كما سبق وأن أعلن رئيس الجمهورية قبل نحو شهرين عن موعد قريب لدخول الجزائر مجال التصنيع المتكامل لمادة الزيت، ثم السكر، يأتي تدشين مجمع سيفيتال لوحدة استخراج الزيت من البذور والاستغناء عن استيراد المادة الأولية، يأتي لاستكمال حلقة التصنيع المتكامل لهذه المادة الحيوية والاستراتيجية، المستهلِكة لميزانية الدولة باعتبارها مادة استهلاك واسعة في البلد.
هذا الحدث، يمثل نقلة نوعية لم تكن لتحدث لولا إرادة التحول الذي نشهدها منذ نحو ثلاث سنوات ضمن سياسة تنموية تعتمد على الموارد الأولية المحلية، وعلى تشجيع المبادرات المحلية والاستثمارات الداخلية من طرف الخواص في القطاع الوطني أو الأجنبي طيلة سنوات، عبر قانون استثمار هندسته الدولة قبل سنة، مما فتح المجال أمام المستثمرين الوطنيين للاستمرار في تطوير الصناعات التحويلية والزراعية والمنجمية، التي من شأنها أن تقدِّم قيمة مضافة للهيكل الصناعي والزراعي والتنموي بشكل عامّ للجزائر الجديدة، الناهضة المتحولة باتجاه لم يسبق له مثيل.
تهنئة رئيس الجمهورية للقائمين على المجمَّع، الذي كان إلى فترة قصيرة نسبيا قبل 2019، موضع تشكيك واتهام وتضييق من طرف لوبيات مقربة من الجهاز التنفيذي البائد، يمثل إشارة انطلاق وتشجيع من أجل تسجيل وثبة صناعية وزراعية للقطاع الخاص الوطني، ولكل الاستثمارات سواء الأجنبية أو مساهمات الدولة واستثمارات القطاع العمومي، يضاف كله إلى جهود الدولة غير المسبوقة في الدفع نحو ثورة تنموية في كافة المجالات بما فيها الابتكار الفكري والمؤسسات الناشئة المعتمِدة على الذكاء الاصطناعي والاستثمار فيه.
استكمال الدورة الإنتاجية محليا لمادة الزيت، ستعقبها بالتأكيد مواد أخرى واسعة الاستهلاك ستُصنَّع محليا من المنتج إلى المستهلِك، ما سيدعم القدرة التنافسية لهذه المؤسسات محليا ويدفعها تباعا إلى التصدير. كل هذا من شأنه أن يدعم ميزانية الدولة وتقوية التجارة الخارجية البينية بين الدول وبين التكتلات الاقتصادية العالمية ويدعم بالتالي قوة العملة المحلية ويخفض قيمة التضّخم ويعزز القوة التفاوضية في الأسواق الدولية. كما من شأن هذا، أن يعزز من مكانة الجزائر التفاوضية في باقي المجالات السياسية والجيو سياسية ويضمن قوة التموقع كدولة، تفتخر بأنها غير مدانة من طرف أي صندوق أو قرض أجنبي.
هذا الترابط بين القطاعات، هو لبُّ إستراتيجية الدولة الجزائرية في توجُّهها الجديد منذ التحول الكبير ما بعد 2019: تحول يراد به وله، أن يؤسس لدولة حديثة، قوية اقتصادية وماليا ونقديا. قوية أمنيا، من خلال تقوية قدراتها العسكرية الضامنة للاستقلال الوطني وسلامة الحدود الوطنية المترامية الأطراف ولأمنها الداخلي والخارجي في ظل التحديات والرهانات العالمية والإقليمية على تموقع الجزائر الجديد في الهيكل السياسي العالمي ومؤسساته الأممية والقارية والعربية والمتوسطية. رهان تسعى الجزائر إلى كسبه مهما كانت الصعوبات، ومهما بلغت درجة رغبة الخصوم والأعداء المتربصين بها في ثنيها عن المضي قُدما إلى الأمام.
بالتأكيد، هذه ليست البداية، فقد بدأت الجزائر تدشين سلسلة من التغييرات عن طريقة ومنهج عمل مؤسساتها، لإخراجها من سنوات الوهن والفساد البيروقراطي وسنوات الرخاء والاسترخاء وانحدار الروح الوطنية لدى المسيِّرين في أعلى المستويات السياسية والقيادية. تجربة مريرة أوصلتنا إلى مرحلة “الرجل المريض” الذي كانت كثيرٌ من الأوساط، تنتظر إعلان الوفاة، للانقضاض على إرث الماضي الاستعماري. “حركة” في الداخل والخارج خططت طويلا وخاب تخطيطُها، كان الهدف من وراء ذلك كله بيع البلد بالتقسيط في انتظار الإفلاس النهائي. مخطط أعِدّ له قبل سنة 1980، ونفط بداية من أحداث أكتوبر 1988: بيَّتوا لها ليلا، وخاب أملهم نهارا.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.