فضاءات بشار

بشار

فضاء الموروث الثقافي الشعبي

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1773.42
إعلانات


نحو تأسيس أكاديمية للإرشاد الأسري في جمعية العلماء المسلمين

أ. عتيقة نابتي/ البصائر

2022-08-24

مشروع الإرشاد الأسري هو مطلب ملح في العصر الذي نحن فيه، فهو عصر القلق وعصر التفكك، فالقلق بات ميزة الحياة اليومية وأصبح أهم مسبب لبتر العلاقات عامة ومنها العلاقات الأسرية. وعصر التفكك لأن كل شيء بات مفككا سواء الدول أو الأنظمة أو القيم وكل أفكار التفكك طالت الحياة الأسرية في كل أرجاء العالم، ولأننا مجتمع مسلم لسنا مطالبين بإصلاح هذا العطب في البيت الإسلامي فقط بل من أجل البشرية جمعاء، ألسنا أمة الخلافة والعبادة والتعمير؟ فلو أردنا أن نعرف الإرشاد الأسري من حيث كونه مصطلحا يحمل معالم المشروع الذي سنبين معالمه لاحقا، نرى بأن الإرشاد يحمل معنى الاستقامة والهداية والاسترشاد وهو طلب العون من أجل الرشد.

والأسرة جاءت بمعنى الدرع الحصينة والأسر والوثاق ولو جمعنا طرفي المصطلح فإننا يمكن أن نقول بأن الإرشاد الأسري أو العائلي هو عملية مساعدة جميع أفراد الأسرة فرادى أو جماعة لفهم متطلبات الحياة العائلية وما يتصل بها من حقوق وواجبات مُتبادلة .
فمحددات العملية الإرشادية تتمثل في النقاط الآتية :
• هو عملية مساعدة للأسرة أو أحد أفرادها لتحسين ظروفهم التواصلية خاصة عند الخلافات.
• مساعدة كل طرف لتعديل سلوكه وتطوير علاقته داخل المؤسسة الأسرية.
• مساعدة الأسرة على أداء وظائفها من خلال ممارسة الواجبات .
• تقديم المساعدة من أجل تطوير سبل الاتصال بين أفراد الأسرة من أجل الحفاظ على كيان الأسرة.
• أهمية الإرشاد الأسري: يمكن تصنيف أهمية الإرشاد الأسري وفق أربع مستويات وهي: المستوى الأول هو الفرد والمستوى الثاني هما الزوجان وذلك قبل الزواج وقبل الإنجاب والمستوى الثالث هو الأسرة والعائلة الممتدة وأما المستوى الرابع فهو المجتمع، وتكمن أهميته عموما في أنه يقوم على قيم الصلاح والإصلاح من خلال الفرد ومساعدته ومرافقته على الاستقامة، وإصلاح الحياة الزوجية بين الزوجين بعد مرافقتها قبل الزواج وبعده وحتى عند الانجاب ومن توفير القاعدة الأساس للمجتمع الصالح من خلال فرد صالح نشأ داخل أسرة تتسم بالصلاح وتكون ليكون أسرة منتجة للفرد الصالح ذلك لأن الأسرة هي الأمة الصغيرة.
الأهداف العامة للإرشاد الأسري:
والهدف العام للإرشاد الأسري يتماشى مع مفردات الحاجة للتوجيه والإرشاد والتي يمكن أن نجملها في نقاط محددة يمكن إيجازها كما يلي:
• أولا الحاجة للإرشاد عند مراحل الانتقال التي يعيشها الإنسان من الطفولة إلى الرشد وما تحتاجه كل مرحلة من إصلاح ومتابعة ومرافقة في غياب دور الأسرة الممتدة فالمرشد هنا يقوم بدور الموجه والمرافق.
• حاجة الأسرة في أداء وظيفتها الأولى وهي الحفاظ على النوع الإنساني بالتزاوج إذ تبدأ عملية الإرشاد الأسري بالتأهيل الزواجي وهذا بإعداد المقبلين على الزواج من أجل الوصول إلى التوافق الزواجي والذي به تتمكن الأسرة من أداء وظيفتها في بناء الفرد فيكون الهدف العام للإرشاد الأسري هنا هو رسم خارطة الطريق للمقبلين على الزواج حتى يحصل الاختيار الموفق ولا تكون إلا إذا انطلق كل طرف للتدريب على كيفية إدارة شؤون حياته الجديدة بتحقيق التوافق الزواجي الذي يحقق القدرة على مواجهة الضغوط والأزمات وبناء الثقة المتبادلة، فمشروع تكوين أسرة هو مشروع اجتماعي رئيسي وحيوي يترتب عليه نجاح المجتمع وذلك بضمان إمداد المجتمع بأجيال صالحة متوافقة وصفات وخصائص بناء الفرد، خاصة مع انتشار الإرهاب والبطالة والجهل والاغتصاب والأمراض الجنسية والالحاد فيصبح معها الزواج معادلة صعبة، ومشروع الإرشاد الأسري هو صمام الأمان لإنشاء أسرة متوازنة قادرة على مواجهة هذه الحروب على القيم والعقيدة.
الأهداف الخاصة للإرشاد الأسري:
يمكن حصر الأهداف الخاصة لمشروع الإرشاد الأسري بأن يحقق مفهوم الصلاح والإصلاح بتحقيق الأهداف التالية:
1. التربية الصحية والنفسية والروحية والاجتماعية للأولاد في نظام الأسرة.
2. التنشئة الاجتماعية الصحيحة أي إدماج الفرد في محيطه الأسري والاجتماعي بتنمية شخصيته، وتدريبه على التأقلم بالعادات والتقاليد وتطبيق الشعائر الدينية وتلبية الحاجات الاساسية للفرد وتعليمه كيف يسعى إلى تلبيتها بذاته وضبط العلاقات الإنسانية داخل الأسرة بين الأبناء والآباء وبين باقي أفراد الأسرة .
3. ومن الأهداف الخاصة للإرشاد الأسري علاج المشكلات والاضطرابات ومنها مشكلات المراهقة والطفولة وذوي القدرات الخاصة وكبار السن من أفراد الأسرة .
4. تحقيق التوافق الأسري وقد قال الله تعالى :
﴿وَمنْ آياته أَنْ خَلَقَ لَكُمْ منْ أَنْفُسكمْ أَزْواجاﹰ لتَسْكُنوُا إليْها وَجَعَلَ بَيْنَكمْ مَوَدّة ﹰوَرَحْمَة﴾ الروم (الآية 21) بتوفير الجو الأسري الملائم لكل أفراد الأسرة ليقوم بمسؤولياته بتبادل الحقوق والواجبات.
5. تحصين الأسرة من الانهيار وذلك بسبب نقص النضج الانفعالي والقصور في فهم أسس تربية الأبناء، وسوء استعمال سلطة الوالدية وعدم القدرة على التواصل .
6. تحقيق معايير الصحة الأسرية بتدريب الأسرة على تحسين أدائها في فهم الانفعالات والقدرة على التعبير عنها بحرية ودون خوف .
7. تكوين العاطفة الإيمانية لدى الأسرة عموما لتخطي المشكلات .
8. تحقيق التوافق النفسي الذاتي للفرد من خلال التقبل الذاتي وإشباع الرغبات النفسية والإحساس بالرضا والتكيف مع المحيط والمرحلة العمرية التي يمر بها الشخص.
9. التكيف الأسري بإقامة علاقات طيبة بين أفراد الأسرة وحسن التواصل فيما بينهم خاصة إذا كان أحد الأفراد يعاني من إعاقة أو مرض أو شيخوخة ونحو ذلك.
10. نشر الوعي القيمي بين أفراد الأسرة عن طريق دورات وورشات التدريب ومخيمات أسرية لتقوية القيم الأسرية وتحقيق التوازن والانسجام بينهم.
تأسيس أكاديمية الإرشاد الأسري في جمعية العلماء المسلمين :
لماذا جمعية العلماء المسلمين ؟ لأنها الأكثر كفاءة لتحقيق هذا المشروع وهي الأنسب لأن مشروع جمعية العلماء منذ نشأتها في بدايات القرن الماضي قامت على فكرة الصلاح والإصلاح، وكان ومازال هدفها الأسمى هو الفرد والوعاء الذي يحتضنه وهو الأسرة والأسلوب المتبع في عملية الإصلاح هو الإرشاد والتوجيه ومع متطلبات العصر ماذا لو جعلنا لمشروع الصلاح أسلوبا أكثر عصرنة وتقنيات حديثة بضوابط علمية شرعية .
الورقة التقنية للأكاديمية
هي مؤسسة لتأهيل الفرد والأسرة، تشمل الجانب التعليمي النظري والتكوين والتدريب، وفق مفردات علمية تدريبية بأهداف مسطرة ورؤية واضحة وفي مدة زمنية محددة، سواء كان التكوين موجها للفرد أو للمجموعة من أجل تحقيق أهم محطة وهي تكوين مختصين في مجال الإرشاد الأسري للقيام بعملية الإرشاد وتوعية الفرد والأسرة قبل التكوين وبعد التكوين ومرافقتهما في حل المشكلات والأزمات وخلق التوافق داخل الأسرة .
ويمكن أن نوضح الأمر كما يلي :
تكوين مختصين في الإرشاد الأسري وفق ضوابط علمية شرعية تتماشى مع رسالة الجمعية الإصلاحية .
فتح مكاتب إرشاد تكون باسم أكاديمية الإرشاد يقوم عملها على تقديم التوجيه والاستشارات للأفراد وللأسرة ومتابعة الحالات الخاصة وتكوين المقبلين على الزواج وهذا بعد ضبط العملية الإرشادية فتقوم بعمل الوسيط ربما حتى لدى المحاكم .

تقوم العملية الإرشادية في الاكاديمية على اختصاصات إرشادية والتي نحصرها في نقاط محددة
1.مجال مرحلة بناء الأسرة:
وهي مرحلة البناء والتكوين وفيها يكون مجال الإرشاد موجها لكيفية الاستعداد للزواج وتكوين الأسرة حيث يتناول المرشد الأسري عملية تأهيل المقبلين على الزواج ومرافقتهم حتى بعد الانجاب برسم خطوات مشروع العمر.
2. مجال تفعيل العلاقة بين الزوجين بعد البناء:
وهي مرحلة يمر من خلالها نمو الزواج بمراحل حيث تبدأ العلاقة الزوجية الفعلية من خلال أداء الواجبات والحقوق والتي تقوم على المعاشرة بالمعروف وبناء المودة الزوجية ومراتبها وتفعيل أسبابها.
3. , مجال الوالدية :
في مرحلة الوالدية وتطور العلاقات الأسرية وتشابكها بالحقوق والواجبات وهذا المجال يحدد لنا ، طبيعة التواصل بين الوالدين والأبناء فيكون دور المرشد هو تعليم الآباء والأمهات على أداء دورهم في الوالدية من أجل تنشئة سليمة للطفل .
4. مجال الأزمات السلوكية والانفعالية الأسرية:
ينمو الزواج كما تنمو الشخصية لدى الإنسان ويمر بمراحل ومع كل مرحلة قد تظهر معيقات نفسية اجتماعية مادية يحتاج فيها الزوجان والأسرة عموما إلى مرافق ومرشد والتي تتسبب فيها مشكلات تحتاج إلى توجيه حتى لا تتفاقم ومنها مشكلات الطلاق والخلع، الترمل والإهمال العائلي، ومشاكل الشيخوخة والصحة النفسية لكبار السن وللمعاقين والمشكلات السلوكية للأطفال والمراهقين ومرافقتهم في الحفاظ إما بمشاريع إرشادية أو التوجيه، ومشكل تداخل الأدوار بين الزوجين في ظل استقلالية المرأة بالإنفاق على نفسها وتقويم مفهوم الطاعة والقوامة، إضافة إلى مشكلات العنوسة وتأخر الزواج عند الشباب والاختلالات الزواجية والأزمات الأسرية عامة كلها تحتاج إلى مرافقة.
العمل على توسيع العملية الإرشادية من خلال المخيمات والورشات والدورات والتكوين الموجه واستغلال الإعلام بإنتاج حصص ذات محتوى إرشادي .
وللتنويه فقد خصصت جمعية العلماء المسلمين في أحد أعدادها للجامعة الصيفية البحث في إمكانية إطلاق مشروع الإرشاد الأسري في مكاتب وشعب الجمعية.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين .


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة