جنين بورزق

أقْزَامٌ ودُمىً وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ!

: 2023-06-13

أ. لخضر لقدي/

عدونا الخارجي معروف ومألوف، أما عدونا الأخطر فهو العدو الداخلي الجديد أو المتجدد، الذي يفتك بالجسد كما تفتك الأورام الخبيثة.
إنهم العلمانيون والملاحدة ومن يسمون زورا وبهتانا بالقرآنيين من أبناء الأمة وهم يتكونون من أقلام سوء وإعلام موجّه، هم رجال ونساء، لهم خلفَ الشاشات صور، وعلى أوراق الصُّحف سطور، وفوق المنابر أحاديث، وفي مواقع الانترنت منابر، ليس لهم رسم معين ولا يختصُّون بزي ثابت منهم من يلبس العمامة ومنهم من يرتدي اللحية وفيهم الحليق، ومنهم من تختفي خلف حجاب أو جلباب.
لا يغيب عن المتأمل في حالهم وارتباطاتهم والدعم الذي يتلقونه والمناصب التي يتقلدونها أنهم صنيعة مؤسسات وخريجو مخابر، يتلقون دعما ماديا وآخر معنويا.
منهم من كان خامل الذكر خدعته الأضواء واستهوته النجومية فعمل بقاعدة:» إذا كنت خاملا فتعلق بعظيم» ولذلك تجده يطعن في السنة وفي الصحابة وفي تاريخ الأمة لينال شهرة ويحقق شهوة.
وهؤلاء يذكرون بقصةٍ أوردها الحافظُ ابنُ حجرٍ في «الدرر الكامنة» عند ترجمةِ أحمدَ بنِ ساهلٍ الشاعر فقال: «كان شاعراً مشهوراً مولعاً بالهجاء، حتى إنهُ لما دخل دمشق، قدّم لقاضيها شهابِ الدينِ الخويي قصيدةَ هجوٍ، فردّها إليه، وقال:» كأنك ذاهلٌ»، قال: «بل لستُ بذاهل، بل صنعتُ ذلك عمداً لأشتهر، لأني رأيتُ الناسَ اجتمعوا على الثناءِ عليك، فرأيتُ أن أخالفهم، فإني لو مدحتك فأعطيتني لم يشعر بي أحدٌ، فإذا هجوتك وعزّرتني؛ يقالُ: «ما هذا؟»، فيقالُ: «هذا غريمُ القاضي» فأشتهرُ».ا.هـ
ومنهم الملحد والحاقد على دين الأمة وثوابتها لما عجز على انتصار فكرته اتجه إلى التضليل والتزوير والتحريف والتزييف.
ومنهم المأجور الذي يريد أكل عيش فباع دينه وأهان نفسه وأمته، ولم يكن شريفا عفيفا ليقول:» قبح الله خبزة أبيع بها ديني، وأعق بها سلفي، وأهين بها نفسي، وأهدم بها شرفي، وأكون بها حجة على قومي وتاريخي..»[الشيخ محمد البشير الإبراهيمي].
ومنهم ممن نشأ على الشعوبية وكره العرب، وكره دين العرب الإسلام الذي بعث به النبي العربي محمد عليه الصلاة والسلام للإنسانية كافة. والعرب المسلمون هم حملة الدين واللغة وصناع الحضارة العربية الإسلامية.
وهؤلاء يجمعهم العداء لكل ما هو إسلامي فتارة يتجرؤون على نقد نصوص الوحي بالازدراء أو التحريف، وطورا يتطاولون على عظماء الأمة وعلمائها تجدهم مُغرَمين بنقد كلِّ عظيم من رجال الأمة يتتبعون سقطاته وزلاته فيضخمونها دون تحر ولا التماس عذر ولا قراءة ظروف، وتارة أخرى يضخمون الأخطاء ويشحنون النفوس .
وهؤلاء حري أن يقال لهم:
اربعوا على أنفسكم فأنتم تناطحون جبالاً ..
ويصدق فيهم قول الأعشى: كَناطِحٍ صَخْرةً يوماً لِيُوهِنُهَا * * * فَلمْ يَضرهَا وَأَوهَى قَرْنَه الوَعِلُ.
ولسنا ممن يضفي القداسة على كل شيء مما يتعلق بالدين فباستثناء الوحيين يبقى ما بعد ذلك اجتهادا بشريا يخطئ ويصيب، ولكن الدعوى إلى إلغاء التراث عبث وغباء.
فهل كان العرب القدماء يعرفون ما سيكون عليه سفلة الأزمنة التي بَعدهم حين قالوا: (إذا كنتَ خاملًا فتعلَّق بعظيم)؟ .
وهل كان الصِّينيُّون يقدِّمون لحضارات العالم نصيحة ذهبيَّة في حكْمتهم (لا تَقِسْ عمْق الماء بقزم)؟.
وهل مِن الخير لأمَّة الإسلام أن تُدار ثقافتها وإعلامُها وشؤونها المهمَّة بأيدي أقوام لا يحترمون تاريخها، ولا يعيشون آمالها فضلًا عن آلامها.
يكفي أن نقول إنهم أقْزَامٌ أعماهم الحقد وأضلّهم الهوى واستعبدتهم الشهوات أصبحوا أعداء للدين وللسنن وللتاريخ وللعظماء، وأمسوا عبيدا لأعداء الأمة فَضَلُّوا وأَضَلُّوا.
أو فلنقل هم دُمىً تلعب بهم الأمم وقع في شراكهم أجيال عديدة فصاغت منهم فكرا خاويا، وقولا باطلا، وهموما أرضية، وجموعا لا تعطي للصفر قيمة..وتلك هي الحالقة.
والعيب كل العيب أن: فِينَا سَمَّاعُونَ لَهُمْ.