ازددت إيمانا بالقرآن محمد الهادي الحسني 2023/01/29
التقيت أحد الإخوة، فوجدته عابس الوجه، مقطّب الجبين، يكاد يتميز من الغيظ، فظننت أن سوءا أصابه، فاستعلمته، فحدّق في وجهي لمستغرب عن استعلامي وصعّد زفرة حرّة كادت تحرق وجهي..
فقلت: هون عليك و.. فقاطعني قائلا: ألم تقرأ في الصحف؟ ألم تسمع المذاييع والقنوات بما فعله بعض السفهاء في السويد وفي هولندا ومن قبلهما في عدة دول غربية من تحريق للمصاحف وتمزيق لها؟
فقلت: لقد رأيت، وقرأت، وسمعت. فقال: ما لي لا أراك غضبان أسفا؟ كأن الأمر لا يعنيك قلت: لأنني أعلم وأستيقن أن ذلك سيقع.. فقال: كيف علمت واستيقنت وأنت تعلم وتؤمن أنه لا يعلم الغيب إلا علام الغيوب ومن ارتضى من رسله؟
قلت: أعلم ذلك لما جاء عن ذلك، في أصدق كتاب من الأصدق قيلا، والأعلم بما كان، وماهو كائن، وما سوف يكون إلى أن تقع الصّاخة والطامة والحاقة والقارعة..
قال: كيف تزعم – إذن- أنك تعلم هذا الذي وقع؟
قلت: لا أعلمه فحسب، بل أستيقن وقوعه قبل أن يقع.. فقال: إنني غير مستعد لسماع “فلسفتك”، وماعهدتك “متفلسفا”، فهلا أوضحت لي ما يدور في خلدك؟
تبسّمت، وقلت: ألم تقرأ قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عن هذا القرآن ما معناه إنه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم.. فأكمل الحديث الشريف ثم استعجلني ما أكنه في صدري…
فقلت: عهدي بك مذ عرفتك أنك “قرآنيّ”، تتعهد كتاب الله – عز وجل- قراءة وتدبّرا وتطبيقا لما استطعت من أوامره، واجتنابا لنواهيه.. فقال: ما علاقة ما تقول بما نحن فيه ;
قلت: لا مرية في أنك تحفظ وتفهم قوله – عز وجل- عن مثل هذا الذي وقع، ويقع وسيقع هنا وهناك، إنه قول ربنا الذي لم يأته الباطل ولن يأتيه: “لتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا..”. فلو لم يقع هذا الذي وقع لقيل لنا ما معناه: إن “قرآنكم غير صادق، وهو يتكلم عن أمور خيالية غير حقيقية، وغير واقعية..” إنه استفزاز لنا.. ولهذا لم أغضب من هؤلاء السفهاء، ولكنني غضبت عن بني ملّتي واعتقادي.. لأننا فعلنا في ديننا فعل السفهاء، ووالينا هؤلاء السفهاء، وتحالفنا معهم ضد بعضنا، وتآمرنا معهم على بعضنا، وآئتمناهم على أموالنا، واتخذناهم بطانة لنا..
طأطأ محدثي رأسه، ثم قال: ما أصدق مثلنا الشعبي الذي يقول: “علة الفولة في جنبها”..
وقبل أن نفترق قلت لصديقي: إياك أن تصدق “خرافة” الغرب التي يسمونها “حرية الرأي”، وآخر ما يسفه دعواهم أن مواطنا مصريا متجنسا بالجنسية السويدية تقدم بطلب إلى الشرطة السويدية لتسمح له بحرق “التوراة” أمام سفارة العصابة الصهيونية فلم تأذن له..
وهذه هي “حرية الرأي” كما يفهمها ويطبقها الغرب، ويصدقها سفهاؤنا. فـ”متى نعود رجالا؟” كما تساءل الشاعر الجزائري الشاب “رمضان حمود” (1906-1929).
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.