فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3308.45
إعلانات


ماذا لو كان كلبًا؟!

صنعت “قطّة إمام برج بوعريريج” الحدث في العالم، خلال الأيام القليلة الماضية، وهي وإن كانت حادثة عفوية كما وصفها صاحبها الشيخ “وليد مهساس”، وردُّ فعلٍ طبيعيّ يبدر من كلّ إنسان يحتفظ بقدر من الرّحمة في قلبه، إلا أنّ ارتباطها بالصلاة وبتلك القراءة المؤثّرة التي كان يصدح بها الشيخ، جعلها حادثة مؤثّرة تتحوّل إلى “ترند” عالميّ ومادة إعلامية لعديد القنوات والصحف والمواقع العالمية التي أبدت إعجابها بتعامل الإمام الإنسانيّ مع القطّة في أوج انشغاله بتلاوة القرآن الكريم، وكانت (الحادثة) سببا في تغيير نظرة بعض الغربيين نحو المسلمين، بعد أن كان ملبّسا عليهم من طرف الإعلام الغربيّ والعربي العلمانيّ الذي دأب على تصوير المتديّنين ورواد المساجد على أنّهم وحوش بشرية تخلو قلوبهم من الرّحمة على البشر فضلا عن الحيوانات!

الموقف العفويّ الذي صنعه الإمام مع القطّة أربك كثيرا من الإعلاميين الذين دأبوا على إعلان حالة الاستنفار لاستغلال الشهر الفضيل في بعث الرسائل المسمومة التي تنفّر من التديّن والمتديّنين، كما أربك العلمانيين الذين لا يكاد خطابهم يخرج عن مهاجمة مظاهر التديّن ووصم أصحابها بكل نقيصة، ومنهم من يذهب بعيدا إلى حدّ اتّهام الأئمّة بأنّهم يعلّمون النّاس محاكمة الآخرين ومصادرة حق المختلفين، وأنّهم لا يعلّمون النّاس التعايش وقبول الآخر! ولا يخفى أنّ قصد هؤلاء العلمانيين بقبول الآخر: قبول الآخر الذي يزدري دين المسلمين وعقيدتهم، ويهزأ بشريعة ربّهم ويفضّل عليها شرائع الغرب التي تبيح الشذوذ والمخادنة!

أحد هؤلاء الموتورين، أصابه مغص شديد في أعقاب حادثة القطّة، فراح يغرّد خارج السّرب، ويحاول عبثا إثبات أنّ الواقعة العفوية يفترض أن تكون “لا حدث”! ومن أكثر تخرّصاته إثارة للشفقة مما يحسبه فكرا مستنيرا، تساؤلٌ طرحه يقول فيه: “الإمام كان لطيفا جدا مع القطة، لكن يا ترى، كيف كان سيتصرف لو أن الذي صعد فوق كتفه كلب؟”! ثمّ راح يذكّرنا بأنّ القطّ لم يذكر في القرآن، بينما ذكر الكلب بصحبته أصحابَ الكهف! وهو بهذا يريد أن يحيي الشبهة التي يثيرها الملاحدة والعلمانيون على تفريق المسلمين في تعاملهم بين القطط والكلاب!

هذا الطّرح الذي يقدَّم على أنّه “فكر حرّ ومستنير” ما هو في واقع أمره سوى عرض للاحتقان الذي يعانيه أشباه الملاحدة والعلمانيين كلّما مسّت الأمةَ حسنة في دينها أو دنياها، كما قال الله تعالى: ((إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)) (آل لعمران: 120)..

هذا الجاهل نسي أنّ كلب أصحاب الكهف كان “باسطا ذراعيه بالوصيد” (عند الباب) حارسا، ولم يكن يلعق وجوه فتية الكهف وثيابهم.. والمسلمون لا يرون حرمة اقتناء الكلاب لمن كان في حاجة إليها ولا يقولون بحرمة الإحسان إليها، ولكنّهم يرون التنزه عن إدخالها إلى البيوت، بالنظر إلى طبعها الذي جبلت عليه من عدم التحرز من النجاسات، وبالنظر إلى الجراثيم والطفيليات التي يحملها لعاب الكلاب وبولها وبرازها، وقد أثبت عدد من الدراسات العلمية الحديثة أن الكلب يمكن أن يتسبّب في نقل ما لا يقلّ عن 50 مرضًا إلى الإنسان؛ أخطرها مرض سعار الكلب (Rabies)، الذي يؤدي في معظم حالاته إلى وفاة المصاب، ويسبّبه فيروس يوجد في لعاب الكلب المريض ينتقل إلى الإنسان عن طريق العضّ أو ملامسة اللعاب لجرح أو خدش في جسد من يخالط الكلب.. ومنها أيضا مرض النزف اليرقاني الذي ينتقل عن طريق بول الكلب، ومرض دودة الكلب الشريطية…

هذا بخلاف القطّ الذي يعدّ من أنظف الحيوانات؛ معروف عنه كثرة اهتمامه بنظافة فرائه، حتى أنّ بعض الباحثين أشاروا إلى أنّ القطّ يقضي حوالي 30% من عمره في تنظيف ولعق فرائه بلسانه! كما يُعرف عن القطّ كثرة مكوثه تحت أشعة الشمس -بخلاف الكلب- ما يساعد على طرد البكتيريا عن جلده.. هذا إضافة إلى أنّ لسان القطّ معزّز بمادّة مطهّرة تتيح لهذا الحيوان اللّطيف أن يعالج جروحه بلعقها عدة مرات حتى تلتئم، ويقال إنّ هذه المادّة مفيدة أيضا لجروح الإنسان!

هذا لا يعني أنّ لعاب القطّ وفراءه خاليان تماما من الجراثيم، لكنّهما لا يقارنان بالكلب أبدا، حيث تشير الأبحاث إلى أنّ أكثر نسبةٍ للجراثيم توجد في لعاب الكلب، ثم يأتي لعاب الإنسان بمقدار الربع مقارنة بلعاب الكلب، ثم يأتي لعاب القط بمقدار النصف مقارنة بلعاب الإنسان.. ولهذا فإنّ تفريق الفقه الإسلاميّ بين لعاب القطّ ولعاب الكلب، وجيه جدا من النّاحية الطبيّة، ولا يعترض عليه إلا جاهل بالطبّ والعلم، بَبّغاء يردّد ما يقال من دون نظر أو تمحيص.

ماذا لو كان كلبًا؟!

سلطان بركاني

2023/04/09


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع

| حجيرة ابراهيم ابن الشهيد | جنين بورزق | 17/04/23 |

الأخ والأستاذ المحترم  مصطفى -الشعب الجزائري والشعب  المغربي وكل  الشعوب  العربية إخوة  الى ان يرث  الله الأرض  ومن عليها-..سلامنا  الى كل الشعب العربي  بالمغرب الشقيق الذي نكن له كل المحبة والإحترام والتقدير ..ونطلب من الله ان يتقبل  منا ومنكم  الصيام والقيام ..وليلة القدري مباركة لكل مسلم على هذه البسيطة..

و نطلب من الله العزيز القدير ان تتحرر القدس الشريف من يد بني صهيون الحاقدين على الإسلام والمسلمين...صيام مقبول من  رب العالمين ..وليلة القدر مباركة ----دمتم بحب والشعب المغربي الشقيق.


| المصطفى بنوقاص | الجديدة (البلدية) | 17/04/23 |

السي ابراهيم  قد تكون هده الواقعة عفوية وقد تكون لها مقاصد روحانية تساهم في  توضيح سماحة الدين الاسلامي وان هذا الفقيه احسن التصرف  لكن اساءة الفقيه الى ملكنا بالشتم وهو اساءة لكل المغاربة واستقباله من طرف بعض السياسيين الذين يكنون العداء لبلدنا رغم ان الشعب الجزائري نكن له كل الاحترام والتقدير لما من اواصر العروبة والاسلام والاخوة التي تجمعنا فهذا يعد تسييس القضايا الاسلامية مايفرغها من محتواها الديني والتسامحي ويجعلها سلاح لمزيد من زرع الفتنة بين الشعوب وخاصة العربية والاسلامية  لذا اخي وجب عليك ان تندد بما قام به هذا الفقيح واقحام الدين في السياسة فنحن ليس لنا دخل في مايعود الى القادة السياسيين نحن شعب اخوة مسلمين عرب جيران اصهار ابناء عم ابناء ادام .....

 



...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة