أخيرا انتهى كأس العالم 2022 بتتويج الأرجنتين، ولقطر التي حققت نجاحا باهرا في التنظيم بشهادة كل المتابعين المنصفين في العالم، في حين كانت القضية الفلسطينية الفائزَ الأكبر بعد أن عادت إلى واجهة الأحداث وتغنّت بها الجماهير ورفعت أعلامها في الملاعب وخارجها.
أما الخاسرُ الأكبر في هذا المونديال، فقد كان الكيان الصهيوني الذي صُدم لمدى كره الشعوب العربية والإسلامية له، وأوروبا التي فقدت الكأس لصالح أمريكا اللاتينية مجددا، ولم تستطع فرض قيمها الإباحية، ومُنعت من حمل أعلام الشواذ، ومعاقرة الخمور في مدرّجات الملاعب، فشنّت على قطر حملاتٍ إعلامية شرسة أخرجت خلالها قدرا كبيرا من الكراهية والأحقاد العنصرية المخبوءة داخلها، قبل تنظيم كأس العالم وخلاله وإلى غاية اللحظة الأخيرة منه، حتى إنّ صُحفا إنجليزية وصهيونية أيضا لم تجد ما تصف به إهداء أمير قطر عباءة عربية “بِشت” لميسي لحظة تتويجه بكأس العالم سوى كلمة “العار”، واعتبرته “اضطهادا”، ولا ندري أين يكمن هذا “العار” و”الاضطهاد” الذي رأته هذه الصُّحف في لباس عربيّ أصيل يرمز إلى الحفاوة بالضيف وإكرامه والإعلاء من شأنه؟! وكيف يُعدُّ إهداءُ القبّعةِ المكسيكية للأسطورة البرازيلية بيلي بمناسبة فوز منتخب بلاده بكأس العالم 1970 بالمكسيك “تنوُّعًا وثراءً ثقافيًّا” وخلعُ “البشت” على ميسي “اضطهادا” و”عارا”؟! أم أنَّها المعاييرُ المزدوجة المقيتة مرة أخرى؟!
طيلة شهر تقريبا، كشف الإعلامُ الغربي عن وجهه العنصريّ البشع للعالم أجمع، حتى أنّ صحيفة “تاتس” الألمانية عدّت رفعَ لاعبي المنتخب المغربي العلمَ الفلسطيني خلال احتفالاتهم “معاداةً للسامية”، في حين وصفت قناة “والت” رفع ثلاثة لاعبين مغاربة أصابع السّبابة إلى أعلى بـ”الحركة الداعشية”، أما قمّة الانحطاط العنصري فقد جاءت من قناة دانمراكية لم تحتمل فوزَ المغرب على البرتغال واحتفالات اللاعبين بعدها مع عائلاتهم فرفعت صورة عائلة من ثلاثة قرود، وشبّهتهم بهم، في حركةٍ عنصرية سافلة تعبّر عما وصل إليه أصحابُها من انحطاطٍ أخلاقي وحقدٍ دفين واستعلاءٍ على كلّ ما يرمز إلى ما هو عربيّ ومسلم، بل إلى كلّ ما هو محافظ أيضا؛ فالعائلة ترمز إلى رفض القيم الغربية التي تحاول فرض الشذوذ على المجتمعات الإنسانية كلها باسم “العولمة” المزعومة، والتمسّكُ بالعائلة التقليدية هو “سلوكُ قردة” في نظر هذه المجتمعات المتفسِّخة!
واللافت أنّ العنصرية الأوروبية التي فلتت من عقالها تماما هذه المرة شملت حتى غير المسلمين؛ فحينما خسرت فرنسا النهائي أمام الأرجنتين، شنّ الكثيرُ من الغوغاء الفرنسيين حملاتِ كراهيةٍ شديدة ضدّ ثلاثة أفارقة يلعبون في منتخبها، بسبب تضييع اثنين منهم ركلتَيْ ترجيح والثالث لهدف التتويج عقب انفراده بالحارس الأرجنتيني في اللحظات الأخيرة من المباراة، وقد اضطرّ هؤلاء اللاعبون الثلاثة إلى إيقاف التعليقات على حساباتهم في “إنستغرام” بسبب العدد الهائل من الشتائم والتعليقات العنصرية البغيضة التي وصلتهم. وهو درسٌ لكلّ اللاعبين الأفارقة والعرب الذين يتركون بلدانهم ويختارون فرنسا وغيرها للّعب معها بحثا عن المزيد من الشهرة والمجد والمال.
في كأس العالم الأخيرة، ربح الأرجنتينيون والفلسطينيون والقطريون والجماهير العربية وأحرارُ العالم، في حين خسر الغربيون، وسقطت قيمُهم في الحضيض، حتى وزيرة الرياضة الفرنسية تحدّت قطر والجماهير العربية والإسلامية ووعدت باحتفالاتٍ صاخبة بقميص قوس قزح يحمله “الديكة” في ملعب “لوسيل” إذا فازوا بالكأس، فخرجوا بخُفِّي حنين كما خرج منتخب ألمانيا قبلهم، ولم ينل المنتخبان سوى الخيبة والتشفّي.
الكأسُ و”البشتُ” لميسي.. والعار لأوروبا
حسين لقرع
2022/12/20
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.