القدس تعرف ليلة من ليالي القدر…
القدس تعرف ليلة من ليالي القدر…
محمد سليم قلالة
2022/04/16
يبقى الأمل الفلسطيني قائما في تحرير الإنسان والتاريخ والأرض، خلافا لِما يُرَوِّج له المهرولون نحو التطبيع، المبشرون بأن الزمن اليوم هو الزمن الإسرائيلي وخسر مَن لم يلتحق به… بل تأكد اليوم بعد انتفاضة جيل ما بعد أوسلو أن هذا الأمل هو الحقيقة الوحيدة الثابتة منذ احتلال الصهاينة لفلسطين…
لم تتوقف المقاومة جيلا بعد جيل، ولن تتوقف حتى النصر بإذن الله، بل إنها في كل مرة تأخذ طابعا جديدا وزخما آخر لم تعرفه من قبل يُعيد تذكير المغتصبين بوهم وجودهم، وبحقيقة الجريمة التي ارتكبوها في أرض فلسطين الطاهرة، جريمة التهويد القسري ومحاولة طمس معالم كل تاريخ وحضارة ودين سماوي آخر غير ايديولوجيتهم الصهيونية العنصرية القائمة على عقيدة الاستعلاء والنفي التام للآخرين…
ولعل ما يجري هذه الأيام في كامل التراب الفلسطيني لدليل آخر على كون المقاومة في فلسطين ليست ظاهرة مؤقتة ولا ردة فعل في زمن محدود إنما هي اتجاه ثقيل من الاتجاهات العظمى القادرة وحدها على صناعة المستقبل. وهذا الاتجاه لن تفلح جميع محاولات الاحتلال في تغيير مساره مهما كانت الوسائل المستخدمة ومهما ازدادت جرائم القتل والترويع والسجن والاعتقال الإداري والحصار والتجويع وأخيرا محاولات تدنيس المسجد الأقصى والاعتداء على المؤمنين القائمين المتعبدين به في خشوع وسكون …
لقد عرفت مدينة القدس في هذا الشهر الفضيل أياما مشهودات تَوَّجَت روح المقاومة التي تجلت في أكثر من حي وقرية ومدينة فلسطينية، وعاشت ليلة الاعتداء على المؤمنين المعتكفين في المسجد.. ليلة من ليالي القدر.. وهي خير من ألف شهر، ستتعزز بعدها صفوف أصحاب الحق ضد الظالمين وتُعلن بداية تحقيق النصر المبين..
لقد بدأت موازين القوى تتبدل في العالم اليوم تبدلا نوعيا، وبات العصر الأمريكي الصهيوني الغربي يعرف القهقرى وقد خرجت عن طوعه روسيا وأشهرت السلاح، وغدا ستخرج الصين وتُشهر السلاح، وبعد غد ستتحرر من هيمنته معظم الشعوب الإفريقية والآسيوية التي استعبدها لقرون بعد أن تُدرك حقيقة قوتها وتتجاوز نقاط الخلاف التي بينها… وفي ظل هذا التحول الاستراتيجي الكبير ستأخذ المقاومة في فلسطين بعدا آخر وستتحول تحولا نوعيا لم تعرفه منذ انطلاقتها. وهذا الذي ينبغي أن نتمسك به ونُبَشِّر به كافة المستضعفين في سجون الاحتلال وكافة المهجرين قسرا من ديارهم، بل ونُبشر به كافة الشعوب المقهورة، بأن الزمن القادم سيكون زمنها، وليس زمن الحلف الصهيوني الأمريكي الغربي الذي بات يتأكد انهياره يوما بعد يوم…