شؤون تربوية سيدتي كيف تبدئين رحلتك مع الله… قبل ان تنتهي رحلتك الى الله
بدأت الحكايه عندما سألت ابنتي الصغرى: من تحبين أولا؟ …ومن تحبين أكثر؟… فأجابت دونما تردد: أحبك أنت وأبي قبل أي أحد وأكثر من أي أحد… وعلى قدر فرحتي بهذه الإجابه العفوية الصادقة بقدر الخوف الشديد الذي نبض به قلبي… هل يزاحم حبي وحب أبيها حب الله في قلبها الصغير؟!… وهل تاهت بي تربيتي لها على أن توحد الله في حبها؟!…وتحول السؤال والخوف معا باتجاه قلبي أنا… من أحب أولا ومن أحب أكثر…هنا دق ناقوس الخطر؛ وخفت أن الرحله مع الله لم تبدأ بعد في حين أن الرحلة إليه أوشكت على البدء… هو فقه البداية إذن… فقه الرحلة الأولى وزادها وعدتها وعتادها…رحلة القلب مطيتها والعمل ترجمانها والقول فيصلها وجوهرها …وقلتها كما لم أقلها من قبل…قلتها لعلي أبدأ رحلتي قبل ان تنتهي… لا إله الا الله.
كثيرا ما يغيب عنا قول ما نقوله دائما… وكثيرا ما نقول دون الاحساس بأقوالنا …من هنا البدايات إذن؛ بقلب صادق يوقظ ذلك التوحيد بالربوبيه من سباته ليتشربه القلب بأنواره ويُذكره بميثاقه على طول سلسلة البشرية الغائرة في نسيان الماضي، ثم يحيله إلى توحيد الألوهية بذلك النبض الصادق الذي يترعرع بعقد الهمة والعزيمة ويَقِّر لصدقه العمل ويترجمه؛ لتتحول الحياة في الله بصلاتها وصيامها وصدقتها وزكاتها، ومع كل هذا بصدقها؛ فالمؤمن لا يكذب كما علمنا حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم .
سيدتي الفاضلة فلتبدأ رحلة الصدق لتخرجك من الوهم الذي تحيكه لك الأيام والليالي… وما أصعب فتن الأيام والليالي… وما أطول فتن الأيام والليالي؛ تزاحمك بحلوها ومرها وتكبل قلبك بحلاوتها وخضرتها…بأحزانها وغصتها؛ لتلومك بعد ذلك أنك لم تبدئي الرحلة بعد ولكن عندما تأتي لحظة النهاية!.
سيدتي الفاضلة إن رحلتك إلى الله تبدأ بلحظة صدق تغسلين فيها قلبك وتقفين أمام مرآة صافيه ترين فيها كيانك الحقيقي بعيدا عن طلاء الوهم؛ تلمحين من خلالها مسيرتك الطاهرة فوق هذه المعمورة وأنت تبنين وتشيدين لا وأنت تفتنين وتهدمين… هذه المسيرة معطرة بعطر الطهارة لا بعطر المعصية… وعطرك خارج بيتك أكبر معصية، ونيتك في الخروج بعد ذلك الفارق بين طاعتك ومعصيتك… وإنما الأعمال بالنيات كما علمنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم…بهذا العطر الطاهر تملئين أنفاس أهل بيتك والأمة من بعدهم وتملئين أنفاسك وعطر قبرك من بعدك وبعدهم.
وهذا ما عليك سيدتي فعله؛ لأن الموقف يستدعي ذلك فالوضع خطير والمنزلق قد بدأ وتحدي تصحيح المسار أزف أوانه، وليس أمامك الوقت لتستحِّلين الأفعال الحرم وتهوين إلى الرذيلة في حين أنك المعول عليه لتُنقضي الجيل القادم من الرذيلة وتنتشلينه من جرف المعاصي ووهم الأفكار الوافدة التي تنخر عقيدته في كل لحظه من لحظات تَكَشُفها على مواقع السوشيال ميديا التي أضحت الأم والأب والمربي…
سيدتي أعي جيدا أنك قد استوعبت مسار الرحلة وقام قلبك يتوضأ ويحسن الوضوء؛ فللوضوء أحكامه، بعد أن اغتسل؛ وللغسل أحكامه…وقبل ذلك كله نوى الإيمان وللإيمان أركانه …وإنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم كما علمنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم… وبالعلم فقط تبدئين رحلتك مع الله وبه فقط تنتهي رحلتك الى الله {وقل رب زدني علما }كما قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله… وللحديث بقية وللتغيير فعل وللفعل دليل…
: 2022-08-29
د: سهام عبدالرزاق/ البصائر
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.