فلسطين: المشهد الذي لا يغيب
فلسطين: المشهد الذي لا يغيب
المطور أرسل بريدا إلكترونياالأثنين 15 شوال 1443? 16-5-2022مآخر تحديث: الأثنين 15 شوال 1443? 16-5-202
أ. عبد القادر قلاتي/
فلسطين لن تغيب أبدًا عن المشهد، مهما ابتعدنا وتخلَّينا عنها، هي الأصل الأصيل في صراعنا مع المشروع الاستعماري الغربي، وهي المركز في إطار هذا الصراع الكبير، ومهما حاولنا تجاهل هذه الحقيقة وتجاوزها، إلاّ وكانت -فلسطين الحبيبة – بثقلها التاريخي والجغرافي والسياسي والثقافي وأحداثها اليومية تعيد البوصلة إلى مكانها المعهود، وتعيد تشكيل وعينا بالعصر ومكاننا فيه، كأمة وحضارة ووجود، صحيح أنّنا لم نعد نعيش -أنظمة ونخبًا وشعوبًا – على فكرة وحدة الأمة والمصير المشترك، بعد أن تمكن المشروع الاستعماري الغربي، من تقسيمنا جغرافيا وفكريا بإقناعنا بفكرة التعدد والاختلاف بين الأقطار المشكّلة لجسد الأمة الواحدة، إلاّ أنّ جذوة الحب والإحساس بالمشترك بيننا باقية صامدة، أحيانا تأخذنا تقلبات الحياة وضغوط اليومي والمعيوش، فننسى قضيتنا المركزية، ونتوه في خضمّ مشاكلنا الخاصة والمكرورة، لكن قضية فلسطين تسكن كياننا ووجداننا، وتحرّك سواكننا نحو الحق المغصوب والعدل المأمول، وتعيدنا -دائما – إلى دائرة الانتماء الحضاري المنشود.
هذه الحقيقة نقف عندها كلما تعرضت فلسطين لظلم جديد، يضاف إلى مأساة شعبها الصامد المجاهد، الذي مازال يُحيي فينا معاني الإنسانية، من إباء وحرية وكرامة، هذه المعاني الخالدة التي يزيدها الفلسطيني براعة ومقدرة على الاقناع والقبول، فتتحوّل إلى منظومة جامعة لبني الإنسان أينما كان وحيثما وجد، شرقًا وغربًا، مجسدة عدالة القضية التي يزيدها عمرها الزمني عن سبعين سنة، عاشها الإنسان الفلسطيني بكلّ ما تعنيه الماسأة من تفاصيل يومية؛ غربة داخل الأرض وظلم دائم ومستمر، وحقوق ضائعة لا يرجى نوالها إلاّ بشق الأنفس، وحياة تتوارث من جيل إلى جيل، ووعي طافح بمعاني الرجولة والكبرياء والصمود، ومازالت المأساة حاضرة في حياته بكلّ تفاصيلها المرهقة تصنع وجوده وتحافظ على تاريخه.
سيظل الفلسطيني يحفظ العهد ويبعث بالمودة بيننا، رغم ما نقابله به من جفاء ونكران وعدم اهتمام وحرص؛ لأنّه يعرف حجم قضيته، ويدرك مصيره رغم ما يخفيه هذا التجاهل والنكران، وستظل فلسطين حاضرة في مشهدنا السياسي والثقافي والحضاري، لا تزيحها كلّ التحولات التي يشهدها العالم اليوم، فهي أكبر من كلّ هذه التحولات، وأعدل من كلّ القضايا، لن تغيب فلسطين فقط؛ لأنّها حاضرة في وجداننا، ولكن أيضا لأنّها شاهدة علينا اليوم وغدًا.