كان يوم الجمعة الماضي (19/5/2023) يوما مشهودا في بلدة أولاد ابراهم من دائرة رأس الواد بولاية برج بوعريريج، وذلك بمناسبة ذكرى وفاة الإمام الإبراهيمي 20-5-1965.
وبلدة أولاد ابراهم بلدة صغيرة مثلها مثل آلاف البلدات المماثلة لها لا يعرفها إلا الأقربون ومن له صلة رحم بأولئك الأقربين، وكانت ستظل كذلك لولا أن منّ الله عليها فبعث فيها “هلالا” لا يلبث أن يصير “بدرا”، يشعّ نورا وضياء عليها وعلى ما حولها، وعلى الجزائر والمغرب العربي، والعالم الإسلامي، إنه لإمام الإبراهيمي “فخر علماء الجزائر” كما وصفه الإمام عبد الحميد ابن باديس، و”آية الله” كما وصفه العالم المغربي إبراهيم الكتاني في جريدة العلم المغربية.
رغم ما أنعم الله – عز وجل – به على المنطقة في ذلك اليوم من إرسال السماء مدرارا بعد ما كاد الناس أن يستيئسوا، رغم ذلك فقد اكتظ وسط البلدة بزرافات من الناس استجابة لدعوة “الجمعية الثقافية نشء البشير الإبراهيمي”، التي نظمت “الأيام الثقافية البشير الإبراهيمي” تحت شعار: “أولاد ابراهم تحتفي بعلمائها”، وقد أقيمت نشاطات هذه الأيام في أكبر قاعة بالبلدية، التي ضاقت بمن حضر، فلم يبق كرسي شاغرا، ويصعب إحصاء الواقفين.
قبل افتتاح النشاط نزلنا ضيوفا على إخوتنا في شعبة رأس الواد لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بالمدرسة التي أسستها “الجمعية”، ثم توزعنا (الدكتور قسوم، ورزيق، والحسني) على مساجد المدينة لإلقاء درس الجمعة، الذي هو “بدعة حسنة” من ابتداء “خير جمعية أخرجت للناس”، إذ أخرجتهم من البدع المنكرة إلى السنة، ومن الجهل إلى العلم، ومن الظلام إلى النور، فحررت عقولهم قبل تحرير حقولهم، وحررت أذهانهم قبل تحرير أبدانهم..
كان حظي أن ألقي درس الجمعة بـ” المسجد العتيق” بمدينة رأس الواد، الذي دشن في أحد أيام جانفي من عام 1930، وقد أشرف على تدشينه الإمام عبد الحميد ابن باديس، والإمام محمد البشير الإبراهيمي الذي ألقى خطبة الجمعة، وكان مبرمجا أن يلقي درسا الإمام ابن باديس، ولكنه لم يفعل، فلما تحلّق حوله الناس وألحوا عليه في طلب درس للتذكير، اعتذر إليهم “بأن الولاية العامة – الفرنسية المجرمة – قد أصدرت أمرا عاما لجميع البلدان والقرى بمنعي من التدريس في المساجد، (الشهاب. فيفري 1930. ص 50-51). وهذا المنع كان قبل تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي أسست بعد هذا الحادث بخمسة أشهر.. وقدّر الله – عز وجل – أن يلقي أحد المهتدين بفكر الإمام ابن باديس، الداعين إليه، الناشرين له، الجامعين لتراثه، هذا الدرس المستوحى من حديث البشير النذير حول شرطي دخول الجنة، وهما “الإيمان والحب”، ومن كلمة للإمام ابن باديس التي يقول فيها: “أنا زارع محبة”.
ما كدّر سعادتنا إلا بقاء مركز أقيم على أنقاض بيت الإمام الإبراهيمي خاليا من أي نشاط، مما يدل على أننا مازلنا فيما سماه الأستاذ مالك ابن نبي “عالم الأشياء”، ولما ندخل بعد “عالم الأفكار”.
شكرا جزيلا لإخواننا في رأس الواد، وبلدة أولاد ابراهم، وعلينا جميعا بالتواصي بالحق والصبر والمحبة.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.