك الشخص يدقق في ملامحي ويتصبب عرقا خجلا، فتغابيت وتجاهلت نظراته، فقال لي: يبدو أنني التقيتك يوما في مكتبة.
قلت له: لعلك شبهتني بالغير…هههه.
فضحكنا جميعا إلا هو كاد يختنق ندما وحسرة.
ثم التقاني بعدها في مرات عديدة يجلس في حياء وأدب تام ليسمع لمحاضرتي ويود لو أنه أهداني كل تلك الكتب مع الابتسام والإكرام..