فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3354.32
إعلانات


أهمية العلم والعلماء في حياة الأمم والشعوب

إنّ العلم سراج يخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور، ومن الضّلالة إلى الهداية، ومن الحيرة إلى الرّشد، والعلم شرط لنهضة الحضارات والأمم، من خلال استغلال الثّروات الطبيعية وتثمينها، والعلم مكّننا من معرفة مكوّنات وأجزاء الذّرّة وما دونها، وكذلك الخلية ومكوّناتها ونظامها، وبفضل العلم تمّ اختراع التلسكوب الّذي مكّن من فهم أكثر للكون والتّعرّف على المجرّات ونجومها وتحديد أبعادها ومميزاتها. وفي مجال الطّاقة، تمّ اكتشاف النّفط والغاز اللّذان يعدّان من أهم مصادر الطّاقة، والعلم في مجال الطب ساعد الإنسانية في التّغلّب على أمراض كانت تفتك بالشّعوب والأمم.



سهّل العلم التّواصل الإنساني وتبادل المعلومة من خلال الوسائل الحديثة كالهاتف والإنترنت فغدا العالم كالقرية الصغيرة، وكذلك التكنولوجيا سهّلت تدوين العلم وتدويله عن طريق المطابع والمواقع الالكترونية، فهذه الأمور إن دلّت على شيء فإنّما تدلّ على أهمية ومكانة العلم والعلماء في نهضة الشّعوب والأمم وتسهيل حياة الإنسان..

وللأسف، فإنّ الشّعوب المسلمة اهتمَّت بأعراض من الدّنيا لا تُسمِن ولا تُغنِي من جوع، وتركت العلم يمحى من أهدافه؛ فوقعت في مستنقع الرّذيلة والجهل؛ فوصلوا إلى مرحلة متأخّرة يصعب العودة منها إلّا بنور العلم.

وإنّ للإسلام موقفًا رائعًا من العلم، يتجلّى ذلك في حثّه على العلم النّافع، والتّرغيب في تحصيله، وما ورد في النّصوص من الثّناء على العلماء، ووعدهم الرّفعة والأجر، وما جاء في الإرشاد إلى سبل تحصيله، والتّحذير من التّعلّم لغير وجه الله تعالى وذمّ مَن لا يعمل به. لهذا أمر الله نبيَّه صلّى الله عليه وسلّم أن يقول: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}.

وقد اهتمّ ديننا الحنيف بالعلم أعظم اهتمام، يقول الله عزّ وجلّ في أوّل ما نزل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، وقال: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}.

ومن مزية العلم أنّ الله عزّ وجلّ أثْنى على العلماء فقال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}، فقصر خشيته على العلماء حيث أنّ الإنسان كلّما ازداد علمًا بعظمة الله عزّ وجلّ ومدى إحاطته بخلقه وقدرته عليهم وعظيم سلطانه، في مقابل عجز وضعف البشر وقلّة حيلتهم فهذه الأمور تزيد من خشية المولى عزّ وجلّ وتعظيمه. وقرن الله عزّ وجلّ شهادته وشهادة ملائكته بشهادة العلماء فقال: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ}.

وجاء في الحديث النّبويّ أنّ العلماء ورثة الأنبياء ورثة صفوة البشر في العلم، فيا لها من مفخرة ومكرمة، ومن فضائل العلم أنّ الكائنات تستغفر لمعلّم النّاس الخير حتّى النّملة في جحرها والحوت في البحر كما جاء في الحديث، والعلم يفضّل على المال حيث أنّ المال ينقص بالإنفاق والعلم يزيد بالإنفاق، والمال يحتاج صاحبه إلى حراسته، على عكس العلم يحرس صاحبه من الجهل والخرافات والمهالك.

لقد اهتمّ الإسلام بالعلم اهتمامًا بالغًا، لأنّه من المصالح الضّروريّة الّتي تقوم عليها حياة الأمّة، وبه تُبنَى حضارتها، فلا يمكن أن تُبنى حضارةٌ دون أن يكون أحد أركانها العلم، فبالعلم تتقدّم الأمم والمجتمعات، وإنّ النّاظر في تاريخ الأمّة لَيلاحِظ أنّ رقيّها كان مرتبطًا بالعلم ارتباطًا وثيقًا، فبالعلم يحصل التّطوير للصّناعة والزّراعة والطّبّ وغير ذلك من التّخصّصات الّتي يحتاجها المجتمع، وإنّ طلب العلم لا يتوقّف عند العلوم الشّرعيّة فحسب، بل إنّ المجتمعات تحتاج إلى كلّ علمٍ نافعٍ في جميع المجالات الّتي فيها مصلحةٌ للبشريّة؛ كالطّبّ والهندسة ونحوها، فها هو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأمر زيد بن ثابت رضي الله عنه بتعلّم اللّغة السّريانيّة للحاجة إليها، قال زيد بن ثابت: أَمَرَنِي رسول الله فتَعَلَّمْتُ له كتاب يهود، وقال: “إِنِّي وَاللهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي” فَتَعَلَّمْتُهُ، فلم يَمُرَّ بِي إِلَّا نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى حَذَقْتُهُ. ولقد مدح الله داود وسليمان عليهما السّلام بالعلم فقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا}.

والتّعليم رسالةٌ عظيمةٌ تقلّدها الأنبياء، وورثها العلماء، وقام بها الصّلحاء، فطوبى لمَن عرف حقّها، وأدّاها على الوجه المطلوب الّذي يرضي ربّ الأرض والسّماء، فبالتّعليم حقوقٌ وواجباتٌ وأماناتٌ، أشفقت من حملها الأرض والسّماوات، وخافت منها الجبال الرّاسيات، ولكنْ حملها المعلّمون والمعلّمات، حملوها على ظهورهم، ووضعوها في رقابهم، فطوبى للمخلصين المجدّين، وويلٌ للمستخفّين المضيّعين، قال: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ}.

كمْ نحن اليوم بحاجةٍ إلى العلم النّافع الّذي نَبني به حضارتنا، ونبلغ به مجدنا، ونقضي على داء الجهل الّذي ما انتشر في أمّةٍ إلّا تهدّم بنيانها، وتزعزعت أركانها، وحلّ بها الخراب.

اسلاميات 25 سبتمبر 2022 (منذ 13 ساعة) الدكتور عبد الحقّ حميش


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة