من منَّا لا يحبُّ الإنجاز وتحقيق أمور هامّة في حياته، ذلكم الطريق الذي قد يبدو صَعْبًا بالنسبة للبعض، ولربّما يرونه لا يُوائم شخصيَّاتهم أو أعمالهم، أو أنماط تفكيرهم! بينما هو في حققته سهل الوصول إليه، ويكون ذلك باتِّباع حِيَلٍ يسيرة، تُنشِّط الدماغ، وتجعله مرِنًا، وقابلًا للوصول إلى قمَّة الإبداع، فقط بالإصرار والمثابرة في العمل..
جميلة هي أحلامنا التي نتشبث بها ونتمكن من ترجمتها إلى حقيقة ملموسة، وجميلة هي تلك الروتوشات التي كنا نظنها تبقى قابعة في القاع، فإذا بها تطفو إلى السطح وتشكل لنا باقة من وريقات خضراء يانعة .. وجميل هو القلم الذي يعاند ويثابر رغم كل العثرات التي تعترض طريقه ويتمكن من تجاوزها وعبورها، ولا يستسلم إلى الرياح العاتية التي تأتيه من كلّ مكان، وفي كلّ وقت وحين ..
قبل أن ألج إلى قضية الكتابة، حينما عادت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في عام 2000م إلى نشاطها، بدأت العمل فيها ككاتبة في مكتب البصائر للدكتور قسوم، والأستاذ محمد الهادي الحسني، وذلك لتصفيف مواضيع جريدة البصائر، وأريد أن أفتح قوسا هنا لشبابنا وشابّاتنا، الذين لا يقبلون العمل النظيف ويأنفون منه إن كان أقل درجة من شهادتهم العلمية، أنصحهم أن لا يفعلوا ذلك، لأنهم يفوتون على أنفسهم فرصة اكتساب خبرة قد تكون مفيدة جدا لهم تؤهلهم للقيام بوظائف أهم مستقبلا، فالخبرة لا بد لها من تضحية وما كسبته مع أساتذتي الذين عملت معهم جعلني أرفع التحدي مع نفسي وأحاول جاهدة لأتشبه بهم وأضع أوّل إنتاج لي.
نعود إلى قصتي التي توجت بظهور هذا الكتاب وهي ابتدأت من لحظة إقدام الدكتور قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كرئيس تحرير لجريدة البصائر آنذاك على إدخال جملة من التعديلات على جريدة البصائر فخطر لي أن أقترح عليه استحداث نافذة تكون خاصة “بالمرأة والأسرة”، وتمنيت من أعماقي أن أديرها بقلمي، وراودني ذاك الحلم الذي تمنيته في صغري أن أكون كاتبة… فتحدثت إلى رئيس التحرير ولم يمانع، ولكن قال لي بالحرف الواحد: لابد أن أرى تصورك للصفحة قبل أن تنشر…
فقبلت التحدي، وقمت بوضع مخطط هيكلي للصفحة كما هي في مخيلتي، وبعد أن رآها الدكتور قسوم، لم يقبل بها وقال لي: أعطيك فرصة أخرى، فحاولت تقريبا أربع أو خمس مرات كانت متباعدة الزمن – حتى انتابني شيء من الفتور وقلت في نفسي الدكتور قسوم لا يريدني كاتبة على جريدة البصائر، ولكنني التزمت الصمت، وإذا بي في يوم من الأيام بعد محاولة أخرى، أعطيت للدكتور الصفحة وقلت في نفسي إذا لم تكن في المستوى المطلوب فلن أعيد المحاولة مرة أخرى إلى هذا المكان…فلما نظر إليها بعد تأمل، كانت الموافقة وكان انطباعه ممتازا…ونشر لي أول موضوع في جريدة البصائر في جانفي 2011م، وتحت عنوان (أنت القدوة).
ومن ثم بدأت تسترسل عندي أفكار وتصورات لهذه الصفحة التي عشقتها وأردتها أن تكون بستانا للمرأة والطفل والأسرة ككل، ولا أنسى كذلك الكثير من الصديقات الفضليات اللواتي تحملن معي عبئ صفحة ((المرأة والأسرة))، كنت أسعى دائما جاهدة أن أجد مقتطفات تليق للقارئة المتتبعة لنا، فكانت الأقلام الرائعة تخط وتنسج من بديع أقلامهن..
أما عن فكرة الكتاب التي لم تكن من باب الصدفة، ولكنها كانت فكرة عشتها بين أساتذة كرام أذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر الأستاذ عبد الرحمن شيبان – رحمه الله – جمع ما كتبه من مقالات قيمة ومفيدة في كتاب، كذلك بالنسبة للدكتور عبد الرزاق قسوم، كذلك الأستاذ محمد العلمي السائحي، والأستاذ محمد الهادي الحسني، فرسخت عندي هذه الفكرة والحمد لله جسدتها مع مقالاتي التي جمعتها وليست كلها بطبيعة الحال وخرج الجزء الأول منها في كتاب يحمل عنوان ((نظرات ورؤى في قضايا المرأة)).
تأسفت عن الأخطاء التي صدرت من دار النشر التي تعاملنا معها والتي جاءت في الكتاب وأولها سقوط اسم الدكتور عبد الرزاق قسوم من التصدير الذي قدمه لهذا الكتاب، والعنوان الذي غير معنى الكتاب..إلى غير ذلك من الأخطاء التي وردت داخل الكتاب وفي الفهرس…
وكنصيحة لكل من يريد أن يصل لهدفه المنشود في أي مجال كان أقول إن الإنجاز بمثابة مستقبلك المشرق، وكلما سرت فيه بخطوات ثابتة، أحسَسْتَ بنشوة الانتصار، وتَذكَّر أن غيرك يسير على النهج نفسه، فكن صاحب رُوح مغامرة، تعشق التنافُس وتتبنَّاه بكل قوة وتحدٍّ، وابْنِ نفسَكَ برويَّةٍ؛ لأن لك هدفًا في الحياة، وتسعى لأجله بما لك من قدرات وإمكانيَّات، وإياك أن تستعظم أمرا مهما كان، واعلم أنّ الإنجاز يبدأ بخطوات يسيرة، ليُصبح بناية شاهقة، بنيتها أنت بعزيمة وإصرار. واجعل نصب عينيك قول، الشاعر الحكيم أبي الطيب المتنبي:
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها
وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.