أزمة الوعي الأخلاقي في المجتمع*بقلم: إبراهيم عامري
2022/07/22
يعتبر الوعي الأخلاقي في المجتمع مرحلة أولى ومهمة من مراحل السلوك الاجتماعي الأخلاقي، وهو القدرة على رؤية المعضلة الأخلاقية، ومقدار الدور الذي يمكن لتصرفاتنا أن تؤثر فيه على الآخرين. ويظهر الوعي الأخلاقي أيضا على إدراك العناصر ذات الصلة بالحالة الاجتماعية، وبناء تفسير استنادا إلى تلك العناصر.
ويبنى الوعي الأخلاقي في المجتمع من خلال أدوات تفاعلية نفسية، وقانونية (القانونية التي تمثل ضغط العرف الاجتماعي، والقانونية التي تمثل ضغط فواعل القوى المؤثرة في المجتمع، ومنها الدولة، الدين، الوجهاء، أصحاب السلطة المعرفية).
ويرى الذين أوتوا العلم من علماء الدين وعلماء النفس التربوي والاجتماعي أن الوعي الأخلاقي ليس هدية فطرية تجود بها الطبيعة على مجتمع دون مجتمع أو فرد دون الآخر، بل هي عادة مكتسبة تحصل تحت تأثير التربية والقدوة الصالحة النابعة من الوازع الديني التربوي، وحين يدقق المجتمع في محاسبة أفراده، وحين يرفض الأفراد أنفسهم مبدأ التساهل مع الذات ومع الآخرين، هنا تأتي الصرامة الخلقية لتزيد من إحساس الأفراد بالقيم، وتساهم بخلق الإطار الاجتماعي الساند للصرامة الأخلاقية، مما يقود أفراد المجتمع إلى التمسك بالمبادئ الأخلاقية، وتنمية الوعي الخلقي لدى الأفراد أو الجماعات.
ويجمع أغلب الباحثين الاجتماعيين على أن المنظومة الأخلاقية وسط المجتمع الجزائري تعيش حالة من الانحراف غير مسبوق، حيث تحول الصدق والأمانة والالتزام بالوعود والمحافظة على السلوك العام في الشارع والأخلاق الحميدة والنهي عن المنكر… الخ، إلى قيم “قديمة” أكل عليها الدهر وشرب وهي بعيدة عن التطور والتحضر في نظر هؤلاء؟؛ أما نشر ثقافة الغش والتحايل والكذب والتزوير والخداع والسرقة والفساد والعنف… الخ، هو شر لا بد منه في هذا العصر؟
وبخصوص هذا الموضوع، تقول الدكتوره “عبلة محرز” أستاذة علم النفس بجامعة وهران 2 في هذه المداخلة، على أن مفهوم الوعي الاخلاقي هو أحد أسس التنشئة الاجتماعية والتي هي واحدة من أهم العمليات النفسية الاجتماعية التي تؤسس لصناعة الفرد، وتهدف إلى تكوينه وجعله عضوا صالحا للعيش في المجتمع، إذ يبنى الوعي الأخلاقي وينمو عبر التربية والتنشئة الاجتماعية، التي تتم عبر مؤسسات اجتماعية تربوية أولها الأسرة ثم الحضانة والمسجد فالمدرسة وباقي المؤسسات التعليمية والتربوية، وبما أن الأساس والنواة الاولى للتنشئة الاجتماعية هي الأسرة، وجب تأهيلها وتكوين ومساعدة الوالدين خاصة، من أجل أن يكونا قدوة أخلاقية لأبنائهم الذين يتعلمون مما يرون أكثر مما يستمعون، خاصة ان تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف والتربية الاسلامية كفيلة بإنماء الوعي الاخلاقي لدى النشء.
وأشارت الدكتورة “وهيبة شويرف” متخصصة في علم النفس التربوي بالمدرسة العليا للاساتذة ببوزريعة إلى أنه في ظل ما تشهده الجزائر اليوم من تحولات أصبحت رحلة البحث عن بناء الإنسان تمر عبر منعرجات وافرة المزالق، حيث أن من عوامل تفكك الأخلاق وسط المجتمع الجزائري واضطرابها، وتناقض مكوناتها ذلك الدور السلبي الذي تلعبه المنظومة التربوية في إعاقة التكوين الأخلاقي والعلمي والفكري والديني للفرد الجزائري.
يمكن الجزم بقوة على أن هناك علاقة توتر ظاهرة بين الديموقراطية والبنية الثقافية والاجتماعية للمجتمع الجزائري، ولابد من إعادة النظر في سلوك الفرد وإعادة تصحيح مسار اتجاهات ولنبدأ بأطفالنا وشبابنا، ومحاولة غرس فيهم القيم والمبادئ الأخلاقية الحميدة حتى تترسخ في أذهانهم وتصبح ثقافة الاخلاق لا تزول بزوال العلماء والمختصين ورجال الدين والحكماء من القوم… الخ، وذلك من خلال التربية والتعليم في الصغر، فالنقش على الصخر لا يمكن أن يزول حتى أمام تقلبات الطبيعة وتعرياتها.
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.