يا نار كوني برداً وسلاماً على جزائرنا
يا نار كوني برداً وسلاماً على جزائرنا
نعزي الجزائر الحبيبة، رئيسا وحكومة وشعبا، ونقف مع شعبنا الجزائري الحبيب، في مصابهم الجلل، سائلين الله جل شأنه أن يتغمد الشهداء برحمته وإنا لله وإنا إليه راجعون، رحل شهداء الجزائر الحبيبة، وفارقونا، لكن الفراق هو جرح في القلب، هو الألم والغصّة لابتعاد أشخاص نحبهم، اعتدنا على وجودهم، رسمنا طريقنا معا وبنينا أحلامنا، ولكن بلحظة انتهى كل هذا، غادروا بعد أن فرقتهم الأيام عن أحببتهم، غادروا وبقي ألم وحزن في قلوبنا، فما أصعب الفراق وما أشد عذابه.
يا أحبتنا يا شهداء الجزائر ستبقون في العين والقلب، وستبقى معكم الروح وسيبقى حبنا لكم، ممتد بين السطور ووسط الحروف وسيبقى شوقنا دائماً كبيراً ونحن نعيش ذكرياتكم،، معكم كنا أكثر بريقا، أكثر حنانا، معكم كان الصفاء والنقاء، همساتكم وأرواحكم، معكم كانت للحياة نكهة أخرى.
غابت شموسكم عن سمائنا، بغيابكم، أصبح الكون كلّه ظلامٌ دامس، أصبح الكون كله من دون أيّ ألوان وملامح أو أصوات، لم يعد سوى صدى أصواتكم يرنّ في أذننا.
لم نعد نرى سوى صورة وجهكم الجميلة، ونظرات عيونكم، فما أقسى الوداع.
يا أحبتنا يا شهداءنا بعد فراقكم أصبح كل شيءٍ بطيئا، أصبحت الدّقائق والسّاعات حارقة، وأصبحنا نكتوي في ثوانيها. في غيابكم عرفنا الشوق، وعشنا الوحدة والحرمان، وفي حضوركم أدركنا معنى الحياة، ونثرنا البسمة في كل مكان، علمتمونا الطهارة والتضحية والفداء.
كنّا معا دائما نتقاسم الأفراح والأحزان، كنّا دائما نحاول أن نسرق من أيّامنا لحظاتٍ جميلة، نحاول أن تكون هذه الّلحظات طويلة، نحاول أن نحقّق سعادةً وحبّا دائمين، حاولنا دائما أن نبقى معا لآخر العمر، لكن لم يخطر ببالنا أنّ الّلقاء لا يدوم، وأنّ القضاء والقدر هو سيّد الموقف، وأنّه ليس بيدنا حيلة أمام تصاريف القدر وتقلّباته.
يا شهداءنا… تركتمونا وغادرتم وها نحن نسترجع ذكرياتكم الجميلة والّلحظات الحلوة التي جمعتنا معا، كم بكينا، لكن علّمنا هذا الزّمان أنّ الحياة ليست إلّا مجموعة صور. ساعاتنا في الفراق، وكـم يمضِـي الفِـرَاقُ بِـلا لِقَـاءٍ ولَكِنْ لا لِقاءَ بِلا فِرَاقِ. الفراق حزن كلهيب الشّمس يبخّر الذّكريات من القلب ليسمو بها إلى عليائها، فتجيبه العيون بنثر مائها؛ لتطفئ لهيب الذّكريات. الفراق صعب جداً لكن الأصعب من الفراق نفسه هو عندما يكون هذا الفراق حلا نسعى إليه ونمشي نحوه مرغمين، لأنه لا يوجد حل وراحة لنا إلّا بكم. الفراق نارٌ ليس لها حدود، لا يشعر به إلّا من اكتوى بناره.
قمة العذاب أنك تشتاق لشخص وقد غادر ولن تراه، ودعناكم بدموع عيوننا، وقلوبنا تصرخ الفراق لسانه الدّموع، وحديثه الصمت، ونظره يجوب السّماء. دماغك من المُستحيل أن ينسى شخصا كنت تُحبه وتعتبره سببا لسعادتك في الحياة يوما ما.
تعجز الحروف عن وصف الفراق، هل للوداع مكان أم أنه سفينة بلا شراع؟ يا ليت الزّمان يعود، والّلقاء يبقى للأبد، ولكن مهما مضينا من سنين سيبقى الموت هو الأنين، وستبقى الذّكريات قاموسا تتردّد عليه لمسات الوداع والفراق، والوداع والموت هو البقاء. نحتاجهم، نشعر بضيق يخنق أرواحنا، نهمس في داخلنا بعمق اشتقنا لهم، خشية أن تعلو صوت لهفتنا، فيجرحنا صدودهم ويكون الكبرياء هنا هو سيد الموقف. كيف لي أن أُخفى لَهفّة ملامِحي واشتياقي حِين نتذكركم، عند فراقكم، نجعل عيوننا تقرأ الكلام، سنجعل وداعكم لوحة من المشاعر، الجميلة والطاهرة لرسمها، النسيان صعب جداً ولكن الأصعب منه حين ينساك من يعيش بذاكرتك ويحتلها. ما أصعب أن تبكي بلا دموع، وما أصعب أن تذهب بلا رجوع، وما أصعب أن تشعر بضيق، الألم صعب جدا ولكن الأصعب هو أن لا تجد من يقاسمك هذا الألم ويخفف عنك قسوته.
وإذا فرّقتنا الأيّام، فلا تتذكّر، إلا بكلّ إحساسٍ صادق، ولا تتحدّث عنه إلّا بكلّ ما هو رائعٌ ونبيل، فقد أعطانا الله قلوبا، وأعطانا حبكم، من يعيد لنا الحياة والابتسامة؟ من قلوبنا الجريحة، نتألم لهذا المصاب الجلل ونعلن للكون كله أن فلسطين تقف مع توأمة روحها الجزائر الحبيبة.
بقلم : جلال نشوان
2022/08/19