أ د محمد الهادي الحسني// الجزء الثاني والأخير مقارنة عسكرية أوّلية بين جيش التحرير الوطني والجيش الفرنسي
الجزء الثاني والأخير
مقارنة عسكرية أوّلية بين جيش التحرير الوطني والجيش الفرنسي
محمد الهادي الحسني
2022/03/22
مقارنة عسكرية أوّلية بين جيش التحرير الوطني والجيش الفرنسي
تطرّقنا في الجزء الأول من هذا المقال، إلى تهافت المقولات التي لا يخجل بعض الفرنسيين، وحتى بعض الجزائريين، من ترديدها، وهي أنّ دوغول هو الذي منّ على الجزائر بالاستقلال، وأنّ فرنسا اختارت المفاوضات مع جبهة التحرير عمدا لإيجاد مخرج سلمي للأزمة الجزائرية. وقد سردنا تصريحا لدوغول نفسه يتحدّث فيه عن مدى ضراوة الثورة التحريرية وغرقِ فرنسا في المستنقع الجزائري، فضلا عن تصريحات أخرى لكبار المسؤولين الفرنسيين آنذاك، وفي مقدّمتهم فرانسوا ميتران وجي مولي. وفي هذا الجزء سنتطرّق إلى ما حشدته فرنسا من إمكانات عسكرية ضخمة لإجهاض الثورة وإبقاء الجزائر فرنسية، وكذا الدعم العسكري الذي وضعه الحلف الأطلسي تحت تصرّفها، لكنّ كل ذلك لم ينفع أمام إصرار الشعب الجزائري على النصر وانتزاع استقلاله مهما بلغ حجمُ التضحيات.
ثانيا: القوة البشرية:
من حيث العدد:
حشدت فرنسا في مواجهة المجاهدين الجزائريين أكبر عدد من قواتها العسكرية، وقد اعترف دوغول بأن الجزائر كانت “تحتجز جيشنا وطيراننا وأسطولنا”، وزادت على ذلك بأن مدّدت مدة الخدمة العسكرية، كما استدعت عددا كبيرا من الاحتياطي؛ ولم تكتف بذلك فسَحَبْت فِرَقَها العسكرية من وحدات الحلف الأطلسي للزج بها في الميدان الجزائري، وقد أثّر ذلك على قوة الحلف نفسه.
يشهد بذلك تصريحُ الجنرال الأمريكي راد فورد أمام لجنة الشؤون الخارجية لمجلس الشيوخ الأمريكي في 16 ماي 1956، الذي جاء فيه: “إن نقل الجيوش المرابطة في أوروبا إلى الجزائر ضَعّفَ قوى منظمة ميثاق الأطلنطي”، وما من شك في أن دوغول كان يعتصر ألما ويتلوّى حسرة وهو يعترف في مذكراته بأن عدد المجاهدين الذين كانوا يجابهون ويواجهون هذا الجيش العَرَمرَم “لم يتجاوز في أي وقت ثلاثين ألف رجل” (المذكرات ص60). وقد قارنت جريدة “فرانكفورت زيتونغ” الألمانية الغربية في عددها الصادر يوم 15 نوفمبر 1957 بين القوات المتحاربة في الجزائر، فأكّدت أن “معدل القوات المتحاربة هو ثمانمائة جندي فرنسي في مقابل مقاوم جزائري واحد”. وللّذين سيستغربون هذه النسبة أسوق هذه الأرقام عن عدد الضباط الذين كانوا يُؤَطّرون هذا الجيش ليزول استغرابُهم، وتذهب دهشتهم، وهذه الأرقام هي:
لا شكَّ أن أفراد الجيش الفرنسي كانوا أجود تدريبا من مجاهدينا، وكانوا أحسن من حيث اللياقة البدنية، فهم خرِّيجو مدارس ومراكز عسكرية ذات خبرة طويلة في التدريب والإعداد. كما أنهم كانوا في مستوى تعليمي يسمح لهم باستيعاب ما يُلَقَّن لهم من معلومات، ويمكنهم من استعمال أجهزة حديثة يتطلب استغلالها مستوى من التعليم، وهي أجهزة ومعدّات ذات تأثير كبير وفعال على الخصم، أما مجاهدونا فكان ينقصهم التدريبُ الجيد، والإعداد الحَسَن، ولم يكن مستواهم الثقافي في الغالب يسمح لهم باستعمال الأجهزة الحديثة التي يَغْنَمُونَها من عدوهم أو تأتيهم من مصادر خارجية.
ولتكون المقارنة أوضح، نضرب مثلا بالمجاهدين زيغود يوسف، وعميروش، ومحمد بوقرة الذين كانوا قادة ولايات ويحملون أرقى وأعلى رتبة عسكرية في جيش التحرير الوطني. فقد كان أوّلهم حدَّادا، وكان الثاني صائغا تقليديا، وثالثهما كان عاملا في منجم الحديد بمليانة.
فلنقارن بين هؤلاء وبين نظرائهم في الجيش الفرنسي الذين تخرجوا من مدارس الأركان، واجتازوا مختلف الرتب العسكرية، واكتسبوا خبرات قتالية في معارك الحرب العالمية الثانية، ومعارك الهند الصينية، ولا بأس في هذا الإطار أن أذكر برقم أوردهُ محمد بجاوي في دراسته القيمة عن “الثورة الجزائرية والقانون” (ص82)، وهو أن “كل ضابط ثاني –أي كابتان- في جيش التحرير الوطني يقابله ثلاثة جنرالات في الجيش الفرنسي”.
ثالثا: الإمكانات المالية:
تعتمد الحروب بشكل أساسي على المجهود المالي الذي يدعم المقاتلين ويوفر لهم ما يحتاجونه، وقد توفر هذا المجهود للجيش الفرنسي، فقد شهد وزير الخارجية الأمريكي دالاس في جانفي 1958 بأن “الاقتصاد الفرنسي من أمتن الأجهزة الاقتصادية في أوروبا”، ولم تبخل القيادة السياسية الفرنسية في إمداد جيشها بما هو في حاجة إليه وزيادة، فقد كانت القيادة الفرنسية ترصد ثلاثة مليارات فرنك قديم يوميا لجيشها، وقد وصلت هذه الاعتمادات المالية في فترة إلى ثلاثين بالمائة من ميزانية فرنسا، وقد رأينا أن دوغول في سبيل توفير المال اللازم لهذا الجيش الضخم “أوقف زيادة الرواتب والأجور، وفرض رسوما إضافية على الشركات، ورفع سعر مبيع البنزين، وخفّض أو أوقف جميع الاعتمادات الممنوحة إلى كثير من مشروعات الأبنية وأعمال التجهيزات”، حتى إن هذه النفقات الضخمة كانت تؤدي بفرنسا شيئا فشيئا إلى “حافة النكبة” كما اعترف دوغول نفسه في صفحة 154 من مذكراته؛ رغم مساهمة الشعب الفرنسي مساهمة كبيرة في هذا المجهود عن طريق التبرعات (انظر صفحة 156 من مذكرات دوغول- الأمل).
أما إمكانات الثورة المالية فلم تكن تتجاوز اثني عشر مليارا من الفرنكات القديمة سنويا تسير بها شؤونها الإدارية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية، ولا نستغرب ذلك إذا عرفنا أنَّ أعلى رتبة عسكرية في الجيش وهي رتبة “عقيد” قد خُصص لها بموجب قرارات مؤتمر الصومام 5000 فرنك أي ما يعادل 50 دينارا.
رابعا: جالية فرنسية كبيرة وقوية:
كان يستوطن الجزائرَ مليون فرنسي، يتحكّمون بصورةٍ تكاد تكون مطلقة في شؤونها المالية والاقتصادية، وقد قدّم هؤلاء المستوطنون مساعداتٍ كبيرة للجيش الفرنسي، سواء من حيث الدعم المالي أو من حيث القيام بمهام أمنية في المدن جعلت الجيش يتفرغ للعمليات القتالية.
وللتدليل على قيمة هذا العنصر، أشير إلى ما أورده الجنرال دوغول في مذكراته من أن “المنظمة السرية قتلت في عام واحد اثني عشر ألفا من الجزائريين” (ص 136). وقد ذكرت جريدة المجاهد الصادرة في 01 نوفمبر 1959 أن عدد أفراد الميلشيات الفرنسية بلغ في فبراير 1957 وفي الجزائر العاصمة وحدها “خمسة عشر ألف شخص”.
خامسا: تجميع الشعب الجزائري في المحتشدات:
كان جيش التحرير يعتمد بشكل كبير في توفير حاجاته على الشعب الجزائري، وقد أدرك الفرنسيون قيمة الخدمات التي يقدِّمها أفراد الشعب إلى الجيش، من حيث تزويده بالمعلومات، ومن حيث تزويده بالمواد الغذائية، فعمدوا إلى فصل الشعب عن المجاهدين بتجميع أفراد الشعب في أماكن تحت حراسة القوات الفرنسية. وقد بدأت عملية التجميع هذه في شهر نوفمبر 1954 في بعض النواحي بالأوراس، وقد وصل عددُ هذه المحتشدات إلى 3425 محتشد عبر التراب الوطني، ضمت ما يفوق الثلاثة ملايين جزائري، فـحُرم جيشُ التحرير بذلك وفي كثير من المناطق من خدمات كبيرة.
سادسا: عزل الجزائر عن العالم الخارجي:
وتمثل هذا العزل في ذلك الحصار الشديد المحكم الذي ضربته القوات الفرنسية على الجزائر حتى لا تتسرب أي مساعدة من الخارج، وأهم عمل قامت به فرنسا في هذا الشأن هو إقامة “خط موريس” الذي انتهت منه في سبتمبر 1957، وهو خط يتراوح عرضه بين 6 و60 مترا من البحر المتوسط إلى الصحراء، زُرع ألغاما، وسُيّر فيه التيار الكهربائي، وزُوِّد بأجهزة إنذار حديثة، وشبكة أضواء قوية، وأقيمت على مسافات متقاربة منه مراكز حراسة دائمة محصَّنة، بالإضافة إلى دوريات متنقلة بواسطة الدبابات والسيارات المصفحة، وطلعات مستمرة للطيران الفرنسي، وقد كان هذا الخط رهيبا فعلا مما جعل ماكس لوجان يصرح في ثقة مطلقة “لقد أغلقنا الحدود غلقا محكما”، وقد شمل هذا الحصار المياه البحرية أيضا، فكانت القطعُ الحربية الفرنسية تجوب سواحل الجزائر، بل وتراقب حتى المياه الدولية، فتعترض أيَّ سفينة تشك فيها، مهما تكن جنسيتُها، وما أكثر البواخر التي اقتادتها البحرية الفرنسية إلى الموانئ الجزائرية لتفتيشها.
سابعا: الوسائل المادية المختلفة:
كان الجيش الفرنسي يتوفر على كل ما يحتاجه الجنديُّ في الحرب الحديثة من معدّات فردية حديثة، وأجهزة اتصال سريعة، وأسلحة دعم مؤثرة، ووسائط نقل كافية ومريحة، ومواد غذائية كانت توصل إلى الجندي الفرنسي في أصعب الأماكن وأوعرها، وأحرج الأوقات وأشدها. وتكفي الإشارة إلى ما أوردته جريدة لوموند بتاريخ 25 فبراير 1958 من أن “القوات الجوية الفرنسية تستخدم 750 طائرة و100 طائرة هيليكوبتر”، وأن هذه القوات الجوية كانت تقوم –في الفترة ذاتها- بعشرة آلاف عملية شهريا تستغرق 2000 ساعة طيران. وقد جاء في محاضرة ألقيت في المركز الطبي الفرنسي يوم 28 ماي 1957 “أن نسبة تفوق 80% من الجرحى الفرنسيين في الحرب الجزائرية يُنقلون بواسطة الطائرات العمودية”.
أما على الجانب المقابل فقد كان المجاهدون الجزائريون يفتقرون إلى كل ما كان عند خصمهم سواء من حيث السلاح الفردي، أو من حيث السلاح الجماعي، أو من حيث وسائط النقل، وأجهزة الاتِّصال، أما من حيث المواد الغذائية فما أكثر ما اعتمد مجاهدونا على الحشائش وأوراق الأشجار، وجذور النباتات، والأمثلة هنا لا يمكن حصرُها.
ثامنا: المساندة المالية والسياسية الأجنبية:
لقد تلقى الفرنسيون منذ بداية الثورة حتى آخر يوم من أيامها مساندة ومساعدة مطلقة وغير مشروطة سياسيا وعسكريا وماليا من حلفائهم؛ فعلى الصعيد العسكري سُمِحَ لفرنسا بسحب قـوّاتها من الحلف الأطلسي منذ صيف 1955، وقد اعترف جي مولي رئيس وزراء فرنسا في 17 أفريل 1956 بهذا الدعم عندما قال: “إنّ مجموع القوى الموضوعة تحت تصرُّف منظمة الحلف الأطلسي تشمل في نطاق أعمالها بلدان شمال إفريقيا، إن جميع حلفائنا أدركوا هذه الحقيقة كلَّ الإدراك، وقد تلقينا التشجيعات حول موقفنا بالجزائر من الجنرال جونتر القائد العامّ لقوات الحلف الأطلسي، ومن السفير الأمريكي بباريس المستر دوجلاس دان، ومن اللورد “اسمى” سكرتير مجلس الحلف الأوروبي، ومن السفير البريطاني السير ” كلاوين جب”. ولم يحاول حلفاء فرنسا التستر على هذه المساعدات، فقد صرّح ماكميلان رئيس الوزراء البريطاني في نوفمبر 1957 قائلا: “إننا لا نستطيع أن نترك فرنسا تغرق في هذه الباخرة، لأنها تضمّنا جميعا. ” وصرّح الجنرال الأمريكي “بايي” في 13 أفريل 1956 قائلا: “إن الولايات المتحدة الأمريكية ستقدم 300 طائرة من نوع ط6، وستين طائرة ب26”.
وتلقت فرنسا من حلفائها مساعداتٍ مالية منها المستتر المخفي، ومنها الظاهر، فقد قدمت الولايات المتحدة الأمريكية مثلا إعانة مالية لفرنسا في الفترة ما بين 1954- 1957 قيمتها 806 مليار فرنك.
أما في المحافل الدولية، فقد كانت تلك الدول بما تمثله من ثقل دبلوماسي وقوة اقتصادية، وضغط عسكري إلى جانب فرنسا دائما.
ولئن تلقت الثورة الجزائرية مساعدات مادية ومالية من الأشقاء وبعض الأصدقاء فهي لا تكاد تُذكر بما قُدِّم لفرنسا، أما المواقف السياسية المؤيدة للجزائر فهي على أهميتها لم تكن ذات تأثير قويّ لفقدان أصحابها للمراكز القوية، بل ولحاجة كثير منهم إلى تلك الدول الاستعمارية.
افتراء آخر:
ولقد تقوّل متقَوِّلون على جيش التحرير الوطني، وعلى مجاهديه فراحوا يذيعون بأن الحرب التي خاضوها ضد القوات العسكرية الفرنسية من النوع الذي لا يدل على “شجاعة” ولا يُكسب صاحبه “شرفا”، فقد كانت الحرب حرب عصابات لا تعتمد المواجهة، والنفَسَ الطويل، إذ ما يكاد الجيش الفرنسي يفيق من صدمة المفاجأة حتى يكون المجاهدون قد حققوا غرضهم وانسحبوا من الميدان مُتحرّفين لقتال آخر، أو مُتحيّزين إلى فئة مجاهدة أخرى، وهذا الإدعاء -وإن بَدَا عليه شيءٌ من المنطق –إلا أنه يسهل الرد عليه ودحضه أيضا، وذلك:
إن من يشكك في شجاعة المقاتل الجزائري يتعامى عن مواقفه في ساحات المعارك في الحربين العالميتين اللتين خرجت منهما فرنسا منتصرة بفضل بأس أولئك الجزائريين وقوتهم وشجاعتهم، وضباط فرنسا شهدوا بذلك.
إن الجيش الجزائري كان مضطرا لهذا النوع من الحرب لاختلال التوازن في الإمكانات المادية والعتاد العسكري.
إن فرنسا تعتبر أكثر الدول خبرة بهذا النوع من الحروب.
إن عمليات جيش التحرير كانت من النوع الهجومي (كمائن) (غارات) وهي عمليات تدرَج في قائمة العمليات الأصعب والأشق.
وأخيرا:
لقد قدّمت الجزائر في هذه المعركة غير المتكافئة بشريا وماديا مليونا ونصف مليون من أبنائها، نرجو الله أن يتقبَّلهم عنده بقبول حسن، وطبيعيٌّ أن هذا العدد لم يكن كل أفراده مقاتلين، إذ أن عدد المقاتلين بشهادة دوغول نفسه لم يتجاوز ثلاثين ألف رجل.
أما خسائر الجانب الآخر البشرية، فقد صرّح وزيرُ الدفاع الفرنسي أمام الجمعية الوطنية الفرنسية أنها بلغت 21753 قتيلا و31265 جريحا، و39265 مفقودا (الشرق الأوسط عدد 1159 بتاريخ 30 يناير 1982). وهي أرقام تحوم حولها الشكوك؛ إذ كيف يُعقل أن يعتبر هذا العدد الضخم مفقودا بعد عشرين سنة من انتهاء المعارك؟
وصدق الله العظيم فـ? كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ? [سورة البقرة، الآية: 249].
* ما من شك في أن دوغول كان يعتصر ألما ويتلوّى حسرة وهو يعترف في مذكراته بأن عدد المجاهدين الذين كانوا يجابهون ويواجهون هذا الجيش العَرَمرَم “لم يتجاوز في أي وقت ثلاثين ألف رجل” (المذكرات ص60). وقد قارنت جريدة “فرانكفورت زيتونغ” الألمانية الغربية في عددها الصادر يوم 15 نوفمبر 1957 بين القوات المتحاربة في الجزائر، فأكّدت أن “معدل القوات المتحاربة هو ثمانمائة جندي فرنسي في مقابل مقاوم جزائري واحد”.
* تكفي الإشارة إلى ما أوردته جريدة لوموند بتاريخ 25 فبراير 1958 من أن “القوات الجوية الفرنسية تستخدم 750 طائرة و100 طائرة هيليكوبتر”، وأن هذه القوات الجوية كانت تقوم –في الفترة ذاتها- بعشرة آلاف عملية شهريا تستغرق 2000 ساعة طيران. وقد جاء في محاضرة ألقيت في المركز الطبي الفرنسي يوم 28 ماي 1957 “أن نسبة تفوق 80% من الجرحى الفرنسيين في الحرب الجزائرية يُنقلون بواسطة الطائرات العمودية”.
* أما خسائر الجانب الآخر البشرية، فقد صرّح وزيرُ الدفاع الفرنسي أمام الجمعية الوطنية الفرنسية أنها بلغت 21753 قتيلا و31265 جريحا، و39265 مفقودا (الشرق الأوسط عدد 1159 بتاريخ 30 يناير 1982). وهي أرقام تحوم حولها الشكوك؛ إذ كيف يُعقل أن يعتبر هذا العدد الضخم مفقودا بعد عشرين سنة من انتهاء المعارك؟///
الجزء الثاني والأخير
مقارنة عسكرية أوّلية بين جيش التحرير الوطني والجيش الفرنسي
محمد الهادي الحسني
2022/03/22
مقارنة عسكرية أوّلية بين جيش التحرير الوطني والجيش الفرنسي
تطرّقنا في الجزء الأول من هذا المقال، إلى تهافت المقولات التي لا يخجل بعض الفرنسيين، وحتى بعض الجزائريين، من ترديدها، وهي أنّ دوغول هو الذي منّ على الجزائر بالاستقلال، وأنّ فرنسا اختارت المفاوضات مع جبهة التحرير عمدا لإيجاد مخرج سلمي للأزمة الجزائرية. وقد سردنا تصريحا لدوغول نفسه يتحدّث فيه عن مدى ضراوة الثورة التحريرية وغرقِ فرنسا في المستنقع الجزائري، فضلا عن تصريحات أخرى لكبار المسؤولين الفرنسيين آنذاك، وفي مقدّمتهم فرانسوا ميتران وجي مولي. وفي هذا الجزء سنتطرّق إلى ما حشدته فرنسا من إمكانات عسكرية ضخمة لإجهاض الثورة وإبقاء الجزائر فرنسية، وكذا الدعم العسكري الذي وضعه الحلف الأطلسي تحت تصرّفها، لكنّ كل ذلك لم ينفع أمام إصرار الشعب الجزائري على النصر وانتزاع استقلاله مهما بلغ حجمُ التضحيات.
ثانيا: القوة البشرية:
من حيث العدد:
حشدت فرنسا في مواجهة المجاهدين الجزائريين أكبر عدد من قواتها العسكرية، وقد اعترف دوغول بأن الجزائر كانت “تحتجز جيشنا وطيراننا وأسطولنا”، وزادت على ذلك بأن مدّدت مدة الخدمة العسكرية، كما استدعت عددا كبيرا من الاحتياطي؛ ولم تكتف بذلك فسَحَبْت فِرَقَها العسكرية من وحدات الحلف الأطلسي للزج بها في الميدان الجزائري، وقد أثّر ذلك على قوة الحلف نفسه.
يشهد بذلك تصريحُ الجنرال الأمريكي راد فورد أمام لجنة الشؤون الخارجية لمجلس الشيوخ الأمريكي في 16 ماي 1956، الذي جاء فيه: “إن نقل الجيوش المرابطة في أوروبا إلى الجزائر ضَعّفَ قوى منظمة ميثاق الأطلنطي”، وما من شك في أن دوغول كان يعتصر ألما ويتلوّى حسرة وهو يعترف في مذكراته بأن عدد المجاهدين الذين كانوا يجابهون ويواجهون هذا الجيش العَرَمرَم “لم يتجاوز في أي وقت ثلاثين ألف رجل” (المذكرات ص60). وقد قارنت جريدة “فرانكفورت زيتونغ” الألمانية الغربية في عددها الصادر يوم 15 نوفمبر 1957 بين القوات المتحاربة في الجزائر، فأكّدت أن “معدل القوات المتحاربة هو ثمانمائة جندي فرنسي في مقابل مقاوم جزائري واحد”. وللّذين سيستغربون هذه النسبة أسوق هذه الأرقام عن عدد الضباط الذين كانوا يُؤَطّرون هذا الجيش ليزول استغرابُهم، وتذهب دهشتهم، وهذه الأرقام هي:
لا شكَّ أن أفراد الجيش الفرنسي كانوا أجود تدريبا من مجاهدينا، وكانوا أحسن من حيث اللياقة البدنية، فهم خرِّيجو مدارس ومراكز عسكرية ذات خبرة طويلة في التدريب والإعداد. كما أنهم كانوا في مستوى تعليمي يسمح لهم باستيعاب ما يُلَقَّن لهم من معلومات، ويمكنهم من استعمال أجهزة حديثة يتطلب استغلالها مستوى من التعليم، وهي أجهزة ومعدّات ذات تأثير كبير وفعال على الخصم، أما مجاهدونا فكان ينقصهم التدريبُ الجيد، والإعداد الحَسَن، ولم يكن مستواهم الثقافي في الغالب يسمح لهم باستعمال الأجهزة الحديثة التي يَغْنَمُونَها من عدوهم أو تأتيهم من مصادر خارجية.
ولتكون المقارنة أوضح، نضرب مثلا بالمجاهدين زيغود يوسف، وعميروش، ومحمد بوقرة الذين كانوا قادة ولايات ويحملون أرقى وأعلى رتبة عسكرية في جيش التحرير الوطني. فقد كان أوّلهم حدَّادا، وكان الثاني صائغا تقليديا، وثالثهما كان عاملا في منجم الحديد بمليانة.
فلنقارن بين هؤلاء وبين نظرائهم في الجيش الفرنسي الذين تخرجوا من مدارس الأركان، واجتازوا مختلف الرتب العسكرية، واكتسبوا خبرات قتالية في معارك الحرب العالمية الثانية، ومعارك الهند الصينية، ولا بأس في هذا الإطار أن أذكر برقم أوردهُ محمد بجاوي في دراسته القيمة عن “الثورة الجزائرية والقانون” (ص82)، وهو أن “كل ضابط ثاني –أي كابتان- في جيش التحرير الوطني يقابله ثلاثة جنرالات في الجيش الفرنسي”.
ثالثا: الإمكانات المالية:
تعتمد الحروب بشكل أساسي على المجهود المالي الذي يدعم المقاتلين ويوفر لهم ما يحتاجونه، وقد توفر هذا المجهود للجيش الفرنسي، فقد شهد وزير الخارجية الأمريكي دالاس في جانفي 1958 بأن “الاقتصاد الفرنسي من أمتن الأجهزة الاقتصادية في أوروبا”، ولم تبخل القيادة السياسية الفرنسية في إمداد جيشها بما هو في حاجة إليه وزيادة، فقد كانت القيادة الفرنسية ترصد ثلاثة مليارات فرنك قديم يوميا لجيشها، وقد وصلت هذه الاعتمادات المالية في فترة إلى ثلاثين بالمائة من ميزانية فرنسا، وقد رأينا أن دوغول في سبيل توفير المال اللازم لهذا الجيش الضخم “أوقف زيادة الرواتب والأجور، وفرض رسوما إضافية على الشركات، ورفع سعر مبيع البنزين، وخفّض أو أوقف جميع الاعتمادات الممنوحة إلى كثير من مشروعات الأبنية وأعمال التجهيزات”، حتى إن هذه النفقات الضخمة كانت تؤدي بفرنسا شيئا فشيئا إلى “حافة النكبة” كما اعترف دوغول نفسه في صفحة 154 من مذكراته؛ رغم مساهمة الشعب الفرنسي مساهمة كبيرة في هذا المجهود عن طريق التبرعات (انظر صفحة 156 من مذكرات دوغول- الأمل).
أما إمكانات الثورة المالية فلم تكن تتجاوز اثني عشر مليارا من الفرنكات القديمة سنويا تسير بها شؤونها الإدارية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية، ولا نستغرب ذلك إذا عرفنا أنَّ أعلى رتبة عسكرية في الجيش وهي رتبة “عقيد” قد خُصص لها بموجب قرارات مؤتمر الصومام 5000 فرنك أي ما يعادل 50 دينارا.
رابعا: جالية فرنسية كبيرة وقوية:
كان يستوطن الجزائرَ مليون فرنسي، يتحكّمون بصورةٍ تكاد تكون مطلقة في شؤونها المالية والاقتصادية، وقد قدّم هؤلاء المستوطنون مساعداتٍ كبيرة للجيش الفرنسي، سواء من حيث الدعم المالي أو من حيث القيام بمهام أمنية في المدن جعلت الجيش يتفرغ للعمليات القتالية.
وللتدليل على قيمة هذا العنصر، أشير إلى ما أورده الجنرال دوغول في مذكراته من أن “المنظمة السرية قتلت في عام واحد اثني عشر ألفا من الجزائريين” (ص 136). وقد ذكرت جريدة المجاهد الصادرة في 01 نوفمبر 1959 أن عدد أفراد الميلشيات الفرنسية بلغ في فبراير 1957 وفي الجزائر العاصمة وحدها “خمسة عشر ألف شخص”.
خامسا: تجميع الشعب الجزائري في المحتشدات:
كان جيش التحرير يعتمد بشكل كبير في توفير حاجاته على الشعب الجزائري، وقد أدرك الفرنسيون قيمة الخدمات التي يقدِّمها أفراد الشعب إلى الجيش، من حيث تزويده بالمعلومات، ومن حيث تزويده بالمواد الغذائية، فعمدوا إلى فصل الشعب عن المجاهدين بتجميع أفراد الشعب في أماكن تحت حراسة القوات الفرنسية. وقد بدأت عملية التجميع هذه في شهر نوفمبر 1954 في بعض النواحي بالأوراس، وقد وصل عددُ هذه المحتشدات إلى 3425 محتشد عبر التراب الوطني، ضمت ما يفوق الثلاثة ملايين جزائري، فـحُرم جيشُ التحرير بذلك وفي كثير من المناطق من خدمات كبيرة.
سادسا: عزل الجزائر عن العالم الخارجي:
وتمثل هذا العزل في ذلك الحصار الشديد المحكم الذي ضربته القوات الفرنسية على الجزائر حتى لا تتسرب أي مساعدة من الخارج، وأهم عمل قامت به فرنسا في هذا الشأن هو إقامة “خط موريس” الذي انتهت منه في سبتمبر 1957، وهو خط يتراوح عرضه بين 6 و60 مترا من البحر المتوسط إلى الصحراء، زُرع ألغاما، وسُيّر فيه التيار الكهربائي، وزُوِّد بأجهزة إنذار حديثة، وشبكة أضواء قوية، وأقيمت على مسافات متقاربة منه مراكز حراسة دائمة محصَّنة، بالإضافة إلى دوريات متنقلة بواسطة الدبابات والسيارات المصفحة، وطلعات مستمرة للطيران الفرنسي، وقد كان هذا الخط رهيبا فعلا مما جعل ماكس لوجان يصرح في ثقة مطلقة “لقد أغلقنا الحدود غلقا محكما”، وقد شمل هذا الحصار المياه البحرية أيضا، فكانت القطعُ الحربية الفرنسية تجوب سواحل الجزائر، بل وتراقب حتى المياه الدولية، فتعترض أيَّ سفينة تشك فيها، مهما تكن جنسيتُها، وما أكثر البواخر التي اقتادتها البحرية الفرنسية إلى الموانئ الجزائرية لتفتيشها.
سابعا: الوسائل المادية المختلفة:
كان الجيش الفرنسي يتوفر على كل ما يحتاجه الجنديُّ في الحرب الحديثة من معدّات فردية حديثة، وأجهزة اتصال سريعة، وأسلحة دعم مؤثرة، ووسائط نقل كافية ومريحة، ومواد غذائية كانت توصل إلى الجندي الفرنسي في أصعب الأماكن وأوعرها، وأحرج الأوقات وأشدها. وتكفي الإشارة إلى ما أوردته جريدة لوموند بتاريخ 25 فبراير 1958 من أن “القوات الجوية الفرنسية تستخدم 750 طائرة و100 طائرة هيليكوبتر”، وأن هذه القوات الجوية كانت تقوم –في الفترة ذاتها- بعشرة آلاف عملية شهريا تستغرق 2000 ساعة طيران. وقد جاء في محاضرة ألقيت في المركز الطبي الفرنسي يوم 28 ماي 1957 “أن نسبة تفوق 80% من الجرحى الفرنسيين في الحرب الجزائرية يُنقلون بواسطة الطائرات العمودية”.
أما على الجانب المقابل فقد كان المجاهدون الجزائريون يفتقرون إلى كل ما كان عند خصمهم سواء من حيث السلاح الفردي، أو من حيث السلاح الجماعي، أو من حيث وسائط النقل، وأجهزة الاتِّصال، أما من حيث المواد الغذائية فما أكثر ما اعتمد مجاهدونا على الحشائش وأوراق الأشجار، وجذور النباتات، والأمثلة هنا لا يمكن حصرُها.
ثامنا: المساندة المالية والسياسية الأجنبية:
لقد تلقى الفرنسيون منذ بداية الثورة حتى آخر يوم من أيامها مساندة ومساعدة مطلقة وغير مشروطة سياسيا وعسكريا وماليا من حلفائهم؛ فعلى الصعيد العسكري سُمِحَ لفرنسا بسحب قـوّاتها من الحلف الأطلسي منذ صيف 1955، وقد اعترف جي مولي رئيس وزراء فرنسا في 17 أفريل 1956 بهذا الدعم عندما قال: “إنّ مجموع القوى الموضوعة تحت تصرُّف منظمة الحلف الأطلسي تشمل في نطاق أعمالها بلدان شمال إفريقيا، إن جميع حلفائنا أدركوا هذه الحقيقة كلَّ الإدراك، وقد تلقينا التشجيعات حول موقفنا بالجزائر من الجنرال جونتر القائد العامّ لقوات الحلف الأطلسي، ومن السفير الأمريكي بباريس المستر دوجلاس دان، ومن اللورد “اسمى” سكرتير مجلس الحلف الأوروبي، ومن السفير البريطاني السير ” كلاوين جب”. ولم يحاول حلفاء فرنسا التستر على هذه المساعدات، فقد صرّح ماكميلان رئيس الوزراء البريطاني في نوفمبر 1957 قائلا: “إننا لا نستطيع أن نترك فرنسا تغرق في هذه الباخرة، لأنها تضمّنا جميعا. ” وصرّح الجنرال الأمريكي “بايي” في 13 أفريل 1956 قائلا: “إن الولايات المتحدة الأمريكية ستقدم 300 طائرة من نوع ط6، وستين طائرة ب26”.
وتلقت فرنسا من حلفائها مساعداتٍ مالية منها المستتر المخفي، ومنها الظاهر، فقد قدمت الولايات المتحدة الأمريكية مثلا إعانة مالية لفرنسا في الفترة ما بين 1954- 1957 قيمتها 806 مليار فرنك.
أما في المحافل الدولية، فقد كانت تلك الدول بما تمثله من ثقل دبلوماسي وقوة اقتصادية، وضغط عسكري إلى جانب فرنسا دائما.
ولئن تلقت الثورة الجزائرية مساعدات مادية ومالية من الأشقاء وبعض الأصدقاء فهي لا تكاد تُذكر بما قُدِّم لفرنسا، أما المواقف السياسية المؤيدة للجزائر فهي على أهميتها لم تكن ذات تأثير قويّ لفقدان أصحابها للمراكز القوية، بل ولحاجة كثير منهم إلى تلك الدول الاستعمارية.
افتراء آخر:
ولقد تقوّل متقَوِّلون على جيش التحرير الوطني، وعلى مجاهديه فراحوا يذيعون بأن الحرب التي خاضوها ضد القوات العسكرية الفرنسية من النوع الذي لا يدل على “شجاعة” ولا يُكسب صاحبه “شرفا”، فقد كانت الحرب حرب عصابات لا تعتمد المواجهة، والنفَسَ الطويل، إذ ما يكاد الجيش الفرنسي يفيق من صدمة المفاجأة حتى يكون المجاهدون قد حققوا غرضهم وانسحبوا من الميدان مُتحرّفين لقتال آخر، أو مُتحيّزين إلى فئة مجاهدة أخرى، وهذا الإدعاء -وإن بَدَا عليه شيءٌ من المنطق –إلا أنه يسهل الرد عليه ودحضه أيضا، وذلك:
إن من يشكك في شجاعة المقاتل الجزائري يتعامى عن مواقفه في ساحات المعارك في الحربين العالميتين اللتين خرجت منهما فرنسا منتصرة بفضل بأس أولئك الجزائريين وقوتهم وشجاعتهم، وضباط فرنسا شهدوا بذلك.
إن الجيش الجزائري كان مضطرا لهذا النوع من الحرب لاختلال التوازن في الإمكانات المادية والعتاد العسكري.
إن فرنسا تعتبر أكثر الدول خبرة بهذا النوع من الحروب.
إن عمليات جيش التحرير كانت من النوع الهجومي (كمائن) (غارات) وهي عمليات تدرَج في قائمة العمليات الأصعب والأشق.
وأخيرا:
لقد قدّمت الجزائر في هذه المعركة غير المتكافئة بشريا وماديا مليونا ونصف مليون من أبنائها، نرجو الله أن يتقبَّلهم عنده بقبول حسن، وطبيعيٌّ أن هذا العدد لم يكن كل أفراده مقاتلين، إذ أن عدد المقاتلين بشهادة دوغول نفسه لم يتجاوز ثلاثين ألف رجل.
أما خسائر الجانب الآخر البشرية، فقد صرّح وزيرُ الدفاع الفرنسي أمام الجمعية الوطنية الفرنسية أنها بلغت 21753 قتيلا و31265 جريحا، و39265 مفقودا (الشرق الأوسط عدد 1159 بتاريخ 30 يناير 1982). وهي أرقام تحوم حولها الشكوك؛ إذ كيف يُعقل أن يعتبر هذا العدد الضخم مفقودا بعد عشرين سنة من انتهاء المعارك؟
وصدق الله العظيم فـ? كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ? [سورة البقرة، الآية: 249].
* ما من شك في أن دوغول كان يعتصر ألما ويتلوّى حسرة وهو يعترف في مذكراته بأن عدد المجاهدين الذين كانوا يجابهون ويواجهون هذا الجيش العَرَمرَم “لم يتجاوز في أي وقت ثلاثين ألف رجل” (المذكرات ص60). وقد قارنت جريدة “فرانكفورت زيتونغ” الألمانية الغربية في عددها الصادر يوم 15 نوفمبر 1957 بين القوات المتحاربة في الجزائر، فأكّدت أن “معدل القوات المتحاربة هو ثمانمائة جندي فرنسي في مقابل مقاوم جزائري واحد”.
* تكفي الإشارة إلى ما أوردته جريدة لوموند بتاريخ 25 فبراير 1958 من أن “القوات الجوية الفرنسية تستخدم 750 طائرة و100 طائرة هيليكوبتر”، وأن هذه القوات الجوية كانت تقوم –في الفترة ذاتها- بعشرة آلاف عملية شهريا تستغرق 2000 ساعة طيران. وقد جاء في محاضرة ألقيت في المركز الطبي الفرنسي يوم 28 ماي 1957 “أن نسبة تفوق 80% من الجرحى الفرنسيين في الحرب الجزائرية يُنقلون بواسطة الطائرات العمودية”.
* أما خسائر الجانب الآخر البشرية، فقد صرّح وزيرُ الدفاع الفرنسي أمام الجمعية الوطنية الفرنسية أنها بلغت 21753 قتيلا و31265 جريحا، و39265 مفقودا (الشرق الأوسط عدد 1159 بتاريخ 30 يناير 1982). وهي أرقام تحوم حولها الشكوك؛ إذ كيف يُعقل أن يعتبر هذا العدد الضخم مفقودا بعد عشرين سنة من انتهاء المعارك؟///
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.