فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3354.32
إعلانات


الاستقلال الثاني

ما حدث يوم 28 أكتوبر 1962، يعدُّ استكمالا لاسترجاع السّيادة الوطنية، عندما بادر ثلة من المجاهدين الصّحفيين إلى تحمّل مسؤوليتهم التّاريخية واستلموا مسؤولية إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون رغم قلة الإمكانات البشرية، فقد استطاع 24 تقنيا جزائريا تشغيل مؤسسة كبرى كانت القوة الضّاربة لفرنسا الاستعمارية، وظلت رمزا للاستعمار الفرنسي حتى بعد استقلال الجزائر.

لم يكن من الحكمة استلام هذه المؤسسة الكبيرة منذ أول يوم استقلّت فيه الجزائر، بل واصلت الإدارة الفرنسية ومعها الطواقم الصّحفية والتقنية الفرنسية عملها تحت مسمّى استمرار التّعاون التقني، وكان على الجزائريين العاملين في هذه المؤسسة على قلتهم تحضير أنفسهم لليوم الذي تصبح فيه مؤسسة جزائرية خالصة.

يقول المجاهد عبد القادر نور إنّه عندما توجَّه إلى مقر الإذاعة والتلفزيون وشاهد العلم الفرنسي يرفرف فوق البناية ومعه قوة أمنية فرنسية تراجع عن الدخول، لأنه اعتقد أنه يدخل السفارة الفرنسية في الجزائر، لكن المجاهد الصحفي عيسى مسعودي صاحب الصوت الجهوري الذي ألِفه الجزائريون خلال الثورة عبر أمواج الإذاعة السرية استقبله وقال له “يا نور بعثونا مراقبين فقط وسط الفرنسيين”!

صحيحٌ أن المجموعة القليلة التي دخلت الإذاعة والتلفزيون كانت في الظاهر لمراقبة المحتوى الإعلامي الذي يتم إعدادُه وبثه من قبل الفرنسيين، لكن مَهمَّة المجموعة كانت مهمة ثورية بالأساس، وهي بسط السيادة الوطنية على مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وتم استلام رئاسة التحرير في البداية إذ تولى عبد القادر نور إدارة فريق التحرير، فيما تم التحضير للسيطرة على المراكز الستة التابعة للمؤسسة بعيدا عن الموظفين الفرنسيين الذين كانوا يعتقدون أن تسيير هذه المؤسسة واستمرار الإنتاج والبث لن يكون بدونهم.

كانت لحظاتٍ ثورية عندما نظّمت المجموعة الجزائرية اجتماعا بعيدا عن أعين الفرنسيين وخطب فيهم المجاهد عيسى مسعودي قائلا “مازالت دماء إخواننا لم تجفّ بعد في القرى والجبال وفي مدن الجزائر، وفي كل بقعة من هذه الأرض الطيبة المعطاءة، ولذلك لا بد من وضع اليد في اليد”، وكانت تلك إشارة الانطلاق لتحرير الإذاعة والتلفزيون، وبعد توزيع التقنيين الجزائريين على مراكز البث الستة، تم تكليف المجاهد عبد العزيز شكيري بإنزال العلم الفرنسي.

كانت الصّدمة كبيرة لدى الفرنسيين وهم يشاهدون علم بلادهم يهوي من دون رغبة منهم، ولأجل إفشال عملية الانتقال كان الانسحاب الجماعي على أمل أن يتوقف كل شيء بعد رحيلهم، بل إن البعض منهم حاول سرقة بعض قطع الغيار، لكن المجموعة الجزائرية انتبهت للأمر وفتّشت الجميع عند مغادرتهم في مشاهد مُهينة لهم، ورُفع التحدي وواصلت الإذاعة والتلفزيون عملهما بكفاءات جزائرية وبرامج وطنية.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة