لو جيّشنا جيشا كاملا من الكتّاب لتسجيل جرائم فرنسا في الجزائر لما استطاع هذا الجيش أن يسجّل هذه الجرائم لكميتها ونوعيتها، حيث لم تمر ساعة من نهار طيلة وجود فرنسا في وطننا لم ترتكب فيها جريمة في حق شعبنا وديننا ولغتنا ووطننا.. وكثير من هذه الجرائم لم تعرفها البشرية قبل فرنسا، وأجزم أنه لن يستطيع أحد أن يأتي بمثلها أو أسوأ منها إلا أن يكون فرنسيا.. ففرنسا هي “أم الجرائم” كمّا وكيفا، ومع ذلك تتوقع رئيسة حكومتها إليزابيث بورن وتتحدث عما تسميه “الاعتراف المتبادل”، (جريدة الخبر 19 أكتوبر 2022 ص 3)، فأي اعتراف متبادل بين مجرم تسوّر بيتا فقتل واغتصب وسرق قرنا واثنتين وثلاثين سنة وبين إنسان شريف دافع بأبسط الوسائل عن عرضه وأرضه ودينه ولغته؟
لو كان في هذه المرأة مثقال ذرة من خردل من خجل لتوارت مما فعله أسلافها تستنكف الحيوانات أن تفعل مثلها. إننا يا إليزابث بورن لم نفعل إلا ما قاله مجرمكم الأكبر دوغول عندما قال لصديقه أنجري مالرو عن الألمان الذين احتلوا فرنسا في يوم أو بعض يوم: “إنه لطبيعي أن يقتل الفرنسيون الألمان في فرنسا، ليس لهم سوى أن يبقوا في بلادهم”، (أندري مالرو: سقوط السنديان، ص28).
إن هؤلاء الفرنسيين لمغرورون إلى درجة أنهم يظنون أنهم لم يخلقوا كما خلق البشر، وصدق شاعرنا محمد العيد آل خليفة القائل فيهم وفي أمثالهم من الغربيين:
مالهم يزهون كبرا هل لهم عنصر يعزى لطيب لا لطين.
إن عنوان هذه الكلمة “عام الخلية” هو عنوان كتيب صغير عن جريمة لا تدور إلا في خلد فرنسي، ولا يفعلها إلا فرنسي.. وقد صدق أحد الغربيين عندما قال: “إذا كان الله قد خلق مستعمرا أسوأ من الفرنسيين فإنه لم يخبرني عنه”. (محمد الصالح الصديق: من قلب اللهيب. ص5).
إن فرنسا المجرمة ارتكبت هذه الجريمة في مثل هذه الأيام من سنة 1852، حيث هجم جيش متوحش يقوده أربعة مجرمين برتبة جنرال على بلدة صغيرة وارتكبوا فيها ما تعجز لغات العالم عن وصفه.
إن هذه البلدة الطيبة الطاهرة هي الأغواط، التي اعترف الفرنسيون أنفسهم في تقرير لهم سنة 1853 أنهم أحرقوا أناسا أحياء، وقد استعملوا أسلحة كمياوية.. أليس النازيون تلاميذ هؤلاء الفرنسيين؟ لقد استشهد قرابة 3000 شهيد بين نساء وأطفال وشيوخ ومدافعين بوسائل بدائية، ولم يبق في البلدة إلا 400 ساكن، (عام الخلية: إبراهيم خميلي، ص37).
لقد سمى أحفاد أولئك الشهداء تلك السنة “عام الخلية” لأن بلدة عامرة خلت من سكانها وما فعلته فرنسا في الأغواط هو نسخة من أفعالها في كل شبر من هذه الأرض.. “آه يا فرنسا يا لعنة البشرية” كما يقول مفدي زكريا.
فرحمة واسعة من الرحمن الرحيم على شهداء الجزائر الأمجاد، ولعنة سرمدية على المجرمين الفرنسيين وعلى من يساويهم بأولئك الضحايا الأبرياء باسم “الاعتراف المتبادل” أو باسم “عدم الاستنكار” كما “نصحنا” شارل آندري جوليان وجاك بيرك.. (انظر: سعد الله: أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر ج1، ص 76-77).
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.