العِلمُ قوّة** محمد الهادي الحسني/ 2022/09/21
العِلمُ قوّة
نسيتُ اسمَ صاحب هذه المقولة الصائبة، ذات الحكمة البالغة، ومهما يكن قائلُها، فهي كلمة حقّ، إذ أن العلمَ قوّة حقيقية، سواء كان قوّة مادية أو “قوّة ناعمة”، وأكبرُ الأدلة على ذلك هذا الدينُ الإسلامي القيّم، وكتابُه الأقوم، ورسوله الأعظم.
لقد أعلى اللهُ –عزّ وجلّ- مكانة العلم، وأغلى قيمتَه، ولا أدلّ على ذلك من تسمية الله –ذي القوة المتين، الذي أحاط بكلّ شيء علما- تسمية نفسه ووصفها بالعِلم.
كان أول ما أنعم به الله –عز وجلّ- على آدم –عليه السلام- بعد خلقه له أن علّمه الأسماءَ كلّها، وأسجد له –سجود تقديرٍ واعتراف- ملائكته.
كما كان أوّل ما أنزله الله –عزّ وجل- على نبيّه ورسوله –الأمِّيِّ- من هذا القرآن الكريم هو أمره –عز وجل- لرسوله –عليه الصلاة والسلام- بالقراءة في قوله تعالى: “اِقرأ باسم ربّك الذي خلق، خلق الإنسانَ من علق، اقرأ وربّك الأكرم الذي علّم بالقلم، علّم الإنسانَ ما لم يعلم…”.
وما أجمل قول الشاعر المصري أحمد شوقي في هذا الحادث:
ونودِي “اقرأ” تعالى اللهُ قائلُها
لم تتّصل قبل من قيلت له بفم
إنّ العلمَ في الإسلام ليس “حقا” يمكن النزولُ عنه تحت شتى المعاذير، بل هو واجبٌ يعاقَب على عدم تحصيله، وصدق الرسولُ المعلّم –عليه الصلاة والسلام- القائل: “طلب العلم فريضة على كلّ مسلم”، يستوي في ذلك الذُّكرانُ والنسوانُ من بني الإنسان.
لقد جاء “المسلمون” شيئا إدًّا وأمرًا “فريًّا” عندما ظلموا الإسلام، وقالوا إنه لم يأمر المرأة بالعلم، وتقوّلوا على رسول الله –عليه الصلاة والسلام- فنسبوا إليه كلاما وتقوّلوا عليه قولا ليس عليه نورُ النبوّة وهو “لا تعلّموهنّ الكتابة ولا تُسكنوهنّ الغُرف”.
وقد زعم أحدُ “العلماء” أنّ البنت لا تدرُس إلا خمس سنوات، ولو كان هذا القولُ من ربّ العالمين أو من رسوله الأمين لقلنا ما يقوله كلّ المؤمنين: “سمعنا وأطعنا”، وما كان لنا أن نشاقِقَ اللهَ –سبحانه وتعالى- أو نحادَّ رسوله –عليه الصلاة والسلام- ولكنّه الفهمُ “الأعمى” للإسلام، والإدراك “السّطحي” للفقه، و”إنّ في الفقه لفقهًا” كما يقول الإمامُ “الأفقه” محمد البشير الإبراهيمي، الذي أهدِيتْ دارٌ في مدينة المدية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، فاتخذ قرارا بجعلها “مدرسة للبنات”، وبنى مدارسَ للبنات في جيجل “مدرسة الحياة”، وفي سكيكدة “مدرسة خديجة”، وفي تلمسان “مدرسة عائشة”، كما خطّط لفتح مدرسةٍ لتخريج المعلّمات، وما حجزه عن ذلك إلا إعلان الجهاد ضدّ فرنسا الصليبية الناشرة للجهل في الجزائر.
لقد غمرني شعورٌ فيّاض بالفرح وأنا أقلّب طرْفي وأسرّحه في أشبال الجزائر وشبلاتها، وهم وهنّ متوجِّهون ومتوجّهات إلى معاقل العلم، ورياض المعرفة، ليكونوا وليكنّ جنودا وجنديات للإسلام للجزائر، التي لا يحميها من خصومها الأقربين المتحالفين مع أعدائها الأبعدين إلا هذا الدين الذي “غذاؤه العلم” كما قال الإمامُ الشهيد العربي التبسي.