لن توافيكم بالتفاصيل!
الخميس 11 من شوال 1443 هــ 12 مايو 2022
عبدالله عبدالسلام
ما إن تصدر الحكومة الأوكرانية بيانا عن تعرض مدنيين للقتل برصاص القوات الروسية حتى يسارع الإعلام الغربى إلى بثه واتهام روسيا بارتكاب الفظائع والهمجية وقتل الأبرياء. فى حادث استشهاد شيرين أبوعاقلة مراسلة قناة الجزيرة أمس، تبرأ معظم هذا الإعلام من مبادئه ولم يراع أبسط معايير الزمالة، واختار ممارسة لعبة الحياد الكاذب.
وفى حين أن وزارة الصحة الفلسطينية قالت إن المراسلة تعرضت للقتل فى أثناء اقتحام قوات الاحتلال مدينة ومخيم جنين، وأكد شهود عيان أن إطلاق النار عليها كان متعمدا، والرصاصة أصابتها أسفل الأذن فى منطقة لا تغطيها الخوذة التى كانت ترتديها، فإن الإعلام الغربى، والإسرائيلى بالطبع، تحدثا عن مقتلها خلال تبادل لإطلاق النار، وأبرزا تلميح جيش الاحتلال لاحتمال أن يكون فلسطينيون أطلقوا النار عليها. وكأن إسرائيل لم تهاجم الصحفيين من قبل، وكأن العالم نسى تدمير برج سكنى يضم مقار وسائل إعلام عالمية فى غزة قبل عام بالضبط.
لذا تبدو تغريدة وزير الخارجية الإسرائيلى لابيد من أنه يجب حماية الصحفيين فى مناطق النزاع، كما لو كانت تتحدث عن دولة أخرى وجيش احتلال آخر. إخفاء الحقيقة والتستر على جرائم الاحتلال والمستوطنين، كان ولايزال الهدف الأهم لإسرائيل. وكم من تحقيقات جرت بعد مهاجمة الصحفيين ومقار عملهم، ولم تسفر عن شىء. إنها للاستهلاك الإعلامى ولتهدئة غضب الإعلام الذى سرعان ما ينسى ويلتزم بالقيود الإسرائيلية المفروضة عليه.
ليس جديدا ولا مفاجئا، انحياز الإعلام الغربى لإسرائيل. دراسات أكاديمية لا حصر لها أكدت ذلك وبالأدلة، لكن التعامل مع استشهاد مراسلة تليفزيونية بهذا الشكل الذى يكاد يبرئ المجرم ويلصق التهمة بضحايا يتعرضون للقصف والقتل، يشير إلى أن إسرائيل أصبحت خطا أحمر للإعلام الغربى مهما خرقت القوانين والأعراف الدولية.
آخر رسالة للصحفية الراحلة إلى غرفة أخبار قناتها: «سأوافيكم بتفاصيل الخبر بعد قليل». لم يمهلها الاحتلال. تكفل هو بوضع نهاية دائمة لحياتها، وعلى الأغلب، فإن تفاصيل لماذا تعرضت للقتل لن تتكشف مطلقا، وسينساها العالم كما نسى صحفيين قتلوا من قبل بنفس الطريقة وبأيدى نفس الجناة.