مساهمة الصيرفة الإسلامية بالجزائر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية
ما زالت الصيرفة والبنوك الإسلامية في بلادنا الجزائر في مرحلة أولية تحتاج منا الدعم والتشجيع وبيان الدور الذي يمكنها القيام به في سبيل النهوض بالتنمية الاجتماعية والاقتصاد الوطني.
إن الأساس الذي يقوم عليه المصرف الإسلامي هو شرط تحريم الفائدة والالتزام في نواحي نشاطه ومعاملاته المختلفة بقواعد الشريعة الإسلامية، وبالتالي يلتزم بعدم الاستثمار أو تمويل أي أنشطة مخالفة للشريعة، والالتزام بمقاصد الشريعة في ابتغاء مصلحة المجتمع الإسلامي.
والصيرفة الإسلامية تعني أنها صيرفة لا تتعامل بالفائدة (الربا) أخذا أو إعطاء؛ فالبنك الإسلامي ينبغي أن يتلقى من العملاء نقودهم دون أي التزام أو تعهد مباشر أو غير مباشر بإعطاء عائد ثابت على ودائعهم، مع ضمان رد الأصل لهم عند الطلب، وحينما يستخدم ما لديه من موارد نقدية في أنشطة استثمارية أو تجارية، فإنه لا يقرض ولا يداين أحدًا مع اشتراط الفائدة، وإنما يقوم بتمويل للنشاط على أساس المشاركة فيما يتحقق من ربح، وإذا تحققت خسارة فإنه يتحملها مع أصحاب النشاط الذين قام بتمويلهم.
والمؤسسات المصرفية الإسلامية من حيث إنها تتعامل بالمشاركة فهي أكثر قدرة على تجميع الأرصدة النقدية القابلة للاستثمار، وأكثر قدرة على توزيع المتاح من الموارد النقدية على أفضل الاستخدامات لأغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأنها بتوزيع الموارد المالية على أسس الإنتاجية والكفاءة الاقتصادية، تسهم بشكل مباشر في توزيع الدخل القومي على نحو عادل خلال عملية التنمية هذه وقضية عدالة التنمية الاقتصادية لا تبالي بها المؤسسة المصرفية الربوية، إنها تشجع السلوك الايجابي الدافع لعملية التنمية على عكس المؤسسة المصرفية الربوية.
للمصارف الإسلامية خاصية تنموية (المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية) بحكم طبيعتها؛ لأن معظم تمويلها مقدم لإنتاج سلع وخدمات جديدة أو المساعدة في تمويلها. وتركز على المشروعات الاقتصادية النافعة، ووفقا لنظام الأولويات، والتوسع في استثمار الموارد الطبيعية والاقتصادية، واستغلالها بما يخدم مصالح الأمة. بينما المصارف التقليدية فيعتمد على صيغة الائتمان ويقوم على الربا لا غير.
هذا، وتتبع الصيرفة الإسلامية أدوات وصيغ متعددة في تمويل المشروعات وإن أهم الأدوات التمويلية التي اعتمدت عليها والتي يمكن لها خدمة أهداف التنمية بشكل كبير إذا أحسن تطبيقها واستغلالها هي:
1- المرابحة: فقد اعتمدت البنوك الإسلامية على صيغة المرابحة للآمر بالشراء في معظم تمويلها لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة منذ قيامها إلى الآن.
2- الإجارة المنتهية بالتمليك والمشاركة المتناقصة: ولهما دور في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي أصبحت محل اهتمام عالمي لدورها المتوقع في التنمية بشقيها الاقتصادي والبشري.
3- عقد الاستصناع: وهو أحد العقود الجائزة شرعا، التي يمكن استخدامها في الأعمال المصرفية الإسلامية، ويمكن عن طريقه المساهمة بشكل فاعل في تنمية المشروعات الصغيرة والصغرى التي تعمل في مجال الصناعة.
4- بيع السلم: عقد السلم أو السلَف على عكس البيع الآجل، حيث يعني دفع ثمن السلعة عاجلا للبائع وتسلم المشتري لها منه آجلا، ولا خلاف بين الفقهاء على جواز بيع السلم على أن تحدد مواصفات السلعة المسلم فيها بدقة.
5- عقد المضاربة: وهذا العقد يعد من أكثر العقود أهمية للنشاط الاقتصادي الذي يعتمد على المشاركة في الربح والخسارة، فعن طريق هذا العقد يمكن تمويل مشروعات إنتاجية على مستويات حجم مختلفة، ولقد اعتمدت البنوك الإسلامية منذ قيامها إلى الآن على هذا العقد من جهة تعبئة الأموال القابلة للاستثمار، وذلك بعد أن تم تطويره إلى ما يسمى بالمضاربة المختلطة أو الجماعية حتى يتلاءم مع الأعداد الكبيرة من العملاء.
ولكي تنجح الصيرفة الإسلامية في الجزائر في دورها الإنمائي لا بد من توافر مناخ عام فيه جهد من الجميع، يبذل لإحياء العمل بمبادئ الشريعة الإسلامية، مناخ فيه نضج تدريجي من حيث التعرف على الثقافة الإسلامية ووعي بعقيدتها، خاصة في مجال الرزق، وفيه مساعدة من الجهات التشريعية ومن البنك المركزي لمن يسعون لنشر الصيرفة الإسلامية التي تأخرت كثيرا عن مثيلاتها من الدول العربية والإسلامية الأخرى، ومناخ فيه مؤسسات تعليمية وتدريبية تمد البنوك الإسلامية بحاجتها من الكفاءات البشرية.
يمكن للتمويل المصرفي الإسلامي أن يؤدي دورا مهما في التنمية الاقتصادية وخاصة أن غالبية أفراد المجتمع يفضلون التعامل في الأموال بالحلال فهو حاجةً للمجتمع، ورمزاً تتقبله وتنفعل وتتفاعل معه، وهذا يقوي قدرتها على جلب الأموال وجمع الودائع، خاصة من الذين كانوا يتورعون من قبل عن التعامل مع المصارف الربوية. ولهذا، فاعتماد المصرفية التنموية والتشاركية الإسلامية بدل التقليدية كفيل بتحقيق التنمية وازدهار المجتمع، يقول الله عز وجل: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ).
اسلاميات 13 نوفمبر 2022 (منذ يوم واحد) الدكتور عبد الحقّ حميش
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.