فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3358.33
إعلانات


رسالة إلى السفير الفرنسي السابق د / علي لكحل

رسالة إلى السفير الفرنسي السابق

د / علي لكحل** الشروق

2023/01/11

عهدة بادت وأخرى بدأت مع الرئيس الفرنسي ماكرون، ما هي الدروس المستخلصة، ونحن نستحضر ماضي فرنسا الاستعماري، في حاضر ماكرون المكبَّل بمقولات وضغوط أصحاب النزعة الاستعمارية، لقد توهم بعضُنا في الجزائر أن الرئيس الفرنسي الشاب قد جاء تعبيرا عن جيل جديد يكون قد تخلص من ماضي فرنسا وتبرأ من جرائمها، لكن هيهات أن تلد فرنسا العاقر، ما قدمته مريم العذراء للبشرية.

لم تستفد فرنسا من دينها ولا من ديننا ولا من الماضي ولا من الحاضر وظلت التلميذ الغبي الذي لا يفهم الدرس.

دعونا نلخّص الحقائق رغم أننا ننتمي إلى ضفتي المتوسط التي يفترض أن تكون بحيرة سلام.

إننا ونحن نقلب ذاكرة الجنوب لم نجد من ضفتها الشمالية سوى المزيد من المشروعات الاستعمارية المتتالية، وكان آخرها الاستدمار الفرنسي. الذي حاول طمس هويتنا، وربط أرضنا بأرضه، وندرك أنه ضحى بـ14 بلدا إفريقيا، ليظل هنا.

وندرك أن خيارات الجزائر بعد استرجاع سيادتها قد فكت الارتباط بمركزكم الرأسمالي، ولكنكم عدتم عن طريق الفساد والمفسدين الذين وجدوا كل الدعم من فرنسا في العبث بالديمقراطية والاستهانة بحقوق الإنسان الجزائري.

لقد عدتم فتوهمتم أن الأوليغاشية الفاسدة قد مكنت لكم إلى الأبد، لكننا عدنا والعود أحمد وما ترونه اليوم هو بداية البدايات وليس نهاية النهايات، لقد توهم فوكوياما يوما مثل ما توهم السفير الفرنسي السابق عندنا، أن التاريخ قد انتهى، فرد على نفسه بعد مدة وكتب التاريخ لم ينته، وكتب كوشنر وزير الخارجية الألماني الأسبق عن بداية التاريخ.

فرنسا اليوم مهووسة بنهاية التاريخ دون أن تقدِم على أي حل لعلاج أزمتها مع التاريخ، وتحاول إنهاءه دون دفع الثمن المعنوي وهو الاعتذار ولا الثمن المادي وهو التعويض.

ورسالة السيد السفير تؤشر لجوانب ايجابية لنا، فنحن نخشى على بلادنا من شكركم وتزكيتهم، أما وقد بذلتم الجهد للحديث عن انهيارنا فنحن في الطريق الصحيح.

ندرك أن الامتعاض الفرنسي مردّه إلى تراجع الميزان التجاري لصالح الصين، وفواعل اقتصادية أخرى كايطاليا وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وغيرها، إذ تعتقد أن الجميع اجتمع على مشاركتها فيما تراه حقا حصريا لها، وندرك أن سعادة السفير منزعج من هذا التنوع الذي لا يخدم مستقبل فرنسا، ليس في الجزائر فقط وإنما في إفريقيا كلها.

وندرك أيضا سعادة السفير أنك لست سعيدا بما يُتخذ من إجراءات تؤدي إلى فك الارتباط الثقافي بلغتكم التي لم تساهم في تنمية كل الدول التي جعلت منها لغة رسمية منذ استقلالها، بل قادتها إلى عكس ذلك، إلى تنمية التخلف واستمراره.

ندرك أيضا سعادة السفير أن شعورك على المستوى الشخصي بالامتعاض وأنت ترى انهيار كل الجهود التي بذلتَها سفيرا ببلادنا، إذ انهارت الأحزاب والشخصيات والجمعيات ورجال المال والمثقفون الذين رعتهم سفارتكم ردحا من الزمن، وكنت تنتظر الحصاد الدائم والبقاء الدائم لتلك الجهود.

لكنك تنهار وتحاول أن تنقل لنا هذا الشعور لتتحدث عن انهيار دولة قررت أن تنطلق نحو آفاق أرحب وأوسع لها من رحابكم. والواقع أنك تدرك أنه لم يكن لفرنسا أن تستمرّ لولا نهب خيراتها وخيرات إفريقيا التي بدأت تتحرر من سياستكم الرعناء. وهذا تفسير حديثكم عن الانهيار لأنكم تستشعرون أن مصدر قوتكم التاريخي قد تمرد، ويدفعكم نحو الانهيار.

لقد صُدمنا نحن أيضا على المستوى الحقوقي كما صُدمت انت. كيف لا؟ فبالعودة إلى الساحة السياسية الإفريقية نجد فرنسا الباكية على حقوق الإنسان، تتدخل في أربع دول إفريقية، من 2011 إلى 2014، هي كوت ديفوار 2011، ليبيا 2011، مالي 2012 وجمهورية إفريقيا الوسطى 2014، منها دولتان هما مالي وليبيا يعد أمنهما جزءا لا يتجزأ من أمن الجزائر القومي. فضلا عن قواعدكم العسكرية في إفريقيا التي لا تحمي الحقوق إنما تحمي المصالح الفرنسية.

ماذا أقول سعادة السفير السابق، إن فرنسا هي التي تنهار أمامك بفعل سياساتها الاستعمارية وهي تحصد وستحصد ثمن تاريخها الأسود.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة