فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1760.36
إعلانات


انتشار جرائم القتل في المجتمع وسبل الوقاية منها اسلاميات 20 نوفمبر 2022 (منذ يومين) الدكتور عبد الحقّ حميش

انتشار جرائم القتل في المجتمع وسبل الوقاية منها

مع الأسف، عادت جرائم القتل البشعة ولأسباب تافهة تتصدر مواضيع أخبارنا اليومية.. وقد حذرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم من هذه الظاهرة الخبيثة، ألا وهي القتل، بأنها جريمة محرّمة في الإسلام: “كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه”.

إن هذه الظاهرة الخطيرة التي باتت أكثر انتشارًا في بلاد العالم، ومنها الوطن العربي وبلادنا الجزائر، بسبب تدهور الأوضاع الاجتماعية نتيجة التحولات الاقتصادية التي يشهدها العالم، مع تضاؤل فرص العمل وغول الغلاء الذي يلتهم القليل من الموارد المالية المتوفرة، وفي الوقت نفسه تراجع اهتمام معظم الدول بمحاربة الانفلات الأمني في المجتمع، الناتج عن الجرائم المتعددة كالسرقة والاعتداء على حياة الأفراد والبلطجة، بسبب التركيز على مكافحة الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية والحركات التي تحمل السلاح لمحاربة الدولة نفسها، ناهيك عن ترويع الآمنين.



لقد ظهر العنف منذ وجود آدم صلى الله عليه وسلم، وابنيه قابيل وهابيل، على الأرض؛ حيث قتل قابيل أخاه هابيل حسدًا وظلمًا، قال سبحانه: {فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين}، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تُقتَل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كِفْل من دمها (نصيب من إثم قتلها)؛ لأنه أول من سن القتل”.

تعد جريمة القتل من أعظم الذنوب لأن فيه اعتداء على حق: الله، والقتيل، وأهله، ومجتمعه، ويعتبر: قتلًا للناس جميعًا؛ ولذلك رتب الله عليه عقابًا دنيويًا وهو: القصاص أو الدية المغلظة، إضافة إلى الفضيحة، وعلاوة على انتقام الله، ورتب عقابًا أخرويًا يشمل: دخول جهنم، والخلود فيها، وغضب الله، والعذاب العظيم، قال تعالى: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا}، وقوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا}، وقوله عليه الصلاة والسلام في التحذير من الاعتداء على أرواح الناس وأموالهم وممتلكاتهم: “لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا”.

إن الجريمة مهما كانت دوافعها لا يمكن تبريرها، حتى وإن ارتكبت بمقابل جريمة، أو نتيجة للحاجة، أو لأية أسباب أخرى، إن الجرائم كارثة مجتمعية وقودها دوافع نفسية يعززها الفقر والبطالة والانحراف الخلقي، وسوء التربية.

ولعل من أهم أسباب ارتفاع نسبها في المجتمعات المتخلفة، ضعف تطبيق القانون، والإفلات من العقاب، وبالطبع الفقر والبطالة.

ومن أهم أسباب انتشار الجرائم ضعف الوازع الديني؛ لأن الدين هو الذي يهذب سلوك الفرد، ويبعده عن سلوك العنف والانحراف.. كما أن لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بأنواعها دور بارز في تنامي ظاهرة العنف لدى المراهقين؛ فالبرامج الإعلامية، وخصوصًا التلفزيونية، من حيث إنها تقدم لهم عينة من التصرفات الخاطئة، مثل العنف الذي يشاهده المراهق لمجرد التسلية والإثارة، قد ينقلب في نهاية التسلية والإثارة لواقع مؤلم بفعل التأثير السلبي القوي والفعال لوسائل الإعلام لتجسيد العنف بأنماطه السلوكية المختلفة.

هذا وإن الوقاية من انتشار جرائم القتل في المجتمع تتطلب التصدي للعوامل المؤدية إلى العنف ومعالجتها بصورة علمية، ويجب أن تتركز الجهود الوقائية على مرحلتي الطفولة والمراهقة؛ نظرًا لأن سلوك طريق الإجرام يتكون غالبيته من مرحلة الطفولة المبكرة.

وينبغي اتخاذ مجموعة من التدابير الهادفة إلى استئصال الشر من النفس البشرية، والتي تؤدي إلى إيقاظ الشعور الديني، والذي يعد الضابط الداخلي لدى كل فرد، لضبط سلوكه وفق القوانين والأنظمة المعمول بها، ويمكننا أن نوجز وسائل الوقاية في: الخوف من الله والمحافظة على عبادة الله تعالى، وإن المحافظة الدائمة على عبادة الله تعالى لها أثر فعال وسريع في تهذيب القلوب والسلوك، وهذه العبادة تربط المسلم بالله تعالى، وتلزمه بإتباع أوامره سبحانه.

لقد وضع الإسلام صورة رائعة للمجتمع المسلم المتكافل في جميع مجالات الحياة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”، والتكافل الاجتماعي بالصورة الموجودة في هذا الحديث قادر، بفضل الله تعالى، على التصدي لجميع أشكال العنف والسلوكيات المنحرفة.
كما أن الأسرة تعتبر نقطة البداية التي تتركز فيها التدابير الوقائية ضد العنف، وذلك بالعمل على استقرار وتهيئة الجو المناسب لتنشئة أسرة صالحة، فإذا ساد الحب والتفاهم والتعاون بين أفراد الأسرة، أدى ذلك إلى اجتناب العنف والانحراف. وعلى العلماء والدعاة والإعلاميين والمثقفين تبصير المسلمين بكافة الأساليب والوسائل المتاحة بأسباب القتل وعلاجها، وأثرها في القتل ظلماً، والوقاية منه.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة