تأملات في الهيكل العظمي للإنسان محمد الهادي الحسني 2023/05/10
يظن أكثر الناس- وقد كنت منهم- أن مصطلح “الداعية” لا يطلق إلا على من تجلّب أو تقندر أو تعمّم، أي على من درس العلوم الشرعية من تفسير، وسنّة، وحديث… ولا مرية في أن هذه العلوم مما يجب على “الداعية” أن يلمّ بها، خاصة في آيات وأحاديث الأحكام…
ومنّ الله – عز وجل- عليّ فهداني إلى “فكر حيّي محييّ” هو فكر الإمامين الجليلين عبد الحميد ابن باديس ومحمد البشير الإبراهيمي، اللذين سمّاهما الشاعر الصالح المصلح الداعية محمد العيد آل خليفة “الفرقدين”..
وصدق الشاعر فقد كان الإمامان “فرقدين”، أضاءا سماء الجزائر، وأنارا ما حولها. فرحمة الله الواسعة عليهما، وأقعدهما في مقعد صدق مع أخير عباده، ونفعنا بفكرهما الحي وعملهما الصالح.
قال الإمام المرتضى عبد الحميد ابن باديس: “فمن الدعوة إلى الله دروس العلوم كلها مما يفقه في دين الله، ويعرّف بعظمة الله وآثار قدرته، ويدل على رحمة الله وأنواع نعمته. فالفقيه الذي يبيّن حكم الله وحكمته داع إلى الله، والطبيب المشرّح الذي يبين دقائق العضو ومنفعته داع إلى الله، ومثلهما كل مبيّن في كل علم وعمل”. (ابن باديس: مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير في تفسير قوله تعالى: “قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة…”.
من هؤلاء الأطباء “الدعاة” الأستاذ الحكيم محمد كيحل، الذي درس الطبّ العام ثم دفعته همته إلى أن يتخصص في فرع من فروع هذا الطب، وهو الهيكل العظمي الذي ركبه الله أحكم تركيب، وقوّمه في أحسن تقويم.. والأعجب أن هذا “الهيكل العظمي” الصلب، المتين لم يأت إلا من “ماء مهين”. فمن حوّل هذا “الماء السائل” إلى “مادة صلبة” قد تقتل إنسانا كما جاء في القرآن الكريم عن سيدنا موسى – عليه السلام- الذي وكز عبدا فقضى عليه؟ إنها القدرة الإلهية المطلقة التي لا يؤمن بها “شر الدّواب”، ولو حملوا أعلى الشهادات، واحتلوا أرفع المناصب والمقامات.
هناك ما يسميه علماء الدين: “المعلوم من الدين بالضرورة” أي مالا يجوز للمسلم أن يجهله من مبادئ دينه، وأنا أرى أن هناك في كل علم ماهو معلوم منه بالضرورة، مما يندرج تحت ما يسمى “الثقافة العامة”، ومن أهمها أن يعرف الإنسان الحد الأدنى من المعارف عن أجهزته المكونة لجسمه الذي هو عالم كبير جعلت أحد الظرفاء يسميه “منطقة صناعية متحركة”.
إن معرفة المسلم لهذا الجسم العجيب بأجهزته المختلفة تجعله يقدر هذا الجسم وما يحتويه من أجهزة حق التقدير، ثم يؤمن عن بيّنة عن طريق هذا المخلوق بخالقه الحكيم، القدير، العليم.
لقد اجتهد الأستاذ محمد كيحل في أن يقدم للقارئ معلومات أساسية عن هذا “الهيكل العظمي العظيم”، وأن يقرب إلى ذهنه هذا المخلوق العجيب، ثم اجتهد مرة أخرى في أن يقرب ذلك إلى القارئ العربي في الجزائر الذي حرمته فرنسا المجرمة من لغته، وشوّهتها له حتى ظن أنها ليست “لغة علم”، وهي التي علمت أوربا.. فشكرا للأخ محمد مرتين، مرة على تقريبه هذا العلم لعامة الناس، ومرة على خوضه هذه التجربة بتعريب كتابه، وندعوه إلى مواصلة السير في هذا الميدان، وندعو له الله – عز وجل- بالتوفيق، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته.. والكتاب مزود بالصور التي تساعد على استيعاب المادة العلمية الهامة.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.