فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1760.36
إعلانات


التّوجيهات الإسلامية في التّعامل مع وسائل الاتصال الحديثة

التّعارف بين البشرِ والتّواصل بين الناس سُنّة ربانيّة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}، وقد شهِد التّعارف بين النّاسِ تطوّرًا نوعيًّا من خلال عالم التّواصلِ التقني، الّذي قرَّب البعيد، واختصر المسافات، واستثمر الزّمن، وضاعف الإنجاز، وسهَّل المشاق، ووفّر التّكاليف، فغدا التّواصل بين النّاسِ يسيرًا، وزال ما كان بينهم عسيرًا، وهذا من نِعَم الله علينا، قال تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}، وواجب النّعمة أن نشكر الله عزّ وجلّ عليها، قال سبحانه: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}، ومن شكرِها حسن استخدامها في الخيرات، واستثمارها في الطّاعات.

تعدّ مواقع التّواصل الاجتماعي بأنواعها (فايسبوك، تويتر، انستغرام، تيك توك، سناب شات، يوتيوب...)، من الوسائل الحديثة الّتي أصبحت جزءًا من الحاجات الأساسية في حياة الأفراد ولمختلف الفئات العمرية، نظرًا لما تتميّز به هذه الوسائل من خصائص تتجلّى بسهولة استخدامها وتوفّرها في الأجهزة الحديثة وقلّة تكلفتها وسرعة تداول المعلومات فيها وإيصالها إلى أكبر قدر ممكن من المتابعين والجمهور في مختلف أنحاء المعمورة، وتنوّعها من الكتابة إلى الصّورة وحتّى الفيديو، ولانتشارها بين مختلف الأوساط وجميع الفئات ممّا جعل عدم استخدامها أمرًا مستهجنًا من الآخرين.



صارت المعلومات طوع بنان الصغير والكبير والغني والفقير، وأصبح الهاتف في كلّ يد لا يكاد يتخلّف عن اقتنائه أحد. وقد تطوّر جهاز الهاتف من أداة اتصال إلى أداة متعدّدة الوظائف تقوم باتصالات متعدّدة الوجوه، ويدخل المرء من خلالها إلى عالم الشّبكة الرّحيب، إلى جانب استخدامها في التّصوير والكتابة والتّخزين وجدولة المهام والمواعيد والتّنبيه عند حلول موعدها، إلى غير ذلك ممّا هو معروف أو سيجِدُّ في المستقبل.

وقد حصلت بسبب الاستخدام السّيئ لهذه الوسائل جرائمُ، وتُهَمٌ، وخِصَامٌ وشقاق وفراق، وظهر في أروقة القوانين والمحاكم نوع جديد من الجرائم يطلق عليها الجرائم الإلكترونية.

ولضعف دور رقابة الدولة وكذلك الأسرة ممّا يجعلنا نعوّل بشكل أساسي على الوازع الدّيني الذّاتي للمستخدم فهو خير رقيب لمَن يختلي بهاتفه الّذي يعدّ نافذة واسعة لعالم مفتوح فيه معلومات عن كلّ شيء، ومن باب المسؤولية الدّينية كان واجبًا علينا أن نبيّن لمستخدمي مواقع التّواصل الاجتماعي أهمّ الضّوابط الشّرعية المتعلّقة بهذا الاستخدام.

وللتّعاملِ مع هذه التّقنيات آداب وأخلاقيات وضوابط، أهمّها: أن ينوِي المسلم الاستعانة بها على الطّاعات، وقضاء الحاجات، قال رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم: “إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ”؛ فهنيئًا لمن أخلص النّية وابتعد عنِ الأذية في استخدام وسائلِ التّقنيةِ، فإنّ الأذى ينافي الدِّين، ويصل بصاحبه إلى البهتان المبينِ، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}، فإيّاك يا عبد الله أن تؤذي المؤمنين في تَتَبُّعِ العورات، ونشرِ الشّائعات عبر هذه الوسائط، لأنّ ذلك يتنافى مع الأخلاقِ الفاضلة، والمروءة النّبيلة، فكم هدم هذا السّلوك من أسرة مستقرّة، وكان سببًا في التّفريقِ بين الأزواجِ، والطّعنِ في أعراضِ الأبرياء.

ومن ضوابط التّعاملِ مع التّقنيات الحديثة الاحتراز من الأفكارِ الهدامة، والأخبارِ الكاذبة، والأوهام الفاسدة، الّتي تبُثّها بعض المواقعِ الإلكترونية، ممّا يتنافى مع الدّينِ والأخلاقِ، والقيم والأعراف، ويؤثّر على استقرار المجتمعات، وينشر الفساد في الأرضِ، قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ}.

إنّ ثورة المعلومات والاتصالات وانتشار الإنترنت في البيوت والمؤسسات والمقاهي تعدّ ظاهرة تستحقّ الاهتمام والدّراسة لمعرفة آثارها الاجتماعية والنّفسية والسياسية والدّينية، وبخاصة التّأثيرات الّتي تتركها هذه الوسائل على الأطفال.

فكان من الضّروري توعية أفراد المجتمع بشكل عام والشّباب منهم بشكل خاص بما يمكن القيام به من خلال هذه الوسائل وتوجيههم ناحية الاستغلال الأمثل لها بما يعود عليهم وعلى مجتمعاتهم بالنّفع.

إنّ شبكات الاتصال المختلفة بما توفّره من معلومات وصور وأفلام لا يدرك عددها إلّا الله تعالى، تحمل في طيّاتها، إلى جانب أخطار المحتوى الخبيث، خطرًا كبيرًا في كثرة المعلومات وغثاثتها وضعف توثيقها، فأغلبنا إذا اعترضته مسألة أو أراد بحث أمر أو معرفة معلومة، التمس الجواب الفصل فيما تجيبه عنه محرّكات البحث في الشّبكة، ولا شكّ أنّ كثيرًا منها صادق ومفيد، ولكن هناك غثاء شديدًا ينبغي الانتباه له، والتّيقّظ عند مصادفته، لذا يجب علينا أن نتلقّى معلومات الشّبكة بالحذر والشّك، إلّا أن تكون من مواقع مأمونة مضمونة نعرف من أسسها ونطمئن لصدقه وحياده.

والموفّق مَن استغلّ هذه الوسائل في الدّعوة إلى الله، ونشر الخير والعلم النّافع، والأخلاق العالية، والقيم السّامية، والفوائد المتنوّعة، والتّحاور بالعلم والحكمة، والتّواصل النّافع بالّتي هي أحسن مع الأهل والأصحاب، وقضاء الحوائج، ونفع النّاس. وقد ورد الفضل الكبير لمَن دعا إلى الله وبَلّغ دينه بأيّ وسيلة مشروعة، قال صلّى الله عليه وسلّم: “مَنْ دَعَا إلى هُدى كان له من الأجر مثلُ أُجورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذلك من أُجورهِم شيئًا، ومن دَعَا إلى ضَلَالَةٍ كان عليه من الْإِثْمِ مِثْلُ آثام مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذلك من آثامهم شيئًا”. تعوَّذ بربّك من هذه الأربع!!

اسلاميات 7 أوت 2022 (منذ 13 ساعة) الدكتور عبد الحقّ حميش


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة