فضاءات بشار

بشار

فضاء الأخبار والمستجدات

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1773.42
إعلانات


حلالٌ علينا حرام عليكم ل-عمار يزلي 2023/05/12

حلالٌ علينا حرام عليكم

عمار يزلي

2023/05/12

بات من الواضح اليوم أن المعايير المزدوجة في ميزان تقييم الغرب الكبير، بمعاييره الخاصة، لكل شيء ولكل الأشياء، بات واضح المعالم من دون أدنى مواربة ولا تخفّي ولا تستر: الإعلام الأوربي والغربي بشكل عامّ، هو إعلامٌ يدافع عن “عقيدة” الغرب في كل الاتجاهات وفي كل الموجودات والفضاءات، انطلاقا من قناعة راسخة لديه، أنه كغرب أوروبي وأمريكي، وكحامل للواء كل الحريات وكصانع كل الأمجاد وكمالك كل الحضارات، له الحق في كل التصرفات باعتباره يملك اليد الطولى والعليا في توجيه الرأي العام الدولي وصناعة العقل العالمي وقولبة الفكر العالمي وترشيد الثقافة وفرض قواعد العلم والتعامل في كل المجالات.

بات كل هذا واضحا اليوم من خلال ممارسات الإعلام الغربي الكبير، عندما يتعلق بخيارات ومواقف سياسية وعقائدية وإيديولوجية وسياسية ومصلحة اقتصادية ونفعية للمركزية الأوربية، التي انتقلت إلى مركزية غربية بنواتين: نواة أوربية تقليدية عجوز، ونواة أمريكية “نيو ليبرالية” جديدة، إن “المعايير الذاتية المتركزة حول الذات وتضخم الأنا المتفوق القوي الأعلى”، صارت تمثل عقيدة عامة ومقياسا عاما يقيس به الغرب كل شيء في هذا العالم، لا، بل أكثر من ذلك، يفرض على البقية انتهاجه وتبنّيه وإلا، فهم غير جديرين بالحضارة والوجود أيضا.

تقييم الاتحاد الأوربي لمستوى حرية الصحافة والرأي في الجزائر، يمثل واحدا في المائة من مجمل القواعد التي يراد لنا كعالم عربي وإسلامي وعالم ثالث أن ننتهجها ونتبناها حتى ولو خالفت أعرافنا وثقافتنا، فأعرافُنا وثقافاتنا بالنسبة للوعي الغربي الأوربي الكبير ولا وعيه أيضا، هي ثقافة “الباربار” منذ العهد الأثيني والروماني عندما كانت تصنف كل الشعوب والثقافات والحضارات غير الإغريقية وغير الرومانية، بأنها حضارة وثقافة متوحشة “باربار”، والتي على “هديها المضلل”، إنبني الفكر الاستعماري المعاصر، عندما أعلن المستعمرون وعلى رأسهم الاستعمار الفرنسي للجزائر أننا إنما جئنا لنحضِّركم ونخرجكم من التوحش والهمجية.

حرية التعبير والإعلام والصحافة بمعايير الغرب، ليست معيارا ولا حتى نموذجا يُقتدى به، لأننا نرى كيف يتناول الإعلام الغربي اليوم القضية الفلسطينية والتقتيل المنهجي للكيان الغاصب لأرض وشعب فلسطين من نكبة 1948، وكيف تدمَّر شعوب المنطقة بأدوات الغرب القاتلة ووسائل إعلامهم التضليلية، الساكتة عن الحق، المدافِعة عن الجرم والجرائم الدولية في حق الشعوب والدول: إنها نظرية “الحق الإلهي” الرومانية والقروسطية الأوربية تعاد وتكرَّر اليوم بأدوات أكثر فظاعة: التضليل الإعلامي واتهام “الأغيار” من غير الغرب الكبير، بأنهم سبب الأورام والآلام والمآسي والتخلف والإرهاب، وأن عليهم هم وحدهم دور “إخراج شعوب العالم غير الأوربية من الظلمات إلى النور”.

عندما يتحدث البرلمان الأوروبي اليوم عن “حرية الصحافة المهدورة” و”حقوق الإنسان غير المحترمة” في بلداننا، فهم بذلك، وبتعالي استعماري، يرغبون في إخضاع من لم يتم إخضاعه للقيم الغربية المنافية للفطرة والأخلاق والأعراف والدين والسلوك الإنساني السوي، لسلطة القوة الناعقة والمغردة، التي لم تعد تفيد ولا تجدي نفعا، بعد أن ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيديهم من تلويث للبيئة والفكر والمحيط والجو والثقافة والعلم والأخلاق والقيم.

الظاهر أن الغرب تناسى اليوم، وهو يفعلها أمام الملأ بلا وجل ولا خجل، أن “العقرب تلدغ وتصيئ”، وأن الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات على روسيا ومنع وسائل إعلام هذه الأخيرة ووكالاتها وحرمانها من المنصات الإعلامية والاتصالية والإخبارية، إنما هو أكبر انتهاك لقداسة حرية الرأي والتعبير والصحافة، والتجني على القواعد في كل الميادين طبقا قاعدة ميكيافلية: “حلالٌ علينا، حرام عليكم”.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة