مقتل الصحفية شرين أبو عاقلة: منذ عام 2000: 55 شهيدا صحفيا فلسطينيا
مقتل الصحفية شرين أبو عاقلة: منذ عام 2000: 55 شهيدا صحفيا فلسطينيا /// البصائر
إعداد: عبد القادر قلاتي/
يثبت الاحتلال الصهيوني من جديد أن استهداف الصحفيين هو منهج وسياسية مستمرة لديه، وأن هذه السياسة لا تقف عند حد الاعتداء بالضرب والاعتقال كما حدث مع جيفارة البديري، وإنمّا تصل إلى القتل كما حدث يوم الاربعاء (11/05/2022 ) مع مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة التي استهدفت خلال تغطيتها اقتحام الاحتلال لمدينة جنين من قبل قناص صهيوني على نحو متعمّد، كما أصيب منتج الجزيرة علي السمودي أيضا بالرصاص الحي.
استشهاد أبو عاقلة ليس الانتهاك الوحيد من طرف الصهاينة، فقد تواصلت الانتهاكات الصهيونية من اعتقالات وقتل وعرقلة في الأحداث الميدانية التي يغطيها الصحفيون على الأرض خلال الاجتياحات في الضفة الغربية، والحروب على القطاع، والاقتحامات في الأقصى، والانتفاضات السابقة، وحتى في الفعاليات السلمية الأسبوعية في المناطق المهددة.
وكان المركز الفلسطيني للحريات والتنمية «مدى» قد وثق خلال عام 2021 ما يزيد على 368 انتهاكا، من بينها 155 انتهاكا مباشرا بين إصابات وقتل، حيث استشهد 3 صحفيين خلال العدوان على القطاع هم: محمد شاهين، وعبد الحميد الكولك، ويوسف محمد أبو حسين.
وفي العام الماضي أيضا قصف الاحتلال 33 مقرا صحفيا في قطاع غزة خلال العدوان، منها ما دُمّر تدميرا كليا.
ومع بداية العام وثق المركز في متابعته الشهرية 100 انتهاك ضد الصحفيين، معظمها خلال شهر أفريل الماضي وتركزت ضدّ الصحفيين في القدس المحتلة ومخيم جنين، خلال تغطيتهم الأحداث.
وقال مدير مكتب الجزيرة في فلسطين وليد العمري خلال مؤتمر صحفي في نابلس يوم الأربعاء بعد مقتل الصحفية شرين أبو عاقلة إنّ الاحتلال قتل 55 صحفيا فلسطينيا خلال قيامهم بعملهم الصحفي منذ انتفاضة الأقصى عام 2000.
ويقبع في سجون الاحتلال، حسب نادي الأسير الفلسطيني، 16 صحفيا، من بينهم الصحفي محمود عيسى المعتقل منذ عام 1993، والصحفية بشرى الطويل من مدينة البيرة التي اعتقلت خلال السنوات الماضية 6 مرات، معظمها إداريا.
وفي بيان إدانة لمركز «مدى» إن: «إمعان قوات الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب مزيد من الجرائم والاعتداءات الجسيمة بحق الصحفيين الفلسطينيين ووسائل الإعلام الفلسطينية يؤكد أن الهدف الأساس من وراء ذلك هو حجب جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني عن الرأي العام العالمي».
وحسب بيان «مدى»، فإنّ إفلات مرتكبي جميع هذه الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحفيين ووسائل الإعلام في فلسطين هو الذي يشجع الاحتلال على ارتكاب مزيد منها، مطالبا بملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة.
وقال عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين عمر نزال إنّ استهداف الصحفيين الفلسطينيين مستمر وهو مغطى من قبل المستوى السياسي الإسرائيلي، وما يدلل على ذلك تصريحات عضو الكنيست بن غفير بأنه يؤيد إطلاق النار على كل صحفي يعيق عمل الجنود، وصحفيو الجزيرة يعيقون عملهم، حسب قوله.
وتابع نزال «قتل الزميلة أبو عاقلة جريمة مكتملة الأركان، يجب استغلالها لتقديم المسؤولين عنها إلى محاكم الجرائم الدولية، من خلال الفيديوهات الواضحة وشهادات الزملاء التي أكدت أنها قتلت بدم بارد».
استهداف شيرين أبو عاقلة سبّب صدمة للصحفيين بخاصة الذين عملوا معها على مدى سنوات في الميدان، وكل منهم يفكر أنه كان من الممكن أن يكون مكانها.
الصحفي خالد بدير الذي رافقها في التغطية خلال الأيام الأربعة الماضية التي كانت تغطي فيها الأحداث في جنين لا يزال يشعر بالصدمة
وتحدث بدير عن الاعتداءات والعراقيل التي يضعها الاحتلال أمام الصحفيين، قائلاً: إنّ هذه الاعتداءات تزيد في مناطق المواجهات الأسبوعية وجنين، حيث يستفرد الاحتلال بالصحفيين، ويضع أمامهم الحواجز العسكرية، ويمنعهم من التغطية، ويجبرهم على إخلاء أماكنهم، فضلا عن انتهاكات المستوطنين التي باتت تشكل عبئا إضافيا عليهم، كما حدث معه هو نفسه ومع الشهيدة أبو عاقلة قبل أسبوع عند حاجز حوارة جنوب نابلس عندما اعترضهم مستوطن وقام بتكسير الكاميرا التي يعمل بدير بها.
وفي سياق متصل انتقد الكاتب الصحفي البريطاني البارز ديفيد هيرست صمت الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا إزاء الجرائم التي ترتكبها دولة الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين، التي كان آخرها قتل مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة.
وقال هيرست في مقال له بموقع «ميدل إيست آي» (Middle East Eye) البريطاني الذي يرأس تحريره، إن شيرين أبو عاقلة مراسلة الجزيرة التي قتلها جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح يوم الأربعاء بينما كانت تغطي اقتحامه لمخيم جنين بالضفة الغربية، قد ضحت بحياتها لتطلع العالم على حقيقة ما يجري في فلسطين.
وشدّد هيرست على أن أبو عاقلة «ليست وحدها فهناك فلسطينيات شجاعات مثلها يفعلن الشيء نفسه، وما يحدث لهن وصمة عار في ضمير العالم الغربي الذي يلبس مسوح القيم الأخلاقية عندما يكون ذلك في مصلحته، ويرميها في سلة النفايات عندما لا تخدمه».
وأضاف «إنّنا موقنون من شيء واحد وهو أنّ البلدان نفسها التي رأت نفسها مدافعة عن الحق في جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا، ستلتزم الصمت التام إزاء مقتل شيرين أبو عاقلة التي بمقتلها يصل عدد الفلسطينيين الذين قتلتهم قوات الاحتلال هذا العام 58 شخصا، مثلما حدث مع من قضوا قبلها برصاص الجيش الصهيوني».
وقال هيرست إنّ الغرب يدّعي أنه يدافع عن الديمقراطية وحرية التعبير في معاركه مع أعدائه، ولكنه يصمت بوقاحة عن تجاوزات حلفائه. مضيفا «ولكن اللطخة التي تنشأ عند تحويل النظر إلى الجهة الأخرى (عن تلك التجاوزات) لا تمحى ولن تزول بمرور الوقت.»
وحمّل الكاتب البارز الولايات المتحدة المسؤولية إلى جانب إسرائيل عن جريمة قتل شيرين أبو عاقلة، وقال إن جميع وزراء خارجية الولايات المتحدة، سواء أكانوا يمينيين أفظاظا أم ليبراليين، «مذنبون في مقتل أبو عاقلة تماما مثل القناص الذي كان أصبعه على الزناد.»
وأشار هيرست في مقاله إلى أن الجيش الصهيوني يرتكب جرائمه ضدّ الصحفيين بالدافع نفسه الذي يحمل الجيش الروسي في أوكرانيا أو الجيش المصري في سيناء على قمع التقارير المستقلة حول ممارساته. إذ يسعون إلى قتل أي رواية للأحداث تنافس الرواية التي يقدمونها للناس، لأنهم يدركون عدم شرعية ممارساتهم.
وأضاف «هناك حقيقة واحدة يريدون أن تظهر عن عملياتهم مثل تلك التي قاموا بها في جنين: الحقيقة التي يروونها هم. وقد كان وجود شيرين أبو عاقلة في جنين عائقا أمام ذلك، فقتلوها».
وانتقد هيرست «اندفاع السفارة الأميركية في إسرائيل بقوة لدعم رواية الجيش الصهيوني للأحداث»، حيث حاولت سلطات الاحتلال رمي مسؤولية مقتل أبو عاقلة على مقاتلين فلسطينيين، رغم اعتراف الجيش الصهيوني بأنّ جنوده كانوا يقومون بعملية في المنطقة في ذلك الوقت.
ولإثبات ذلك، نشر كل من الجيش الصهيوني والسفارة الأميركية في دولة الكيان تغريدة بمقطع فيديو لمسلحين فلسطينيين في جنين وهم يطلقون النار في أحد الأزقة، مما يوحي بمسؤوليتهم عن الحادث المفجع. لكن منظمة «بتسيلم» (B’Tselem) الصهيونية غير الحكومية زارت المكان الذي التقطت فيه تلك اللقطات وقالت إنه من المستحيل إصابة أبو عاقلة من هناك.
ويرى هيرست أن التصريحات الصادرة عن المسؤولين الصهاينة بخصوص مقتل شيرين أبو عاقلة تشي بأنّهم لا يرون في الجريمة التي حدثت مدعاة للاعتذار، وأنّ لسان حالهم يقول «حتى لو كان قناص إسرائيلي قد قتلها، فما المشكلة في إطلاق النار على الصحفيين؟».
واختتم الكاتب بأنّ دولة الكيان تؤرقها سلسلة الهجمات التي يقوم بها خلال الشهور الأخيرة جيل جديد من الشباب الفلسطيني الذي لا ينتمي لأي فصيل معين، ولا يجمعه سوى قاسم مشترك واحد هو رفض الاحتلال، وأنّ هذا الجيل الذي لا يعرف الخوف ويقف على أهبة الاستعداد لتصعيد القتال، لم يكن لديه اسم أو وجه أو أيقونة تقوده، ولكنه الآن يملك قائدا وأيقونة هي ابنة القدس شيرين أبو عاقلة التي وصفها بشهيدة القضية الفلسطينية.
المطور أرسل بريدا إلكترونياالأثنين 15 شوال 1443? 16-5-2022مآخر تحديث: الأثنين 15 شوال 1443? 16-5-