فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1774.9
إعلانات


وهل تشرق الشمس من الغرب؟أ.د. عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/

بين الغرب اليهودي النصراني، والإسلام الحضاري الإيماني، عقدة صعبة الفهم، وهوَّة عصيّة الردم، وأنهار من الدماء يعجز عن وصفها العلم. وفتش عن الغرب اليهودي النصراني في كل ما يلحق الأذى بالإسلام، بدءا بآفات الإسلاموفوبيا، وانتهاء بالحروب، والاحتلال والمثلية، وكل الرذائل وسوء الإديولوجيا.

فإذا كانت بضدها تتميز الأشياء، وإذا كان الغرب قد برز بهذه المواصفات المقيتة، فإن ردة الفعل من الأحرار الغربيين ومن أبناء المسلمين في الغرب، قد قامت بعملية تصحيح للمبادئ والقيم، فتشبثت بقيم الإسلام الأشم، ونشّأت أجيالها على حسن الأخلاق ونبل الذمم.
ولنأخذ رمز الغرب المتعصب ممثلا في فرنسا التي تمنع الحجاب على المسلمات وتضيق على الخطاب الإسلامي في قاعات الصلاة وتمارس العنصرية حتى في الملاعب أثناء المقابلات.
إن فرنسا هذه قد خرج من رحمها فرنسيون وغير فرنسيين، ممن هداهم الله إلى الإسلام، فهم يعملون على نشر الإسلام الصحيح المتسامح، والمتفتح على الجميع على مبدإ أدب الاختلاف.
ولي شهادة عادلة أدلي بها بهذا الخصوص، فقد تلقيت دعوة كريمة من جمعية الفتح الإسلامية بمدينة ليون الفرنسية، لأقاسمهم لحظات إيمانهم، ولأشاطرهم بعض جهد أعمالهم.
تشرف هذه الجمعية على مصلى يكاد يكون كمفحص قطاة، من حيث المكان، لكنه يشع إشعاعا عظيما، بسلوك الإنسان.
عجز هذا المصلى عن استيعاب المصلين والمتعلمين، فهو يمتلئ حتى في صلوات الصبح، بقيادة إمامه الحازم الشيخ الأخضر عمر مرزوقي، الذي يأسر المصلين بصوته الشجيّ وخطابه الذكيّ، وخلفه النديّ وسلوكه التقيّ وعَى المصلون –إذن- هذه الحقيقة فهبوا لفك المعادلة، وقرروا بناء مسجد يستجيب لطموحات الجالية المسلمة في هذه الضاحية الجميلة من «ليون» وبعد سنوات من الجهد ها هو المسجد ذو الطوابق الثلاثة، والأقسام التعليمية الستة، وما يصحب ذلك من مرافق الحياة، ها هو المسجد الذي يحمل اسم «مالك بن أنس» يوشك على الإتمام.
واحتفاء بهذه الخاتمة القريبة للمسجد دعيت للمساهمة في إحياء عشاء تضامني ضم حوالي ثلاثمائة أسرة مسلمة، وكان الموضوع جمع المبلغ الباقي ليتمكن المصلون من أداء الصلاة في المسجد الجديد بداية من شهر رمضان المعظم المقبل.
ضم الحفل ثلة من أعيان الجالية المسلمة في ليون بتقدمهم الناشطون في هذه العمل الإسلامي المتميز من أمثال رئيس الجمعية الأستاذ فاروق قريشي (من ورقلة) والشيخ الإمام لأخضر محمد مرزوقي (من بوسعادة) والدكتور نجيب عياري (من تونس) والمهندس فتحي نور (من تونس) والإعلامي المتميز عصام عياري (من تونس) والمنشط القدير عبد الباسط (من الجزائر) وغيرهم وهم كثر.
ساد الحفل جو من الروحانية الإيجابية من تلاوة قرآن، ومدائح دينية، وابتهالات وكلمات واعظة، كان لها أطيب الأثر في نفوس الجميع. في هذا الجو الإسلامي النظيف والخفيف. تحدى المنشط البارع عبد الباسط الحاضرين قائلا لهم: «إن ما يحتاج إليه مسجدنا مسجد «مالك بن أنس» لإتمامه وإقامة الصلاة فيه، هو مبلغ مئتين وثمانية وأربعين ألف أورو (248000) وهل سيتقبلون التحدي ويجمعوا هذا المبلغ؟
وقد ذكرني هذا السؤال ببيتين لشاعر الجزائر محمد العيد آل خليفة، حين قامت الجمعية بجمع المال لمدرسة بسكرة في الأربعينات وبقيت أربعة ملايين سنتيم آنذاك فقال لهم:
وهبتم لها شتى الملايين برهة  وهبتم فأعيتكم ملايين أربع
ألا فاجمعوها اليوم جمع سلامة  وصدوا عن التكسير من قام يجمع
وقد تنافس أعيان مدينة ليون في جمع المبلغ المطلوب، جمع سلامة، فجمعوا في أقل من ساعتين، حوالي «مئتين وخمسة وخمسين ألف أورو» وهكذا كانت الاستجابة على قدر التحدي.
من هنا يحق لنا أن نعتز بهذه الجالية المسلمة، التي، دائما تكون استجابتها أقوى من التحدي، فأثبتت وجودها في الساحة العامة، وأصبح يحسب لها ألف حساب.
إن من حق هذه الجالية على الأمة الإسلامية، أن تساعد أبناء الجالية في تعلم دينهم ولغة دينهم، وإنقاذهم من الآفات الفتاكة التي تستبد بشبابهم ونموهم فتهيّئ لهم المرافق السليمة لتوعيتهم وتربيتهم، ونرسل إليهم بالمعلمين والأئمة الأكفاء، الملتزمين، والمنفتحين على قضايا ومشاكل كل عصر.
فتحية إلى رجال ونساء جاليتنا المسلمة في مدينة ليون على هذا الإنجاز العظيم، ونتوق إلى أن يصبحوا مثلا في إقامة المساجد المستنيرة بالعلم، والمضيئة بالإيمان، والقائمة على حدود الله، بعيدا عن الغلو والتطرف والتعصب.
إن روح الإسلام، تتميز بهذه القيم، ونحن مدعوون، إلى تجسيد هذه القيم في سلوكنا، وتقديم النموذج الصالح لغير المسلمين، وبذلك قد تشرق شمس الإيمان من الغرب، فتشع على القلوب، وتصحح السلوك، وتكوّن خير جالية أخرجت للناس، تأمر بالمعروف تنهى عن المنكر، وتؤمن بالله.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة