عقب إعلان الرئيس تبون رفع الأجور ومنحة البطالة الجزائريّون يتذوّقون أولى ثمرات ارتفاع سعر المحروقات
إيمان كيموش/ الشروق
2022/07/31
بتحقيق أسعار النفط والغاز أرقاما قياسية خلال السداسي الأول للسنة الجارية، بدأت بوادر الأريحية المالية تنعكس عبر قرارات تصب في صالح الجبهة الاجتماعية، متخذة من طرف أعلى السلطات في البلاد، ليجني الجزائريون بعض ثمار انتعاش المداخيل.
وأعلن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في حوار مع الصحافة الوطنية بُثّ في القنوات التلفزيونية الجزائرية سهرة الأحد، عن زيادات جديدة في الأجور ورفع منحة البطالة وعودة مشاريع السيّارات، بعد ندرة حادة في المركبات دامت 4 سنوات، مؤكدا “ما دام هناك مداخيل إضافية خلال هذه السنة، ألتزم برفع الأجور ورفع قيمة منحة البطالة، لأن الحرب التي نخوضها هدفها استرجاع الكرامة”.
ويأتي ذلك بالتزامن مع اتخاذ الحكومة جملة من الإجراءات لتخفيف الضغط عن المواطن، من خلال تقليص قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد للحفاظ على القدرة الشرائية، كما تمت مباشرة استثمارات هيكلية ظلت مجمّدة لسنوات، على غرار اتخاذ أول خطوة في مشروع منجم الحديد غار جبيلات بولاية تندوف، وتوقيع استثمارات بمليارات الدولارات لمجمع سوناطراك، والكشف عن قانون استثمار جديد من شأنه جلب مشاريع اقتصادية ضخمة خلال المرحلة المقبلة.
خبراء يطالبون بتوجيه فوري لفائض “الدوفيز” نحو الإنعاش الاقتصادي
ويتوقّع الخبراء انتعاش الصناديق الجزائرية التي شهدت منحى تنازليا بداية من شهر جويلية 2014، في أعقاب المحنة النفطية، التي أدت إلى تآكل المدّخرات، ويتعلق الأمر باحتياطي النقد الأجنبي وصندوق ضبط الإيرادات، في وقت يطالب هؤلاء بحسن استثمار العائدات الجديدة لتحقيق إنعاش اقتصادي جدي، وفق خطط مدروسة، وعدم الاكتفاء بزيادات الأجور، التي رغم أنها تصبّ في صالح القدرة الشرائية للمواطن البسيط، إلا أن ديمومتها لن تكون مضمونة في حال غياب استثمارات هيكلية وإصلاحات اقتصادية جدّية.
ويرى الخبير الاقتصادي، كمال خفاش، أن ارتفاع أسعار النفط والغاز، “لن يدوم إلى الأبد”، فالحكومة مطالبة ـ حسبه ـ اليوم، بحسن استغلال الفرصة لتحقيق إنعاش اقتصادي مبني على خطط دقيقة، واغتنام موجة ارتفاع أسعار المحروقات المترتّبة عن الحرب الروسية الأوكرانية، لإعادة بعث الاستثمارات وتحريك قطاعات استراتيجية ظلت مفرملة لسنوات، ومنح دفع للنمو الاقتصادي والمشاريع الهيكلية.
ويجزم محدّث “الشروق” بأن توقّف الحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع النمو الاقتصادي العالمي وتدخّل بارونات النفط والغاز، قد يعيد سيناريو انهيار الأسعار إلى الواجهة، لتجد السلطات الجزائرية نفسها أمام تراجع المداخيل، ولذلك فالحكومة ملزمة اليوم بحسن استغلال فرصة فقاعة أسعار الطاقة، ومداخيل “الدوفيز” الجديدة للاستثمار وتحقيق استفاقة اقتصادية، يجني الجزائريون ثمارها بعد سنوات.
وبالمقابل، ثمّن خفاش القرارات المتخذة من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بشأن زيادات الأجور، معتبرا أن مثل هذه الخطوة قد تلعب دورا هاما في تحسين القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، المتآكلة خلال السنوات الماضية، لاسيما طيلة فترة كورونا، إلا أن هذا القرار يجب أن يكون مرفقا بتحقيق نمو اقتصادي جدّي، حتى لا يلتهم التضخّم الزيادات الجديدة، عبر بذل جهود أكبر من طرف المؤسسات العمومية والخاصة لانتزاع حصص في السوق الداخلية والخارجية، وتطبيق فحوى قانون الاستثمار المنتظر صدوره قريبا في الجريدة الرسمية، واستغلال الموارد الإضافية بعقلانية، مع استئناف مشروع انتقائية الدعم، الذي يشرّعه قانون المالية للسنة الجارية، دون التراجع عنه، وعدم إبقائه حبيس أدراج الحكومة.
من جهته، يؤكد الخبير المالي محمد حمدوش في تصريح لـ”الشروق” أن زيادة الأجور دون تدبّر ميكانيزمات جديدة لمجابهة التضخم، سيجعل هذه الزيادات تتآكل في حلقة مفرغة، داعيا إلى تقسيم عائدات النفط الإضافية بين ميزانيتي التجهيز والتسيير على حد سواء بشكل متوازن، وتحقيق النمو الاقتصادي، لعدم العودة مستقبلا إلى سياسة طبع النقود لتمويل العجز.
ودعا المتحدّث إلى الابتعاد عن السياسات السابقة التي كانت تغلب عليها إيديولوجية إدارية، حيث إن “الهامش متاح لرفع الأجور، ولكن دون إغفال ضرورة العمل والإنتاج والاستثمار وتكريس نموذج اقتصادي فعلي”، يضيف الخبير.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.