الأعمال بخواتيمها، ورمضان بخاتمته، فقد يرى الله من عبده الحرص على رضاه في ختام رمضان، فيرضى عنه رضوانا لا يشقى بعده العبد أبدا، ويفتح على قلبه بالخشوع وعلى جوارحه بالخضوع، ويسدّد خطاه، ويوفقّه لما يحبّه ويرضاه، ويبلّغه مناه، ويعطيه ويكفيه، ويهديه ويغنيه، ويشفيه ويعافيه، ويجيب دعاءه ويحقّق رجاءه.
من كرم الله ورحمته بعباده، أنّه لا يغلق أبوابه في وجوههم، مهما تأخّروا في إجابة مناديه، ومهما أبطؤوا عن ركب المسارعين لو أنّ الأمر بيد مخلوق لنظر إلى المتأخّرين على أنّهم أساؤوا الأدب، وردّهم عن بابه! في بعض الآثار المتكلّم في ثبوتها أنّ الله يقول لعبده: “عبدي، أطعتنا فقربناك، وعصيتنا فأمهلناك، ولو عُدتَ إلينا بعد ذلك قبلناك”.
ليس السّابق كالمتأخّر، لكن أن تأتي متأخّرا خير من ألا تأتي.. مهما تأخّرت في العشر الأولى والثانية، وضيّعت أيام رمضان في النّوم والأسواق ولياليه في المقاهي والسهرات، ومهما ضاع منك من ليال في العشر الأواخر؛ أقبل الآن على ربّك بقلب منكسر ونفس نادمة.. يقول الحقّ -سبحانه- كما في الحديث القدسيّ: “يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي. يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي.. يا ابن آدم، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة”.
أسرع أخي المؤمن قبل أن تنتهي الفرصة، ويرحل رمضان ليشكو إلى الله حاله معه، وتغلق أبواب الجنّة مرّة أخرى، وتطلق مردة الشياطين.. رمضان حتما سيعود، لكنّه قد يعود ولا تكون من أهل الدنيا.. قد يعود رمضان العام القادم 1445هـ واسمك قد كتب على شاهد قبرك: “فلان الفلاني: ولد بتاريخ كذا، وتوفي بتاريخ كذا”.. ليكن صيامك أخي المؤمن في الأيام الباقية صيام مودّع، وقيامك قيام مودع.. ركعة أو سجدة أو دعاء أو دمعة، قد تحلّ عليك رضوان ربّك وتغير مجرى حياتك كلها.
استعن بالله على نفسك وواقعك وظروفك، فوالله إنّك لن تقوم ولن تدعو ولن تخشع في دعائك ولن تبكي إلا إذا وفقك الله لذلك وأعانك وفتح أبواب قلبك وشرح صدرك.. ذكّر نفسك بأنّ العمل في ليلة القدر أفضل من العمل في 83 سنة كاملة، وأنّها ربّما تكون آخر ليلة قدر في عمرك.. تخفّف من الخلطة في الليالي الباقية، وحاول أن تكون في أكثر وقتك خاليا مع مولاك، وأرِ مولاك منك ما يحبّ، يُرك منه ما ترجو وترغب.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.