لاشك أن الجهاز الهضمي الذي يشتغل طوال العام، ويهضم ما شاء الله من الأطعمة والدهون، يحتاج إلى عطلة، وشيء من الراحة، وترك الطعام والشراب لمدة محدودة، هي مدة يوم شرعي، يمتد من طلوع الفجر إلى المغرب.
وحكمة الصيام في صحة هذا الجهاز من الناحية البيولوجية وإعطاء فرصة للمعدة لتستريح من عمليات الهضم، وطحن الأطعمة.
ومن الناحية الروحية أيضا الامساك عن الشهوات والاستهلاك، والاتجاه إلى عبادة الله تعالى ورقة معاملة الناس، والبعد عن النزاع، والمراء، والجدال، ومن محاسن رمضان الاعتكاف في أواخره، والتفرغ لعبادة الله، رجاء عفوه، ومغفرته لما يرتكبه الانسان من معاص، وأخطاء في حق الله تعالى، مما لا يخلو الانسان من اكتسابه إذ لا عصمة له، وقد تغلبه نفسه أحيانا، فيتجه إلى التوبة، واللجوء إلى رحمة الله ورضوانه، والاستغفار المطلوب في مثل هذه الحالات التي يرتكب فيها الانسان بعض المخالفات لأوامر الله ونواهيه، فالنفس قد تأمر بالسوء إذ هي وصفها الله تعالى بأنها «أمارة بالسوء».
إذا رجعنا إلى واقع المسلمين في شهر رمضان فإننا نجدهم إلا من رحم ربك يخالفون المقصد من الصوم، والحكمة منه، إذا يتهافتون على شراء أكثر ما يمكن من مواد الاستهلاك وجمع ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين نهارا والاعتكاف على استهلاكها ليلا، وقد يصاب بعض الناس بالتخمة، والأمراض بسبب ذلك الاستهلاك من ألوان الأطعمة والأشربة والحلويات وما إلى ذلك من السكريات والغازات.
ومعنى هذا أن هذا السلوك مضاد تمام التضاد للحكمة من الصيام ماديا، ومعنويا، وقد تُرتكب ديون يعاني منها رب البيت، وقد يعجز عن سدادها، وربما أدى هذا الاستهلاك والتهافت على الشهوات إلى الغلاء، واختفاء بعض المواد من السوق، وترى أمام الدكاكين والأسواق صفوفا من الناس طويلة للحصول على بعض ما يرغبون فيه، وقد يتركون أعمالهم، ووظائفهم من أجل البحث عما يريدون، ويحدث خلل في أداء الأعمال الإدارية، وغيرها من الأشغال في الدولة، وغير الدولة من الأعمال.
ثم ينبغي أن نشير إلى عادة أخرى مخلة بحكمة الصوم وهي النوم بالنهار، والسهر بالليل وتؤدي قلة النوم إلى اضطراب في الصحة إلى خلل في العمل، وخلل في صيانه المركبات وهذا يؤدي إلى حدوث أخطاء الطريق وخلل في المرور.
بالإضافة إلى هذا تحدث تشجنات، وعنف وإثارة الأعصاب، وربما أدى ذلك إلى معارك، وشجار لأقل الأسباب، بسبب نقص النوم، وتعب الأعصاب التي لم تأخذ حظها من الراحة ليلا.
نعلم من تاريخ الإسلام أن المسلمين يكونون في رمضان أكثر حرصا على إنجاز الأعمال، وكانوا ينتصرون في معارك وحروب جهادية في شهر رمضان، ويبذلون أقصى ما يمكن من الجهد في العمل، وبذل أقل ما يمكن من الجهد فمتى نرجع إلى حكمة الصوم والعمل من أجل تقليل الاستهلاك وتجميع الشهوات لتعويض ما فات في النهار ليلا؟
السبت 8 رمضان 1443? 9-4-2022م
أ د. عمار طالبي/
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.