8 ماي هذه السنة، جاء حاملا لعدة إشارات نحو تحوُّل نوعي في العلاقات الدولية والعربية والوطنية.
دوليًّا من خلال تخليد يوم الانتصار على النازية، لاسيما في روسيا والدول الحليفة والصديقة التي أهدت 25 مليون قتيل على مذبح تحرير أوروبا ودول الاتحاد السوفياتي سابقا.
9 ماي هو اليوم عيدُ النصر في روسيا الاتحادية التي تحضّر لاحتفالات كبرى لما لها من رمزية في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم على خلفية ما تسميه روسيا “العملية الخاصة” في أوكرانيا، والتحول الكبير الذي يحدث أمام أنظارنا ومسامعنا، ممهدا لعالم متعدد الأقطاب، وتغيير جذري لحقبة ما بعد 8 ماي 1945.. نهاية الحرب العالمية الثانية.
على المستوى العربي، 7 ماي 2023، هو تاريخ “عودة الجامعة العربية إلى سوريا”، بعد فشل كل المحاولات الغربية والأجنبية في فرض قاعدة التغيير العنيف الملوَّن، ضمن المشروع المعلن “الفوضى الخلاقة”. مشروعٌ يتجه نحو الاندحار بعد عودة سورية إلى مقعدها في الجامعة العربية، وقريبا حلّ الخلافات في ليبيا وإطفاء الحريق في السودان.
أخيرا، على المستوى الوطني، 8 ماي هو عيدٌ للذاكرة، أحياها رئيس الجمهورية بعد سنوات من التناسي الذي كاد أن يتحول إلى تاريخ منسي مع خضوع البلد قبل فبراير 2019 إلى توجه تنازلي إزاء الذاكرة والاقتصاد والثقافة واللغة.
إصرار رئيس الجمهورية على ضرورة إحياء الذاكرة الوطنية عبر هذا اليوم، لا يقوم فقط على قائمة الاحتفالية، بل عبر مشروع عمل ضخم مستقبلي على طريق تمجيد تاريخنا الوطني بكل محطاته ومراحله منذ الاحتلال الفرنسي للجزائر في 5 جويلية 1830. مشروع وطني متَّسق مع التوجُّه الجديد في خلق ثورة اقتصادية وثقافية وعلمية وفلاحية من شأنها أن ترفع صوت الجزائر عاليا في المحافل الدولية لما سيحققه من قوة أسباب التمكن في تشكيل قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها ولا الالتفاف عليها. مشروع وطني يراد له أن يتحقق على مستوى كل القطاعات بما فيها الإعلامية التي أبدى رئيس الجمهورية في لقائه الأخير مع مديري المؤسسات الإعلامية، والذي أقيم على هامش أول احتفال وطني على مستوى عالي رئاسي لليوم العالمي للصحافة. لقاء فاجأ رئيس الجمهورية الجميعَ فيه، بدعوته وإلحاحه على ضرورة تشكيل نقابة صحفية قوية للتكفل بتطوير الإعلام الوطني ليصبح أقوى وأقدر على مجابهة التحديات والرهانات الوطنية ومحاورة مؤسسات الدولة ذات الصلة. صحافة مهنية محترفة سليلة إعلام وطني ثوري واكب كل المراحل بنكساتها وطفراتها، لاسيما منذ التعددية الإعلامية قبل 33 سنة.
8 ماي هذه السنة، جاء معبِّرا عن تحوُّل غير مسبوق في مسار الجزائر التنموي، تماما كما جاء معبِّرا عن منعرج جديد يبدو أنه أكثر وعيا من المراحل التي سبقت والتي كنا كلنا ضمن العالم العربي والإسلامي، ضحية لها، ولممارسات القوى الأجنبية والقوى الاستعمارية الكلاسيكية التي عملت على تحطيم البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للتكتلات الإقليمية غير الخاضعة لفكر العولمة الليبيرالي.
الجزائر اليوم، وهي تخطو الخطوات الأولى المتسارعة على درب أكبر التحولات والإصلاحات، تدرك جيدا أنه من جدّ وجد ومن زرع حصد، وأن مسافة الألف ميل تبدأ بالخطوة الواحدة، وأن التشكيك في ذلك ما هو إلا جزءٌ من مشروع معاد بأيدي محلية موجَّهة أو مغرَّر بها، تهدف إلى تثبيط العزائم والتشكيك في صدقية مشروع الجزائر الجديدة الذي رسمه مشروع رئيس الجمهورية في تعهداته الـ54.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.