الوأد هو دفن الإنسان وهو حيّ، وقد كان سفهاء العرب في جاهليتهم إذا رزقوا أنثى اسودّت وجوههم، وضاقت صدورهم، وتواروا عن الناس لأنهم يعتبرون الأنثى “عارا”، فيئدونها دون رحمة ورأفة، وقد شنّع القرآن الكريم على هذا السلوك الوحشي فقال: “وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت”.
وجاء الإسلام الحنيف فحرّم ذلك الصنيع القبيح، وكرّم المرأة كما كرّم الرجل، فكلاهما “إنسان”.. الذي تهينه “الحضارة الأوروبية” الحديثة بما ارتكبت من جرائم لا تحصر آخرها هذه “المثلية” التي هي في اعتبار حتى عقلاء الغرب أحطّ من أحطّ ما أوحى به شيطان الجن إلى شياطين “الإنس” من الغربيين..
ومما رفع به الإسلام قيمة الإنسان – ذكرا وأنثى- أن جعل “طلب العلم فريضة” وكان أول ما أنزله الله – العليم الخبير- من كتابه الكريم هو أمره بالقراءة في قوله عز وجل “اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق”. وما حدّد الله – عز وجل- في ذلك سنا ولا جنسا، ولا موضوعا يعود بالنفع على الإنسان.. وما أجمل قول أحمد شوقي في هذا الشأن:
ونودي “اقرأ” تعالى الله قائلها لم تتصل قبل من قيلت له بفم.
وأنجز المسلمون عندما كانوا مسلمين حقيقة منجزات حضارية ما تزال محط إعجاب أولي النهى، إلى درجة اعتبار الأديب الفرنسي الكبير أناتول فرانس هزيمة المسلمين في معرفة يواتيه قرب باريس أشأم يوم في تاريخ فرنسا، لأنه حرمها من سبعة قرون من العلم والحضارة اللذين تمتعت بهما إسبانيا تحت ظلال الإسلام (انظر روجي قارودي: في سبيل حوار الحضارات. ص98 من الترجمة العربية ثم نقض المسلمون عرى الإسلام عروة بعد عروة، وانحط المستوى الحضاري للمسلمين بانحطاط مستوى العلم عنهم، لأنهم هجروه كما هجروا القرآن الكريم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وأكثر من تضرّر من هذا الانحطاط العلمي هي “المرأة المسلمة”، التي قال أحد الشعراء السفهاء في شأنها:
علّموهن الغزل والنسيج والرّدن وخلوا كتابة وقراءه
فصلاة الفتاة بالحمد والإخلاص تجزي عن يونس وبراءه
وجاءت الحركة الإصلاحية مشرقا ومغربا – باستثناء الحركة الوهابية – فحركت سواكن المسلمين، وأيقظتهم من سباتهم، وأعادت المرأة إلى حلقات العلم والمعرفة، مع ما صحب ذلك من أخطاء، لعدم وجود الإمكانات البشرية والمادية.. وقد راسل الإمام ابن باديس جمعية نسوية سورية لإرسال بعثة من طالبات الجزائر، وما منع من ذلك إلا قيام الحرب العالمية الثانية، كما بعث الإمام الإبراهيمي قصيدة إلى علماء السعودية يشنع عليهم منع تعليم البنت. (انظر القصيدة في الجزء الرابع من آثار الإمام الإبراهيمي).
ومؤخرا قرأنا وسمعنا أن حكومة طالبان “الإسلامية” في أفغانسان منعت النساء من الدراسة في الجامعات إن صحّ هذا فهو “جاهلية” جديدة باسم “الإسلام” الذي لا يأمر بالمنكر، ولا أنكر من منكر منع إنسان – ذكر أو أنثى- من القيام بفريضة طلب العلم، فاتقوا الله في الإسلام يا أيها “المسلمون” إن كنتم تعقلون.
وأد باسم “الإسلام”
ت-أ-د/محمد الهادي الحسني
2022/12/28
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.