ما ينبغي أن يعلمه المقبلون على الزواج حول العلاقات قبل وأثناء وبعد الْخِطْبَة وفي الفترة ما بين العقد الشرعي والدخول.
الزواج قسمة ونصيب، وهو قرار خطير، واختيار صعب، وقد تساهل الفتيان والفتيات في العلاقات فيما بينهم أثناء الخطبة وبعد العقد وقبل الدخول، وتجاوزوا حدود الشرع والعرف.
والْخِطْبَةُ مرحلة تروٍّ وتبيُّنٍ، وهي ليست عقدا شرعيا بل هي وعد بالزواج وليست زواجا.
وقد أجازت الشريعة أن ينظر الخاطبان إلى بعضهما، والحديث بينهما مع مراعاة الضوابط الشرعية من الالتزام بالحجاب وتجنب الخلوة والخضوع بالقول، ومنعت مس المخطوبة أو الخلوة بها، أو لقاءها بانفراد؛ أو الذهاب معاً إلى الأماكن العامة لأنها ما تزال أجنبية عن الخاطب ولأنه لا يؤمن من الخلوة الوقوع في المحظور، فيؤثر ذلك على سمعة المخطوبة عند العدول عن الخطبة.
وإذا تمت الموافقة والمواءمة بين الخاطبين انتقلا إلى المرحلة الموالية وهي عقد النكاح الذي سماه القرآن ميثاقا غليظا.
وينبغي للعاقدين أن يعرفا حكم المداعبة والعلاقة الجنسية الكاملة في الفترة بين العقد وقبل الدخول.
وقد رتب الشرع أحكاما خاصة في الفترة بين العقد الشرعي المستوفي أركانه وبين الدخول، منها: أن العقد على البنات يحرم الأمهات، وأن الدخول بالأمهات يحرم البنات، ومنها عدم وجوب العدة في حال الطلاق قبل الدخول والمسيس، ومنها أن الطلاق قبل الدخول بائن ولا يملك مراجعتها إلا بعقد ومهر جديدين، ومنها أنه إن طلقها قبل الدخول لزمه نصف المهر… وهذه الأحكام وغيرها مما نطق به القرآن، وجاءت به السنة.
ومنها يفهم أن الفترة ما بين العقد الشرعي والدخول لها أحكامها، والدخول يسبق بحفل الزفاف، وإعلان النكاح وضرب الدفوف.
وعقد النكاح الصحيح تترتب عليه آثار كثيرة منها: حل الاستمتاع، والمعاشرة، والتوارث، وثبوت النسب، ووجوب النفقة على الزوج، وحسن المعاشرة، والقوامة…
ونعني بالمعاشرة الخلطة والسكنى تحت سقف واحد والحياة معاً، ونعني بالاستمتاع التلذذ البدني والنفسي لكل من الزوجين بالآخر.
والذي درج عليه المسلمون في بلادنا وفي غيرها أن الاستمتاع بالزوجة لا يكون إلا بعد الـدخول بالزوجة وحفل الزفاف.
والمتعارف عليه أن المعقود عليها تظل بكرا إلى يوم زفافها، فإن مات عنها زوجها أو فارقها قبل الدخول والمسمى بيوم الزفاف، كان المعلوم عنها بقاؤها على بكارتها، فإن تقدم لها آخر، تقدم لها على هذا العلم وبهذا الشرط، بل إن العرف يعد من جامع قبل الدخول أنه قد وقع في المحظور.
والعادة محكمة، والعرف يعمل به، والشرع يردنا إلى العرف، والمعروف ما تعارف الناس عليه، وقد تعارف الناس أن البنت قبل الزفاف ما تزال بنت فلان ولا يقال عنها زوجة فلان إلا بعد الدخول.
والاستمتاع بالمعقود عليها قبل الدخول أمرٌ غير محمود للمرأة ويؤثر على زواجها مرة أخرى في حال طلاقها أو وفاة زوجها، وقد لا تتزوج من جراء هذه التبعة، فلذلك كان للولي أن يحتاط لنفسه وابنته فيمنع من الاستمتاع بابنته قبل حفل الزفاف.
ويستأنس لهذا بقوله تعالي: {وعاشروهن بالمعروف} إذ كيف يكون قد عاشرها بالمعروف وهو قد جلب لها وله ولأهلها العار والشنار، والألسنة تلوك سيرته وسيرة ابنته.
ومن القواعد الفقهية: المعروف عرفا كالمشروط شرطا، وأن المسلمين عند شروطهم: لو أن رجلا عقد لابنته على رجل فقال الأب زوجتك ابنتي فلانة على أن لا تجامعـها قبل الدخول، فقال الزوج: قبلت، فهذا شرط صحيح لازم، كما يقول الفقهاء ويلزم الزوج الوفاء به، وكذا لو تعارف الناس على هذا فيكون ما تعارفوا عليه كأنه شرط شرطوه على الزوج، وعندنا جرى العرف على أن ذلك غير مباح، فيحرم على الزوج فعله، وعدم ذكر الأب (الولي) له في العقد للعلم به بداهة .
والخلوة بالمعقود عليها قبل الدخول تفضي للجماع أو لمقدماته دون علم الأهل وشهود الناس هذا الدخول، وهذا فيه ضرر على المرأة وأهلها.
والعرف السائد السليم يرى أن تؤجل العلاقة الجنسية إلى ليلة الزفاف تحسبًا لما يترتب على ذلك من آثار قد تفاجئ الزوجين العاقدين لنكاحهم.
وقد تعير المرأة، وتمس في شرفها إذا وضعت حملها قبل أن تنتقل إلى بيت الزوجية، أو بعد أن انتقلت إلى بيته بفترة وجيزة، وهذا مخالف لما تعارف عليه المسلمون في مجتمعاتهم منذ عصر الرسالة إلى يومنا هذا.
والتهاون في اعتبار هذا العرف جر ويجر ويلات ونتائج مؤسفة في بلدنا والكثير من بلاد المسلمين… والأمر لا يخص الحدود الشرعية فقط، بل يمس العرف والسمعة والشرف وهي أمور يحرص عليها المسلم أيما حرص.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.